سلامة أحمد سلامة

أسوأ ما يمكن أن يحدث في العالم العربي الآن هو ذلك الجدل الديني الذي بدأ يحتدم بين علماء الدين من السنة والشيعةrlm;,rlm; ليصب الزيت علي النار في أمة عربية منقسمة علي نفسهاrlm;...rlm; بفعل الصراعات السياسية والاطماع الخارجية حيناrlm;,rlm; وبفعل الجهل والتخلف الثقافي وغياب الحريات حينا آخرrlm;,rlm; وبفعل تفكك مجتمعاتها وبؤس حياتها واستغلال بعض طبقاتها البعض الآخر من ناحية ثالثةrlm;.rlm;

وحين يتحول مؤتمر لحوار المذاهب الإسلاميةrlm;,rlm; يتداعي فيه العلماء إلي التقريب بينها فينقلب إلي تبادل للاتهاماتrlm;,rlm; وتوسيع الهوة بين المسلمينrlm;,rlm; وتأكيد التعصب المذهبيrlm;...rlm; فما الذي يمكن أن يفعله بسطاء الناس من الجانبين الذين ينقادون انقيادا أعمي بغير تدبر أو تفكيرrlm;,rlm; فيصدقون ما يقوله علماء كبار يمتثلون لاستقطاب التسنن والتشيعrlm;,rlm; ويرددون ادعاءات سياسية بأن الكتب الشيعية توزع في مصر والسودان تدعوهم لترك المذهب السني واتباع المذهب الشيعيrlm;,rlm; والتركيز علي ما تتضمنه بعض كتب للشيعة من قدح في الصحابة واساءة لهمrlm;,rlm; فما الذي يعني أي مسلم من هذا الهراء؟

إن ما يحدث حاليا من انصراف علماء مسلمين إلي المعارك المذهبية التي تخدم أغراضا سياسية خارجيةrlm;,rlm; لاتهم أحدا غيرهم ولا تؤثر علي حياة الناس من قريب أو بعيدrlm;,rlm; ولا هدف منها غير تحويل الأنظار عن الأعداء الحقيقيينrlm;,rlm; وخلق اعداء لها من داخلهاrlm;...rlm; هو تأكيد علي أن الخطاب الديني قد عجز عن إدراك الحاجات الحقيقية للناسrlm;,rlm; وعن التفاعل مع مشكلات العصرrlm;,rlm; وحيثما تلفت المرء حوله في أرجاء الأمة العربية بمسلميها ومسيحييهاrlm;,rlm; هاله ذلك التناحر الطائفي والاقتتال الديني الذي أصبح مصدرا لبؤس الناس وتعاستهم واثارة الاحقاد والبغضاء بينهم في لبنان والعراق ومصر والسودانrlm;....rlm; وأصبح من السهل تلبيس المشكلات السياسية والاجتماعية في الخلافات الدينيةrlm;...rlm; هذه الخلافات التي أصبحت عابرة للحدود والفئات والثقافاتrlm;.rlm;

إن أغرب ما تمر به الأمة العربية والإسلامية هو أنه بالرغم من التطور الذي شهدته البشريةrlm;,rlm; إلا أن غياب الوعي أو جموده عند المسلمين هو الذي أدي إلي تلك الحالة المزرية من الضعف والهوان والتمسك بالقشور والمظاهرrlm;,rlm; والاعتماد علي نوع من الكهنوت الديني الذي بات يشكل وصاية علي العقولrlm;,rlm; ويحيط بأفكارهمrlm;,rlm; ويخلق قداسة لاشخاص وأفكار بعيدة عن الدينrlm;,rlm; هي التي أدت ــ ولأسباب لا تخلو من الارتزاق ــ إلي التنافس والفرقة إلي شيع ومذاهب لا تقبل النقاشrlm;,rlm; وكل خروج عنها هو خروج علي الملةrlm;...rlm;

لا حاجة بنا إلي القول إن مؤتمر الدوحة الذي اريد من ورائه تقريب المذاهبrlm;,rlm; ووقف المذابح الطائفيةrlm;,rlm; لن يحقق الغرض منه بل قد يؤدي إلي العكسrlm;,rlm; في ضوء ما صدر عنه من مجادلات واتهامات علنيةrlm;,rlm; وكان الأولي أن يتم هذا اللقاء فيما بينهم بعيدا عن اضواء الشحن والتحريض والتنافس المذهبيrlm;,rlm; الذي يثير الفتنrlm;,rlm; ويستدعي سخط العامةrlm;,rlm; فتتحول الشعائر الدينية عندهم إلي شطحات انتقامية ومواكب تسيل فيها الدماء بغير حسابrlm;,rlm; وتصدر فيها فتاوي القتل علي الهوية ينفذها الدهماء دون تفكيرrlm;!rlm;