سارع أديسون بريخه وهو صاحب متجر مسيحي يعرج في مشيته بالفرار من العاصمة العراقية بغداد بعد تعرضه للضرب في متجره. ونجح في الوصول إلى أربيل التي تتسم بهدوء نسبي في كردستان العراق، لكنه يعاني حاليا من البطالة ويبحث عن عمل. وقال بريخه الذي يدفع بالكاد ايجار بيت صغير للغاية في اربيل يؤوي عائلته المؤلفة من خمسة أشخاص ldquo;اقتحم مسلحون متجري في حي بغداد الجديدة وضربوني بوحشية. كان من الواضح ان المسيحيين لم يعودوا موضع ترحيب في بغدادrdquo;. وأضاف ldquo;كنت املك متجرا والآن أتوسل إلى الناس ليسمحوا لي بالعمل حتى كخادم أو عامل لكن لن يشغلني أحد لوجود إعاقة في قدميrdquo;.

وفر عشرات الآلاف من بغداد مركز العنف في العراق. وقالت الأمم المتحدة الشهر الحالي وهي تطلق نداء لتوفير مساعدة للعراقيين الذين تركوا ديارهم أو غادروا البلاد إن ثمن العراقيين أصبحوا من النازحين.

وأضافت ان النزوح الحالي هو الأضخم من نوعه والأطول مدى في الشرق الأوسط منذ إنشاء ldquo;إسرائيلrdquo; عام 1948. واتخذ كثيرون وبينهم عناصر من غير الأكراد من كردستان ملاذا وهو إقليم يتمتع بقدر كبير من الحكم الذاتي في منطقة الجبال الشمالية التي كانت مأوى لكثيرين من الهجمات التي عصفت بمناطق أخرى من العراق منذ الغزو الأمريكي عام 2003. لكن مع تزايد أعداد النازحين بدأت السلطات في اربيل العاصمة الكردية التي يقطنها نحو مليون نسمة تشعر بالضغط.

وقال عماد معروف رئيس برنامج الإغاثة من الكوارث في أربيل التابع للهلال الأحمر العراقي ldquo;على مدى الأسبوعين الماضيين وفد أكثر من تسعة آلاف شخص إلى أربيل فرارا من بغداد كنازحينrdquo;. وقال معروف إن مكتبه سجل أكثر من خمسة آلاف عائلة أو حوالي 30 ألف شخص فروا إلى أربيل خلال العامين الماضيين. وان مئات الأسر الأخرى خاصة أسر الأطباء وأساتذة الجامعة ورجال الأعمال لم يقيدوا أنفسهم كنازحين ورفضوا قبول المعونات لأنهم عثروا على عمل في أربيل. وأشار الى أنه سمع عن عائلة كبيرة تتألف من 49 شخصا يعيشون في مسكن واحد لا تتجاوز مساحته 100 متر مربع وتابع ldquo;لم يمكنهم العثور على مكان أفضل يعيشون فيهrdquo;. وتقول الأمم المتحدة إن قرابة 500 ألف شخص فروا إلى مناطق أخرى داخل العراق العام الماضي وحدث ذلك في الأغلب عقب تفجير مزار شيعي في سامراء في فبراير/ شباط وهو ما أدى إلى تصاعد العنف.

وفي تقرير عن حقوق الإنسان صدر في 16 يناير /كانون الثاني الحالي قالت الأمم المتحدة إن نصف المسيحيين السريان الذين كانوا يعيشون في العراق قبل عام 2003 والبالغ عددهم 5.1 مليون شخص فروا من البلاد وان كثيرا من الباقين ينتقلون إلى ldquo;مناطق آمنةrdquo; في شمال العراق.وأغلق المعهد الكهنوتي الكلداني والكلية المسيحية الكلدانية في بغداد لشهور بسبب التهديدات والعنف ونقلا إلى أربيل الشهر الحالي وفقا لما ذكره المطران ربان القس في اربيل. الذي أضاف ldquo;التردي المستمر للوضع الأمني في بغداد وخطف ستة قساوسة على يد مسلحين أجبرنا على نقل تلك المعاهد المسيحية إلى أربيلrdquo;. وتابع ldquo;الطلاب لم يتمكنوا من حضور فصول الدراسة بسبب تردي الأمن وهو ما جعلنا ننتقل إلى أربيلrdquo;.

وقال طاهر عبد الله نائب محافظ أربيل ان هناك نقصا في الموارد اللازمة لمساعدة كثير من النازحين لكن السلطات تحاول على الأقل تقديم بعض العون مثل نقل بطاقات الدعم حتى تتمكن العائلات من الحصول على الغذاء المدعوم. وأضاف ldquo;طالبنا الهيئات التابعة للأمم المتحدة في الشمال بمساعدة النازحين وإقامة مخيم لهؤلاء الذين ليس بمقدورهم دفع إيجار مسكن. بعض الأسر تقيم في العراءrdquo;.

ونظرا للقلق من تدفق سيل من النازحين فرضت السلطات الكردية ضوابط وقيودا جديدة على من يمكنهم الاستقرار في المنطقة وبينها على سبيل المثال وجود كفيل كردي لكل عائلة. وقال يزجر رؤوف رئيس مكتب الاسكان في أربيل ldquo;قصف المزار الشيعي في سامراء تسبب في فرار آلاف العائلات وتوجهها إلى المناطق الكرديةrdquo;. وأضاف ان هذا التدفق كان باعثا على تصاعد القلق الأمني. وتابع ldquo;بدأنا في فرض ضوابط جديدة تتعلق بالنازحين منذ سبتمبر 2004 لتأمين المنطقة الكردية من أي تسلل للإرهابيين وهو ما يمكن ان يزعزع الأمنrdquo;.