19 يناير 2007


القاهرة - محيي الدين سعيد

على الرغم من انشغال اعضائه وقياداته بإعداد التقرير السنوي الثالث والانفاق على إعلانه في مارس/آذار المقبل، إلا أن حالة ترقب سادت في الاوساط الحقوقية والسياسية المصرية، انتظارا لتغييرات مرتقبة في عضوية المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي انتهت دورته الاولى، وسط توقعات متباينة بشأن التغييرات، وما إذا ستكون موسعة تطال عددا كبيرا من اعضاء وقيادات المجلس، وفي مقدمتهم رئيسه الدكتور بطرس غالي او شكلية تقتصر على عدد محدود من اعضاء المجلس.

وتتناول التوقعات اسماء مرشحة لخلافة غالي، وفي مقدمتهم الدكتور أسامة الباز المستشار السياسي لرئيس الجمهورية والدكتور مصطفى الفقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشعب (البرلمان) وبدا واضحا ان التغيير - ان تم - سوف يأتي بشخصية تتصف بالميزة نفسها التي جاءت بغالي رئيسا للمجلس، وهي العلاقات الدولية الواسعة. وتشير توقعات الى الإبقاء على نائب رئيس المجلس والرجل القوي فيه أحمد كمال أبوالمجد على الرغم مما أثاره من أزمة أخيرا حين طالب بإعادة النظر في تعديل المادة 76 من الدستور المتعلقة بطريقة اختيار رئيس الجمهورية، ويدعم توقعات الإبقاء على ابوالمجد دعوة الرئيس حسني مبارك نفسه الى إعادة النشر في التعديل.

وتشير توقعات أخرى الى إطاحة ابوالمجد، والاتيان بشخصية تدين بالولاء للحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم) وتعلو في هذا الشأن أسهم زعيم الأغلبية في مجلس الشعب الدكتور عبد الأحد جمال الدين.

أما موقع الأمين العام للمجلس، ويشغله حاليا السفير مخلص قطب، فقد اتفقت التوقعات على اطاحته واختيار شخصية دبلوماسية اكثر قبولا، ويبرز اسم السفير هاني خلاف. وقالت مصادر انه سيتم استبعاد العضو السابق في لجنة السياسات في الحزب الوطني الدكتور اسامة الغزالي، الذي صاحب خروجه من الحزب ضجة بعد انتقادات ساخنة وجهها الى الحزب وقياداته. وتؤكد المصادر استبعاد نقيب المحامين عاشور سامح والدكتور فؤاد عبدالمنعم رياض.

وفي ما يتعلق بممثلي منظمات حقوق الإنسان في المجلس، وهم امين عام المنظمة العربية لحقوق الإنسان محمد فايق وحافظ ابوسعدة امين عام المنظمة المصرية لحقوق الإنسان وبهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان، فقد جاءت المذكرة التي تقدم بها الأخير بالاعتذار عن تجديد عضويته في المجلس بمثابة ldquo;تحصيل حاصلrdquo; خصوصا وقد وضعت كل التوقعات اسم بهي في مقدمة المستبعدين، ووضعت التوقعات مدير جمعية السجناء محمد زارع ومدير جمعية شموع لرعاية المعاقين حسين يوسف في مقدمة المرشحين لدخول المجلس.

ويذكر ان إنشاء المجلس القومي لحقوق الإنسان في يناير/كانون الثاني 2004 صاحبه جدل واسع بين النشطاء السياسيين والحقوقيين ومنظمات المجتمع المدني المصرية، ما بين رافض ومعارض للمجلس يرى أن إنشاءه جاء لضرب استقلالية حركة حقوق الإنسان المصرية، التي طالما تسببت تقاريرها في إحراج الحكومة المصرية في المحافل الدولية، ورأى آخرون قرار إنشاء المجلس بمثابة انحناءة لعاصفة الانتقادات الحادة التي وجهتها دوائر صنع اتخاذ القرار في أوروبا والولايات المتحدة، لأحوال الديمقراطية وحقوق الإنسان في المنطقة العربية، ومصر في القلب منها، وأن المجلس مجرد واجهة تجميلية ليس إلا.

وهناك من رحب بإنشاء المجلس ورأى الخطوة إيجابية، يجب تشجيعها والبناء عليها، فقد ضمت عضويته نشطاء من قيادات حركة حقوق الإنسان في مصر، ونشطاء عرف عنهم الاستقلالية في مواقفهم المشجعة للإصلاح السياسي والدستوري.

وشمل التشكيل 9 شخصيات ممثلة للمنظمات غير الحكومية والنقابات والمنظمات الاجتماعية والمدنية، و12 من الخبراء والمختصين وأساتذة الجامعة، و4 برلمانيين والمستشارة الدكتورة سامية المتيم كممثلة لإحدى الجهات الحكومية وهي النيابة الإدارية، وعلى الرغم من ذلك وجه حقوقيون انتقادات لهذا التشكيل على أساس أن التعيين جاء بموجب قرار سيادي من رئيس الجمهورية، ولم يعط للمنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان حق اختيار ممثليها، ولم يتح للمنظمات الاجتماعية والنقابات المهنية اختيار ممثليهم، كما أن المجلس وإن ضم بين عضويته ممثلين للتيارات السياسية المختلفة (قومية، إسلامية، ليبرالية)، فإنه تجاهل اختيار ممثلين من التيارات اليسارية، على الرغم من أن بين تلك التيارات أكاديميين وباحثين عديدين أصحاب إسهام في حركة حقوق الإنسان المصرية.

وتدعو تقارير حقوقية إلى تحقيق استقلالية المجلس القومي لحقوق الإنسان بنقل تبعيته من مجلس الشورى وجعله هيئة مستقلة إدارياً، وإدراج ميزانية مستقلة له في الموازنة العامة للدولة وتغيير طريقة تشكيل المجلس، بالاكتفاء بتعيين نصف أعضائه واختيار نصف الأعضاء بالانتخاب أو بتكليف ممثلي القوى الاجتماعية في المجتمع المدني من نقابات مهنية وعمالية وروابط الفلاحين، الطلاب، من اختيار ممثليهم في المجلس منح المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان حق اختيار ممثليهم داخل المجلس على أن يراعي الاختيار تنوع مجالات العمل (دفاعية، تنموية، مرأة، طفولة).

كما تدعو إلى إلزام الأجهزة التنفيذية للدولة بالرد على ملاحظات وتقارير المجلس وإيجاد آلية تعاون بين تلك الأجهزة والمجلس لتلافي الملاحظات الواردة من المجلس في تقاريره المسؤولة عنها تلك الأجهزة التنفيذية.