الحزب الوطني هو قوة احتكار الثروة والسلطة وليس قوة سياسية
أجهزة الأمن تلاحق الإخوان في كل مكان.. والذي يشكل ميليشيات لا يستعرضها بهذا الشكل.. وهي مسألة مبالغ فيها من جانب الحكومة

جمال عبد الناصر لم يكن أيديولوجياً ولم يكن يعرف ماذا تعني القومية العربية
نجاح أمريكا في العراق كان سيعني سقوط النظام الإيراني مباشرة
لا أستبعد ضرب إيران بقنابل نووية تكتيكية



حوار: أيمن عامر - الراية

العالم يتصارع مع الأحداث والمستجدات العالمية والعربية والاقليمية والمحلية مع تزايد الصراع العربي الاسرائيلي والوضع المأساوي في العراق وفرض العقوبات علي إيران وواكب هذه الأحداث داخلياً التعديلات الدستورية المصرية فما تأثير هذه الأحداث علي الساحة العربية والإسلامية ؟.. وماذا عن الأوضاع الداخلية في المنطقة؟ وكيف يمكن لمحاولات الاصلاح في مصر ان تكون معبراً حقيقياً إلي ما يصبو إليه المصريون انفسهم، وذلك علي الرغم من محاولات التشكيك في إمكانية الوصول الي ملتقي طرق يجمع طوائف العمل السياسي في مصر علي كلمة سواء يجيب علي تلك التساؤلات الأستاذ الدكتور حسن نافعة رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة القاهرة وأحد المحللين السياسيين الذي كان في فترة من الفترات قريباً من مناطق النفوذ وصنع القرار في السياسة المصرية ..

ما تقيمك للتعديلات الدستورية الأخيرة وهل هي مواكبة لتطلعات الإصلاح في مصر ؟

- أنا شخصياً لم اتوقع ان يتقدم الحزب الوطني بتعديلات أفضل من ذلك لكن هي في مجملها تعديلات لا تلبي علي الاطلاق مطالب المعارضة المصرية ولا تغير من بنية النظام السياسي المصري وعندما نفند هذه التعديلات الدستورية سنجدها تنقسم الي مجموعة من التعديلات المتعلقة بالنظام الاقتصادي المصري وخاصة ان دستور 71 بنصوصه الحالية يتحدث عن نظام اشتراكي ديمقراطي ويتحدث عن سيطرة الدولة علي وسائل الانتاج وعلي الدور القيادي للإطار العام وهذا كان نتيجة للتجربة الناصرية في عهدها الثوري والمطبقة للاشتراكية ومع ذلك تم تغيير هذا التوجه بالكامل منذ سياسة الانفتاح في عام 1974 وحتي الآن دون أي تعديل للدستور وهذا معناه اعتراف بأن الدستور في مصر لا قيمة له في واقع الامر بدليل ان هناك نصوصاً تتحدث عن نظام اشتراكي اقتصادي يقوده القطاع العام أقرب الي التخطيط الي آخره ومع ذلك تم التحول الي اقتصاديات السوق والنظام الرأسمالي وإلي دور رائد للقطاع الخاص وليس للقطاع العام دون تعديل للدستور، وبالتالي مجموعة التعديلات المتعلقة بالمواد ذات الصلة بالنظام الاقتصادي هي مجرد تحصيل حاصل ولن تغير من الامر شيئاً لأنها ستجعل النص الدستوري مطابقاً لما يجري علي أرض الواقع

برأيك ما هي ايجابيات التعديلات الدستورية؟

- هناك مجموعة من التغييرات المهمة لكنها محدودة لأنها غير معنية بالبنية السياسية والاساسية للنظام السياسي المصري مثلاً هناك تقليص لبعض سلطات رئيس الجمهورية وهذه التعديلات مهمة حيث لم يكن مجلس الشعب المصري يملك حق اسقاط الحكومة او سحب الثقة من الحكومة وكان هذا يتطلب اجراءات معقدة جداً منها الاستفتاء وكان معني الاستفتاء انه في نهاية الامر لن يستطيع ابداً مجلس الشعب اسقاط الحكومة او تغييرها.. فضلاً عن ان حق مجلس الشعب في تعديل الميزانية من بند الي بند لم يكن هذا متاحاً والتعديلات الحالية تتيح ذلك بالإضافة الي اعطاء فسحة أكبر من الوقت لمجلس الشعب لإعطائه فرصة متاحة لمناقشة الميزانية .. فهذه التعديلات مهمة لكن أهميتها لم تظهر في ظل البنية الحالية للنظام السياسي لأنه في واقع الامر لا فرق بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية في ظل هيمنة حزب واحد علي السلطة التشريعية لأن الحزب الوطني يحظي بأكثر من نحو 70% من مقاعد مجلس الشعب أي أغلبية الثلثين التي تمكنه من تمرير أي مشروع يريد تمريره رئيس الدولة ورئيس الدولة هو رئيس الحزب الوطني وهو الذي يعين رئيس الوزراء وليست هناك أي قيود علي رئيس الدولة في تعيين أي شخص لرئاسة الوزراء ولا يلزمه الدستور بأن يكون عضواً في الحزب الوطني او يكون له دور سياسي معين او مرموق وعادته في النظم البرلمانية رئيس الوزراء هو رئيس الحزب الذي يحصل علي الأغلبية البرلمانية النيابية لكن رئيس الحزب هو رئيس الدولة ولا يوجد انفصال بين رئاسة الحزب الحاكم ورئاسة الدولة وبالتالي كان يتعين اعادة النظر في هذه الامور كلها ووضع ضوابط علي رئيس الجمهورية عند اختياره لرئيس الوزراء ووضع الضوابط التي تمكن الاحزاب الاخري حقاًَ وفعلاً وليس كلاماً ان يكون لها اغلبية في مجلس الشعب وبالتالي هذه التعديلات المتعلقة بتقليص صلاحيات رئيس الجمهورية وتوسيع صلاحيات المجلس التشريعي كنص مهم جداً ولكن هذا النص لا يكون له تأثير علي الحياة السياسية في مصر إلا اذا كان مجلس الشعب مختلفا وكان النظام السياسي نظاما تعدديا حقيقيا ويسمح حقيقياً بأغلبية برلمانية غير الاغلبية التي يسيطر عليها رئيس الدولة وطالما ان الاغلبية التي يسيطر عليها رئيس الدولة هي نفسها فبالتالي لن يتغير شيء اذا انتقلت بعض الصلاحيات الي رئيس الوزراء وبعض الصلاحيات الأخري الي مجلس الشعب لأن الارادة النافذة في هذا الأمر في جميع الاحوال هي إرادة شخص رئيس الدولة فهو الذي يعين رئيس الوزراء وهو الذي يقيله وهو رئيس الحزب الحاكم الذي له اغلبية في المجلس التشريعي أي في البرلمان وبالتالي السلطات مركزة في يد رئيس الدولة والخيوط كلها في يد رئيس الدولة وبالتالي هذه التعديلات لن تغير شيئاً في بنية النظام السياسي.

هل توجد مطالب أخري لم تدرج في التعديل ويرجي تعديلها ؟

- هناك أيضاً مجموعة من القضايا أو المطالب لم يتم التعرض لها علي الاطلاق وهي علي سبيل المثال المادة 77 التي كانت في الأصل عند ظهور دستور عام 1971 تضع سقفا لمدد حكم الرئيس وتجعلها كحد أقصي مدتين لولايتين متتاليتين كل مدة 6 سنوات تم تغييرها في سنة 1981 قبل وفاة الرئيس السادات بشهور وأطلقت المدد بحيث أصبح لرئيس الدولة الحق في الترشيح أو اعادة الانتخاب لمدد غير محددة وصحيح ان المادة 76 غيرت طريقة اختيار رئيس الجمهورية وأصبحت بالانتخاب بدلاً من الاستفتاء لكن المادة 77 كانت أيضاً طريقة الاختيار تحدد اقصي مدة يمكثها الرئيس في السلطة.. وبما ان هذه المادة لم تمس ولم تعدل فهذا لا يمكن تفسيره إلا ان هناك أجندة خاصة لدي الرئيس لأنه حتي إذا عدلت هذه المادة لولايتين فقط فلن يسري التعديل علي رئيس الدولة الحالي الا بعد نهاية ولايته وهذه الولايه تنتهي في 2011 وبالتالي من حقه ان يترشح لولايتين آخريين مدتهما 12 سنه أي انه يستطيع ان يبقي في السلطة الي عام 2023 وهناك تعديلات تمت في الاتجاه السييء او في الاتجاه الذي لا يمكن ان نعتبره اصلاحاً بل نعتبره افساداً للحياة السياسية بشكل أو بآخر وهو ما يتعلق بإشراف السلطة القضائية علي الانتخابات حيث ان عدد القضاة في مصر محدد وعدد الافراد الناخبين باعتراف رئيس الدولة يتزايد اذن مطلوب عدد أكبر من اللجان ومع ذلك يقول الرئيس انه لابد ان تتم الانتخابات في يوم واحد وكان من المفترض لكي يدعم سيطرة السلطة القضائية علي الانتخابات بكل صناديقها وان يكون لها تواجد في جميع اللجان كان يجب ان ينص علي اشراف السلطة القضائية علي الانتخابات ابتداء من الاشراف علي جداول الانتخابات والقيد بها حتي إعلان نتيجة الانتخابات مروراً بالاشراف علي دور قوات الشرطة التي تحمي العملية الانتخابية وهذا لم يتم والمطالبة بالعودة الي نظام الانتخابات في يوم واحد سيفتح المجال واسعاً امام عمليات التزوير.. وخلاصة تحليلي الشخصي لشكل التعديلات الدستورية التي تمت انها ستبقي علي شكل النظام السياسي كما هو الآن.

ما تقييمك للحزب الوطني والأحزاب السياسية الاخري وما تعقيبك علي القيود المفروضة علي تشكيل أحزاب جديدة؟

- الحزب الوطني ليس حزباً ولكنه قوة بقوة جهاز الدولة وبالتالي قوة الحزب ليست قوة سياسية انما هي قوة بيروقراطية وقوة احتكار الثروة والسلطة.. في واقع الامر الحزب الحاكم تم انشاؤه بقرار من الرئيس وهو في السلطة.. لو كان الحزب هو الذي جاء بالرئيس الي السلطة لاحترمناه وقدرناه واعتبرناه حزبا سياسيا حقيقيا ولكن ان يأتي رئيس الدولة وهو في السلطة بحزب فهذا وضع أقرب الي المهزلة منه الي أي شيء آخر .. كان الحزب الذي يعبر عن الدولة حزب يرأسه رئيس الوزراء السيد. ممدوح سالم وكان رئيس الدولة الذي سمح بتجربة التعددية الحزبية في مصر هو الرئيس السادات وكان يعتبر نفسه حكماً بين الأحزاب وفوق الاحزاب وهذا وضع افضل بكثير .. لكن عندما تزايدت المعارضة ضد الرئيس السادات بعد الذهاب الي القدس وبعد اتفاقية كامب ديفيد قام بتشكيل الحزب وتصور ان هذا يضعف الأحزاب الاخري فقرر ان يشكل الحزب الوطني الديمقراطي برئاسته، فما الذي حدث ؟ كل الذين كانوا مع حزب الدولة ايام رئيس الوزراء ممدوح سالم ذهبوا الي حزب رئيس الدولة وتركوا الحزب الذي كان يسمي حزب مصر العربي الاشتراكي خاوياً ولا يوجد الآن حزب يسمي بهذا الاسم، اذن لماذا حدثت هذه الهرولة؟ لأن الذين يريدون الانضمام للحزب ليسوا مقتنعين بهذا الحزب ولا بأهداف الحزب ولكن هم يذهبون الي حيث رئيس الدولة..

متي نستطيع ان نقول ان الحزب الوطني حزب حقيقي ؟

- عندما تكون هناك احزاب تعبر عن الناس وعندما تكون هناك انتخابات ديمقراطية حقيقية وغير مشكوك في نزاهتها.. في هذه الحالة نستطيع ان نقول ان الحزب له وزن ، وأنا من الذين يرون ان التجربة الحزبية في مصر خرجت مشوهة فهي تجربة بيروقراطية بدأت من الدولة وليست من الشعب.

ما رأيك فيما يقال عن صراع الجبهتين داخل الحزب الوطني بين الاصلاحيين والحرس القديم والانقلابات التي تحدث داخله من حين لآخر..؟

أنا لست ممن يؤمنون بأن هناك تياراً اصلاحياً داخل الحزب الوطني هناك أفراد قد يكونون ليبراليين ولكنهم لم يستريحوا لممارسات الحزب الوطني وبالتالي اما انهم انشقوا عنه وخرجوا منه مثل د. أسامة الغزالي واما أنهم غضبوا من الحزب الوطني ثم تمت مصالحتهم مثل الدكتورة هالة مصطفي... ولكن انا لا أريد ان أبالغ في حجم هذه الظاهرة ربما يكون للدكتور اسامة الغزالي عتاب شخصي علي الحزب لأسباب شخصية وهذه الاسباب الشخصية تراكمت ثم انفجرت بمناسبة تعديل المادة 76، واستخدمها د . أسامة بذكاء لينفصل عن الحزب.

ما تقييمك لتجميد عدد من الأحزاب السياسية ورفض القضاء ظهور احزاب جديدة مؤخرا؟؟

- هذا السؤال لا يحتاج الي تعليق فهو تأكيد علي ان حرية تشكيل الاحزاب ليست قائمة وان هناك قيود تفرضها الدولة علي حركة الاحزاب علي انه عندما تصدر احكام قضائية لتنصف بعض الاحكام القائمة لا تنفذ الاحكام القضائية ويجب ان نتذكر ان الذي اسهم في حزب العمل وسعي في حزب العمل هو الرئيس السادات نفسه وهو الذي اعطاه عدد من النواب المطلوبين لتشكيل الحزب وفقاً للقانون لكن عندما تغير موقف حزب العمل وأصبح حزباً معارضاً حقيقياً انقضت عليه السلطة.

ما تقييمك لعلاقة الحكومة بجماعة الاخوان المسلمين وهل ستصل إلي مرحلة الانفراج أم الانفجار ؟

- أري أن العلاقة غير صحية وطالما استمرت العلاقة بهذه الطريقة غير الديمقراطية فكيف يمكن ان نتحدث عن جماعة محظورة وفي نفس الوقت نعترف ان لهذه الجماعة 88 عضواً في مجلس الشعب ... اما انها محظورة فلا يسمح لاعضائها بالترشيح للانتخابات وممارسة العمل السياسي واما ان نعتبر ان هذه الجماعة من حقها ان تشارك في العمل السياسي .. وبالتالي علي الدولة ان تجد صيغة لاستيعاب التيار الاسلامي في داخل نسيج الحياة السياسية في مصر وأنا من الذين يرون ان يسمح للإخوان المسلمين بتشكيل حزبهم شريطة الا يعتبر حزباً دينياً فأنا ضد تشكيل أي حزب ديني فالذي ينطق باسم الدين هم رجال الدين ورجال الازهر وهؤلاء ليسوا رجال الازهر بالضرورة وليسوا متحدثين باسم الدين . فمن حقي ان يكون لي الحزب السياسي الذي يشكل مرجعيتي أياً كانت لكن، لا يجب ان يكون هناك حزب يميز بين الاقباط والمسلمين وتترك الحرية للانضمام اليه من جانب كل المواطنين أياً كانت ديانتهم اما صيغة العلاقة بين الاخوان المسلمين وبين الدولة فهي صيغة خاطئة تؤدي الي احتقان الحياة السياسية والحزب الوطني له مصلحة في استمرار هذه الصيغة لكي يستخدم الاخوان المسلمين كبعبع يبرر به استمرار سيطرته علي الحياة السياسية.

كتبت مقالا في جريدة المصري اليوم اثناء انتخابات اتحاد الطلاب وقلت ان الجامعة تحولت الي ما يشبه الثكنة العسكرية للحيلولة دون صعود الاخوان واقترحت أصعب الحلول المعاكسة للطرق الديمقراطية هي ان تجري الانتخابات بالتعيين وذلك من منطلق تفادي الأزمة والمصادمات ولكن هل هذا حل مجد ؟.

- كنت اتحدث عن مشهد أراه يوماً من عربات الامن المركزي التي تحيط بالجامعات كلها وهذا مشهد لا ضرورة له علي الاطلاق وليس هناك مبرر لذلك وفي بعض الاحيان لمجرد التحسب لمظاهرة بها عدة مئات من الطلاب يتحشد الآلاف من جنود الامن المركزي حول الجامعة وهذا غير منطقي وغير معقول ويسيء الي النظام السياسي ويسيء الي الجامعة في نفس الوقت وبالتالي أنا كأستاذ في جامعة القاهرة لا أريد ان اري هذا المشهد، اما بالنسبة للانتخابات فهي لم تجر بطريقة ديمقراطية سليمة لتدخل الأمن في ازالة بعض الاسماء المرشحة وفتح باب الترشيح لمدة قصيرة جداً لا تسمح للطلاب لأن يرشحوا انفسهم ولم يكن هناك وقت كاف للرعاية الانتخابية وبالتالي جرت انتخابات شكلاً وليس موضوعاً ولا يمكن اعتبارها انتخابات حقيقية وهذا ما جعلني اتحدث عن التعيين... اذا كنت تريد ممثلين للطلاب من اختيارك فالأفضل ان تقوم انت بتعيينهم وليس ذلك لأنني ضد الانتخابات وليس لأنني اطالب الدولة بتعيين الاتحادات الطلابية وإنما اقول ان الانتخابات بهذه الطريقة هي اقرب للتعيين فلا داعي لكل هذه الضوضاء ولا داعي للقول بأن هذه الانتخابات وإذا كانت الدولة تريد ان تأتي بمن هم الاكثر تأهيلاً لقيادة الاتحادات الطلابية فلتأتي بهم بطريق التعيين حتي تصبح الامور اكثر وضوحاً ولكن انا مع انتخاب الاتحادات الطلابية بشرط ان تكون هذه الانتخابات حرة ونزيهة وأنا مع انتخاب نوادي اعضاء هيئة التدريس أو مجالس ادارة نوادي اعضاء هيئة التدريس واعتبر ان هذا ما يسمي باسم الحريات الاكاديمية وهي ليست فقط حرية الاستاذ ان يقول ما يشاء داخل المدرج او داخل الحرم الجامعي انما حرية الاستاذ وحرية الطلاب في تشكيل اتحاداتهم وفي تشكيل نواديهم او نقاباتهم المهنية.

ما تقييمك لاستعراضات طلاب الاخوان داخل جامعة الازهر وهل هي عودة للميليشيات وعودة للعنف؟

- الاخوان المسلمون اعطوا تفسيرات لما حدث والدولة أعطت تفسيرات في نفس الوقت وأنا ليس لدي معلومات تقول ان رواية الاخوان المسلمين هي الصحيحة او ان رواية الدولة هي الصحيحة لكن نحن تعودنا ان اجهزة الأمن تلاحق الاخوان المسلمين في كل مكان وتعتقلهم والقضية ليست ارتداء الطلاب لزي الانتفاضة أو قيام الطلاب باستعراضات تشبه الميليشيات العسكرية فأنا ضد العنف سواء كان من جانب الطلاب او الأحزاب أو من جانب الدولة الأخطر هو عنف الدولة المفروض ان تكون راعية للقانون والدولة هي التي تحتكر وسائل العنف والقهر ولكن يجب ان يتم هذا بالقانون ونحن رأينا الدولة تقوم باعتقالات عشوائية بدون أي مبررات وهناك تعذيب في السجون وهناك خروج عن القانون وكما ندين الميليشيات اذا كانت هناك فأنا ضد العنف أياً كان مصدره، ولكن السؤال هل هؤلاء الطلاب الذين قدموا عرضاً في جامعة الازهر هل هم ميليشيات؟

هل قرر الاخوان المسلمون تشكيل ميليشيات؟

- أنا لا أريد أن اصدق هذا لسبب بسيط هو ان الذي يشكل ميليشيات لا يستعرضها بهذا الشكل حتي لا يعرض نفسه للإيذاء، الارجح ان هذه مسألة مبالغ فيها مبالغة شديدة.
الحديث عن دور مصر في القضايا الخارجية خاصة فيما يتعلق بالصراعات التي تشهدها المنطقة بات يتعرض لانتقادات واسعة تدين هذا الدور وتصفه بأنه لم يعد يتناسب مع مكانة مصر كدولة محورية في المنطقة.

ما تعليقك؟

- لا توجد دولة عربية للأسف الشديد قادرة علي قيادة العالم العربي ولا توجد مجموعة عربية قادرة علي قيادة العالم العربي في مرحلة من المراحل ولكن مصر قادت العالم العربي سواء قبل ثورة 52 أو بعد ثورة 52 فمصر بقدرتها الفائقة وثقافتها وسكانها وموقعها الجغرافي باعتبارها اكثر الدول تطوراً في مرحلة ما قبل 52 هي التي قادت الدول العربية لكن الدور الأبرز لمصر عندما قامت بالتشاور مع الدول العربية لإنشاء جامعة الدول العربية فمصر هي التي أسست جامعة الدول العربية بالتشاور مع الدول الاخري في الوقت الذي كان يمارس حزب الوفد السلطة سنة 45 وبالتالي دور مصر الاقليمي لم يخترعه جمال عبد الناصر، لكن بعد الثورة وبعد تبني جمال عبد الناصر للفكر الوحدوي وبالمناسبة جمال عبد الناصر لم يكن ايديولوجياً ولم يكن يعرف ماذا تعني القومية العربية وهو اكتشف قوة القومية العربية من خلال ممارسته السياسية لمصر القومية المستقلة المناوئة للاستعمار والمناوئة للأحلاف العسكرية والراغبة في تحقيق التنمية وبهذه الطريقة وجدت الشعوب العربية في عبد الناصر رمزاً واعتبرت ان مصر الاكثر سكاناً والأكثر تقدماً .. وبحكم زعامة عبد الناصر لها تستطيع ان تقود وبالفعل قادت مصر التيار العروبي والتيار الوحدوي في العالم العربي وأنجزت انجازات مهمة جداً في تحركات الشارع العربي ولكن للأسف برحيل جمال عبد الناصر سنة 70 اسهم ذلك في اضعاف الدور القومي المصري أو الدور الاقليمي لمصر بعد وصول السادات الي الحكم ورفع شعار مصر اولاً وسلخ مصر في عالمها العربي هو الذي استطاع في حرب أكتوبر 73 ان يحقق تضامناً لم يستطع حتي عبد الناصر ان يحققه بمعني انه دخل الحرب في اطار تنسيق مع سوريا وتمكن من اقناع الدول العربية من استخدام سلاح النفط الذي كان مؤثراً جداً في حرب 73 ولكن للأسف الشديد ان السادات الذي صنع هذا التلاحم العربي الرائع في حرب 73 هو نفسه الذي اسهم بالقسط الكبير في تفسخ هذا التحالف.

وماذا عن ما يتردد حول تبعية السياسة المصرية للسياسة الامريكية ؟

- لا يوجد دولة عربية مستقلة في ذاتها والاستقلال مسألة نسبية لكن الرئيس السادات بعد حرب 73 مباشرة تصرف من منطلق ان الولايات المتحدة الامريكية وهي القادرة علي مساعدة مصر اقتصادياً ومالياً وبالتالي غير سياسته بالكامل للحصول علي الوساطة الامريكية في الصراع وأظن ان الولايات المتحدة لعبت دورا بالفعل في ابرام اتفاقية كامب ديفيد. ولكن السؤال هل هذا التقارب الامريكي المصري لم يوظف توظيفاً صحيحاً لها في خدمة التسوية ولا في خدمة التنمية؟ بمعني انه بعد 30 سنة من التقارب المصري الامريكي ماتزال مصر ضعيفة اقتصادياً وماتزال مصر غير قادرة علي تحقيق تسوية شاملة وانسلخت مصر عن العالم العربي لعدة سنوات ونقلت الجامعة العربية منها. أنا أري شخصياً ان هذا يعود الي خطأ مزدوج خطأ السادات في التوجه منفرداً نحو التسوية وخطأ الدول العربية في الرغبة في معاقبة مصر.

ما تعليقك علي فرض العقوبات من قبل مجلس الامن بالرغم من حق ايران المشروع في امتلاك الطاقة النووية السليمة؟ ولماذا الخوف من دور ايران الاقليمي ؟

- حتي هذه اللحظة لم يثبت ان لدي ايران النية لإنتاج سلاح نووي وإيران عضو في معاهدة حظر انتشار السلاح النووي ولم تنسحب من هذه المعاهدة حتي الآن والمعاهدة تعطي الحق لإيران في تخصيب اليورانيوم وبالتالي لا اظن ان ايران خرجت علي الاتفاق او خرقته ولذلك السياسة الامريكية في مواجهة ايران هي سياسة غير عادلة وظالمة ولا تستند الي القانون ولكن هناك مخاوف علي مستوي ايران او علي مستوي الدول العربية أو علي مستوي دول أخري لأن النظام السياسي في ايران لا يعجب البعض هم يعتبرون انه نظام اصولي يشجع التطرف والعنف وبالتالي كان المطلوب اسقاط هذا النظام ، اعتقد شخصياً ان الولايات المتحدة تسعي لإسقاط النظام السياسي الايراني هذه هي المشكلة. المشكلة ليست قضية سلاح نووي الامام الخميني افتي بحرمة السلاح النووي وعدم جواز إنتاج سلاح نووي وأفتي بذلك فتوي علنية ولا أظن ان الدولة الايرانية ستخالف هذه الفتوي الا اذا اضطرت الي ذلك اضطراراً وكان السلاح النووي السلاح الوحيد الذي يمكن ان يحافظ علي بقاء إيران.

كيفية الخروج من الوضع المأساوي في العراق في ظل الفتنة القائمة بين الشيعة والسنة واستمرار الاحتلال وهل ستنسحب امريكا كما تقول وفي حالة انسحابها هل ستسلمها لإسرائيل كما سلمت بريطانيا فلسطين لليهود لإقامة وطن قومي لهم وخاصة ان أطماع اسرائيل من النيل الي الفرات وهي أطماع مشتركة للحلف المسيحي الصهيوني ؟

- الولايات المتحدة دخلت العراق لتحقيق مشروع امبراطوري أعده اليمين الامريكي منذ فترة طويلة وأحداث 11سبتمبر شكلت فرصة لوضع هذا الحلم الامبراطوري أو الهيمنة الامريكية موضع التنفيذ وأظن ان الولايات المتحدة ذهبت الي أفغانستان لكي تعطي الانطباع انها تحارب الارهاب وتحارب القاعدة لكن عين المحافظين الجدد كان علي نفط الشرق الاوسط هو المقدمة والبداية الطبيعية لتحقيق المشروع الامبراطوري للهيمنة علي العالم لانه اذا نجحت الولايات المتحدة في الهيمنة علي نفط الشرق الاوسط ستستطيع ان تتحكم في نمو الصين وتتحكم في الاتحاد الاوروبي لان الاتحاد الاوروبي حليف ولكنه يمكن ان يشكل محورا مستقلا اذا لم يسق في الارتماء في الحضن الامريكي لكن الصين تشكل خطرا كبيرا جداً فضلاً عن احتمال عودة الحياة الي الاتحاد السوفيتي السابق وتصبح روسيا قطباً كبيراً وهذا أمر وارد وبالتالي تواجد أمريكا في الشرق الاوسط بهذه الكثافة العسكرية انما تبين انه حتي الولايات المتحدة حاولت ان توهم الشعب الامريكي ان هناك صلة بين نظام صدام حسين وتنظيم القاعدة أو أن الحرب علي العراق هي جزء من الحرب علي الارهاب واتضح ان هذا لا علاقة له بحقيقة ما يجري وانه لم تكن هناك أي صلة لا فكرياً ولا تنظيمياً بين نظام صدام حسين والقاعدة الذي لم تحسب له الولايات المتحدة حساباً هو المقاومة العراقية ويجب ان نعترف ان المقاومة العراقية فاجأت الكثيرين ولم يكن أحد يتوقع ان تكون بهذه القوة ولا بهذا العنف فارتبك المشروع الأمريكي في العراق فالولايات المتحدة انغمست وانغرست انغراساً لا فكاك منه في العراق ولو كانت الولايات المتحدة نجحت في العراق لكان النظام الايراني قد سقط مباشرة ولكانت الضربة القادمة ستكون علي إيران ثم علي سوريا وسوف يتم تصفية هذا المحور الذي تسميه الولايات المتحدة بالمتطرف كانت ستتم تصفيته اما بالقوة العسكرية واما بفعل تداعيات مثل نظرية الدومينو أي نظام يسقط وتسقط خلفه كافة الانظمة المعادية لها في المنطقة هذا لم يتحقق وبالتالي الولايات المتحدة تبحث عن مخرج الآن وتقرير بيكر هاملتون يؤكد ان الولايات المتحدة لن تستطيع ان تكسب الحرب عسكرياً وانها تحتاج الي الانفتاح علي ايران وعلي سوريا لكي تخرج من هذه الورطة ولكن المحافظين الجدد مازالوا يعتقدون انهم سيحققون الانتصار ولن تنسحب امريكا من العراق أو تستطيع اسرائيل ان تحقق ما فشلت فيه أمريكا الخطورة ان تنقسم العراق وتحدث حرب أهلية وان تتحول الحرب الاهلية الي إقليمية ولكن المأزق الذي تواجهه الادارة الامريكية اكبر مما يتصوره الكثيرون نحن في مفترق الطرق والتقرير الامريكي هو تقرير يعبر عن توافق الحزبين الجمهوري والديمقراطي لكن المحافظون الجدد الذين يسيطرون علي الادارة الامريكية يعاندون وسوف يستمر عنادهم لفترة ربما يتحول العناد الي مغامرة والمغامرة الي مقامرة والمقامرة الي مخاطرة وتضرب ايران في المرحلة القادمة وأنا لا استبعد ان تضرب ايران ليس بالضرورة الي احتلال ولكن من خلال ضربة كبيرة تستخدم فيها حتي القنابل النووية التكتيكية ومن المتطرفين من لا يمانع في هذا وإذا تم هذا السيناريو سوف يصبح كارثة علي الولايات المتحدة وعلي المنطقة لكن ما يعنيني هنا ان الذي سيقاوم تقرير بيكر او وضع توصيات بيكر الثمانية والسبعين موضع التطبيق أولاً الادارة الامريكية التي لا تريد ان تعترف وتسلم بأنها فشلت في العراق وسوف تكرر والحكومة العراقية لأن الحكومة العراقية جاءت علي أسنة الرماح وعلي الدبابات الامريكية وهي تريد ان تحتفظ بمواقعها ومزاياها وإسرائيل يعني مثلاً من ضمن توصيات بيكر لكي تخلق أوضاع وتهيئ البيئة الاقليمية والدولية لانسحاب القوات الامريكية فيجب ان يتم تسوية الصراع العربي الاسرائيلي بشكل أو بآخر ولكن اسرائيل تكابر في هذا حيث ان من ضمن المطالب ان تنفتح علي سوريا وإيران وسوريا سوف تطلب استعادة الجولان وبالتالي ستجد هناك قوي كثيرة تقاوم هذا الحل بما فيهم الادارة الامريكية نفسها ستقاوم واسرائيل ستقاوم والحكومة العراقية ستقاوم.

وماذا عن ما يحدث علي الجانب الآخر فيما يتعلق بالمشهد الفلسطيني الذي لا يقل دموية وخطورة عما يحدث في العراق؟

- إسرائيل بسبب عنادها ومكابرتها لم تكن مهيئة لتسوية تحقق الحد الادني من المطالب العربية هناك مبادرة عربية تقول بمنتهي الوضوح ان الدول العربية مستعدة الي تطبيع العلاقات مع إسرائيل وقبول اسرائيل في المنطقة بشرط ان تنسحب الي حدود 67 وان تقيم الدولة الفلسطينية وان تقبل عودة اللاجئين الفلسطينيين وفقاً لقرار 194 لسنة 49 اسرائيل ليست مستعدة لحل من هذا النوع وبالتالي هي تضغط الآن لتحقيق سقف المطالب العربية، المشكلة ان بعض الدول العربية مثل مصر والأردن والسلطة الفلسطينية وآخرين لديهم الاستعداد لتخفيض سقف المطالب العربية ولن تقبل سوريا بهذا ولا المنظمات الفلسطينية ولذلك ستحاول اسرائيل فرض هذا السقف المنخفض بقوة السلاح او بقوة الخديعة او باللعب علي فكرة الفتنة الطائفية وتذكية الصراعات لكن اذا اندلع الصراع بين فتح وحماس لا أظن ان هذا سيكون مقدمة للتسوية ولكن سيكون مقدمة لفوضي كبيرة جداً في المنطقة.