علي سعد الموسى


أكاد أهم الساعة بإحراق ما في مكتبتي الخاصة من كتب تناولت بالتحليل نقد (العقل العربي) وعلى رأسها ما أفنى فيه محمد عابد الجابري وكذا الأنصاري وابن نبي زهرة أيامهم في هذا المجال. ذاك أنني اكتشفت أن كل الأفكار والأبحاث التي تناولت نقد العقل العربي درست هذا العقل من منظور نظريات أدبية إنشائية أو من زوايا تحليل نفسي واجتماعي وكل هذا السرد التعبيري لن يشخص على الإطلاق أمراض العقل العربي.

اكتشفت ثانياً أن الثلاثي الجابري والأنصاري ـ ومن قبلهما ابن نبي ـ استخدموا كلمة (أمراض) في ثنايا أبحاثهم في أكثر من مكان، بل تواترت هذه الكلمة أحياناً على أوساط صفحات مترادفة أو متقابلة. غير أنني أزعم اليوم أن نقد العقل العربي يجب أن يؤخذ عنوة من أيدي علماء الاجتماع إلى مختبرات علماء الطب والهندسة الوراثية والأحياء وخبراء الهرمونات وأساتذة التشريح وعلم وظائف الأعضاء. العرب باختصار لديهم إما هرمون زائد عن المعيار أو بالعكس ناقص عن المعدل الطبيعي مما يجعل لديهم مرضاً حقيقياً يعالج بالحقن والإبر لا بالأوراق الصفراء والنظريات الفكرية الثنائية.

العرب اليوم يشكلون أزمة كونية حقيقية وانظروا إليهم في شوارع بغداد وبيروت والجزائر ودارفور والصومال وأزقة غزة ورام الله. ومثل حالة الانفصام العدواني، يجنح العربي تلقائياً لحمل السلاح والقنابل في وجه أخيه العربي، وتماماً ومرة أخرى، مثل حالة مريض الانفصام الذي يجنح به خياله للأوهام والتهيؤات يحمل العربي سلاحه ضد الطائفة المقابلة من بني جلدته ويتستر بذرائع المؤامرة والعمالة والتبعية. تماماً كما يبرر مريض الانفصام لحظات انفلاته وغليانه وحين يؤخذ للطبيب النفسي يبرد الأمر بإبرتين تعيدان للعقل توازن الهرمون وترتيب الأعصاب.
العربي اليوم لم يعد خطراً على الآخر، فحسب، بل خطراً جداً على نفسه ومن حوله ولكم أن تتخيلوا مشهد الصورة على صدر ثلاث صحف بالأمس لثلاثة عرب في ثلاث عواصم يحيط بهم الجند وثلاثتهم يحملون على التوالي سكيناً ورشاشاً وعصا غليظة. العرب اليوم بحاجة إلى 300 مليون إبرة علاج.