تركي السديري

ياسلام.. على ما كتبه الدكتور من كلام..
أشعرني زين العابدين الركابي في مقالته قبل أسبوعين وكأنني دنماركي يطلع على الإسلام للوهلة الأولى.. لكثرة ما كانت معالجته دقيقة وموضوعية ومستقصية لكل شواهد شمولية القرآن..

قال: إن أهم ظاهرة جديدة تداولها الدنماركيون أثناء أعياد الميلاد السابقة هو تداول نسخ مترجمة للقرآن الكريم وأنها - أي الترجمات - تبوأت المكانة الثانية لأكثر وأفضل المبيعات انتشاراً في مجال الكتب المتخصصة في هذا النوع من العلوم..

ويستطرد الركابي في مقالته الرائعة قائلاً: إن الخبير الدنماركي في شؤون الإسلام يورغن باك ربط بين هذه الظاهرة وبين تلك الرسوم المسيئة لنبي الإسلام التي نشرت قبل ذلك في الدنمارك.. وقد لاحظ الباحث أنه لا يمكن قراءة صحيفة أو الاستماع إلى إذاعة أو رؤية فضائية إلا وكان هناك ذكر للإسلام والمسلمين.. وهذا هو سبب الرغبة في الاطلاع..

الدكتور الركابي يتناول واحداً من مجتمعات أوروبية لم تكن تعطي الأديان أهمية كبيرة بقدر ما هي تحتفي بطقوس أعيادها كمناسبات فرح أكثر مما هو الأمر عبادة.. ثم يورد آيات كثيرة.. كثيرة جداً.. يثني فيها القرآن على المسيح والسيدة مريم والإنجيل.. جعلتني قراءتها مجتمعة أشعر وكأنني أتعرف على القرآن للمرة الأولى وأفهم لحظتها معنى قوله تعالى {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}.. وليس المسلمين فقط..

بالتأكيد أن أي مسيحي تذهب إليه بالآيات التي تبجّل النبي عيسى وتحترم مريم وتعطي للإنجيل مكانة تقدير واضحة سوف يقول أنتم إذاً لستم ضدنا.. بل إنكم تتكاملون معنا.. هذا صحيح.. الدولة الإسلامية طوال تاريخها لم تخلُ من وزراء ورجال مال ورجال طب من المسيحيين واليهود.. الذي حدث أنه عندما كادت أوروبا تنسى الديانات السماوية بصفة عامة وتغرق في علمانية تامة وفي ظروف دولية صعبة أبرزت لهم دوافع مختلفة في العالم صوراً غير مشرفة عن الإسلام..

الآلاف الذين قتلوا في المركز التجاري الأمريكي ما ذنبهم؟.. ثم أليسوا هم المسيحيون الذين احترم القرآن ديانتهم؟.. وكيف جعل التطرف الإسلامي من جبال تورا بورا عاصمة جهاد ضد حضارة العصر وضد كل الأديان في واقع الأمر؟..

كيف توافق بين سماحة الإسلام الحقيقية الصريحة الصادقة في نصوص قرآنية وبين نصوص التكفير وإباحات القتل عند مشايخ التطرف في أقبية الظلام بالدول العربية حتى وصل الأمر إلى اقتتال إسلاميين في مكان واحد؟..

ترى ماذا لو أن مثقفين إسلاميين واعين عرضوا الإسلام قبل عصر الإسلام الأفغاني على العقلية الأوروبية أما كانت ستجد فيه الملاذ الروحي الذي لم يحرّف؟..