ألوف بن ـ هآرتس

لن تؤدي لرحلة الحالية لوزيرة الخارجية الامريكية كونداليزا رايس الى الشرق الاوسط، الى انهاء النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين، وثمة شك في أن تدفع نحو اقامة الدولة الفلسطينية في المناطق الفلسطينية. ذلك أن رايس لا يمكنها أن تفعل الكثير، غير توزيع التصريحات المتفائلة عن quot;الفرصة للتقدمquot; وعن رغبتها في quot;جني ثمار عملهاquot; في المنطقة، والاعراب عن التأييد العلني لرئيس الحكومة ايهود اولمرت ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ( ابو مازن).
تعرف رايس جيدا بان مضيفيها في القدس وفي رام الله يوجدون في حضيض سياسي لا سابق له. ابو مازن في صراع من أجل البقاء مقابل حماس، ومعدلات التأييد لرئيس الحكومة الإسرائيلي ايهود اولمرت تواصل الهبوط. في هذا الوضع ليس هناك في القدس وفي رام الله شركاء لمسيرة سياسية حقيقية تلزم الطرفين بالتنازلات واحترام الاتفاقات. كما أن ادارة جورج بوش، التي تمثلها رايس، فقدت دعم الجمهور الامريكي وتتعرض لهجمات متزايدة في الداخل بسبب الفشل في العراق.
واذا كان هذا هو الوضع، فلماذا كلفت رايس نفسها عناء المجيء الى المنطقة؟ هل فعلت ذلك فقط كي تبتعد عن الطقس المتجمد ومن الانتقادات في واشنطن، وتلقي بعضا من أشعة الشمس والابتسامات في القدس وفي العواصم العربية؟ الهدف الرئيسي لرايس هو تعزيز حلفاء أمريكا في الشرق الاوسط مقابل القوة المتنامية لإيران.
القاعدة الاولى في الديبلوماسية الاقليمية تنص على انه من أجل ان تجند الى جانبكَ المصريين، السعوديين والاردنيين، فإن عليكَ ان تدفع ضريبة كلامية للمشكلة الفلسطينية واظهار الالتزام بالدولة الفلسطينية. ومن المريح أكثر للزعماء العرب المؤيدين لامريكا أن يأخذوا صورا مع رايس بعد أن تطلق شعارات quot;حل الدولتينquot; وتقفز إلى زيارة أبو مازن في رام الله.
الصراع ضد ايران آخذ في احتلال أهمية متزايدة في الاستراتيجية الامريكية في المنطقة، كلما بدا العراق كحالة ضائعة. رؤساء أجهزة الاستخبارات في الولايات المتحدة عرضوا يوم الخميس الماضي التقدير الاستخباري السنوي في مجلس الشيوخ، ووصفوا بألوان متكدرة الخطر الايراني. المدير المنصرف للاستخبارات الوطنية، جون نيغروفونتا، قال ان نفوذ ايران في المنطقة quot;يتعاظم بما يتجاوز خطر برنامجها النوويquot;. وبحسب كلامه فان quot;سقوط طالبان وصدام حسين، ارتفاع مداخيل النفط، فوز حماس في الانتخابات، وما بدا كنجاح لحزب الله في القتال مع إسرائيل، كل هذه الأمور تطيل ظل ايران في المنطقة. هذا يقلق حلفاءنا العرب.
التقدير الاستخباري الامريكي يرى في التعاظم الايراني خطرا واضحا على مصالح الولايات المتحدة في المنطقة. واشنطن وطهران تنشغلان الان في عقد أحلاف اقليمية، يقف الواحد ضد الآخر: إسرائيل، ابو مازن والانظمة العربية المعتدلة من جانب؛ سوريا، حزب الله وحماس من جانب آخر. اولمرت شريك في هذا النهج. وفي نظره، الهدف الرئيسي لإسرائيل في هذا الوقت يجب أن يكون تعزيز المعتدلين في السلطة الفلسطينية، من خلال خطوات علنية (مثل رفع الحواجز) وخفية لمساعدة ابو مازن ـ وخلق quot;محور معتدلينquot; لدول عربية ممن ترى في إسرائيل شريكا في المصالح.