محمد علي مقلد

قراران أوحيا لي بعنوان المقالة: قرار قضى بتعليق الدروس في الجامعة اللبنانية (غداة الاضراب العام)، وقرارمشابه قضى بتنظيم بطولة كرة القدم اللبنانية من غير جمهور مدارج بلا جمهور، وجامعة بلا جمهور. إنه الخوف من اقتتال الجمهور. وفي المرتين، شيعيان على رأس الجامعة اللبنانية والاتحاد الوطني لكرة القدم.
نعم، يمكن أن يكون وصول شيعي إلى الرئاسة علامة اعتزاز الطائفة بأحد أبنائها، لكن الشيعي الرئيس يخجل من حضور طائفته إلى الحرم الجامعي أو إلى المدرج الرياضي، فيقفل الحرم والمدرج في وجه شيعته نأمل ألا يكون إقفال مجلس النواب تعبيرا عن هذا الخجل!
نعم! إنه لمخجل حقا مشهد المعارضة الشيعية في يوم الإضراب، الإضراب السلمي حتى الموت والدمار والقتل والتخريب، حتى الاعتداء على الحرية.
مخجل مشهد انتفاضة الحجارة ضد الأبنية وواجهات المحلات وزجاج السيارات وإسفلت الشوارع، وضد الهواء
مخجل تحويل المقاومين إلى قطاع طرق، وتحويل تنظيم المواجهات مع العدو الاسرائيلي إلى تنظيم غزو الجيران والأحياء القريبة والشقيقة.
مخجل منظر أولئك الحاملين فؤوسا وعصيا يضربون بها الأرض وما طاولت أياديهم، كالرعاة يهشون على أغنامهم.
مخجل أن تظهر صورهم المتلفزة على العالم وهم يخوضون حروبا كحروب الكوابوي، أو يشنون هجوما كغزاة الجاهلية نعم كالكاوبوي، هجوم صاعق ضد كل شئ، تهديم وتحطيم وتخريب، كأنما ليلقنوا quot;العدوquot; درسا، ثم يعودون مرة مع السرقة والنهب ومرة بشهامة الفرسان الذين لا يريدون غير التباهي بفروسيتهم وبقوة جيادهم hellip;
نعم كغزو القبائل وعودتها بالغنائم، ينقصهم فحسب أنهم عادوا أمس بلا سبايا، وأنهم لم يحتفلوا بالنصر في ربوعهم كالبدو أو الغجر لم يرقصوا حول النار، أشعلوها فحسب ثم انسحبوا.
لو سئل راشق الحجارة وحامل العصى ومشعل الدواليب وسائق الأتربة: ماذا تريدون؟ لجاء الجواب صريحا: شحن مذهبي وغريزي منفلت من عقاله، ودفع الأمور إلى مرحلة اللاعودة.

آن أوان المحاسبة

آن لـquot;حزب اللهquot;، ولكل المعارضة التي جرها وراءه، أن يقوم بجردة حساباته وبعملية نقد ذاتي (وأن يجر المعارضة إليهما)، بالجرأة ذاتها التي خاض فيها حربه ضد إسرائيل وحربه ضد الشعب اللبناني (ضد الحكومة حسب زعمه)
في حربه الأولى، لم يعد جائزا أن يستمر quot;حزب اللهquot; متمسكا بتقويم وحيد الجانب لنتائج المواجهة لم يعد جائزا أن يستمر في الكلام عن نصر إلهي فحسب، من غير الإشارة إلى خسائره المادية والبشرية، فضلا عن خسائر المواطنين اللبنانيين في هذا الصدد نعيد عليه اقتراح التقويم التالي، باختصار:
1- واجه quot;حزب اللهquot; آلة الحرب الصهيونية ببطولة وشجاعة غير معهودتين في المواجهات العربية الرسمية مع العدو (قد تكونان معهودتين مع الشقيق والصديق)، ما جعل إسرائيل تدفع ثمن مغامرتها غاليا، وآخر الأثمان التي دفعتها، وقد لا يكون الأخير، استقالة رئيس أركان جيشها.
2- بالرغم من كل الخسائر التي تكبدتها إسرائيل، فهي لم تنهزم في المعركة، بل أحرزت، بالمقاييس العسكرية والسياسية، انتصارا واضحا، ولو مكلفا، على quot;حزب اللهquot;، ففرضت عليه التراجع والانسحاب (ولو لفظيا) إلى ما وراء الليطاني، وتجميد عملياته العسكرية (قد يكون ذلك موقتا بمقاييس quot;حزب اللهquot;)، وأرجأت النقاش حول الأسرى والمعتقلين، أو نقلته إلى مستوى آخر، بعد أن أسرت في المعركة عددا من المقاومين؛ كما فرضت نتائج المعركة عليه الموافقة على القرار 1701 وعلى دخول قوات الطوارىء والجيش اللبناني الى جنوب الليطاني، هذا فضلا عن الخسائر البشرية في صفوف الحزب وبين المواطنين، والخسائر المادية المقدرة بمليارات الدولارات، الخ...
3- دفعت إسرائيل بعض الأثمان بفعل البطولات اللبنانية، وهو ما يمكن أن تعتز به المقاومة وكل الشعب اللبناني، غير أن الوجه الآخر للأثمان التي دفعتها ينبغي أن يجعلنا نخجل من أنفسنا، قبل أن نشمت بالعدو فقد عرفت إسرائيل كيف تقرأ دروس هزيمتها فتستفيد من هذه القراءة، في حين أننا نستمر، منذ أول الهزائم معها، في قراءة الدروس بالمقلوب على سبيل المثل، لا الحصر، قررت إسرائيل معالجة ما حكمت عليه أنه سبب خسائرها، ومنه قرارها باستبدال الميركافا بجيل جديد من الدبابات، واستبدال بعض قادتها العسكريين أما نحن فما زلنا نصر على أننا حققنا نصرا، وأن هذا النصر إلهي، وأن الحزب ليس حزبا آدميا، إلى آخر معزوفة الكلام الذي لا يقبله عقل علمي في القرن الحادي والعشرين.
4- ساعدت هذه القراءة المغلوطة لنتائج المعركة على نشر وعي شعبي، هو بالمقياس السياسي، وعي مزيف، وقد لا يكون كذلك بمقاييس الإيمان في غمرة المعركة وبعدها، وفي موازاة الكلام عن النصر الإلهي، انتشرت كتب ووزعت منشورات تعزز الجهل وتشجع التنجيم، وتعالج أمور الدنيا، وخصوصا السياسة، بمنطق علم الغيب، ما جعل الحوار بين عقل علمي وعملي من جهة، وعقل غيبي من جهة أخرى، أو بين العقل السياسي من جهة، بما هو عقل مصالح، وعقل القيم الدينية من جهة أخرى، بمثابة حوار الطرشان هذا هو بالضبط حوار المعارضة والسلطة اليوم.

دروس بالمقلوب

إن افترضنا أن quot;حزب اللهquot; خرج منتصرا من المعركة، فلماذا يطالب اللبنانيين أن يدفعوا فاتورة الحساب؟ كان عليه، مثلا، أن يطلب من التسوية المجسدة في قرار مجلس الأمن أن تكون أكثر إنصافا أما كونه وافق على القرار الدولي فلم يعد مبرِّرا أن يعود إلى الداخل اللبناني ويشن حربا تخلو شعاراتها من أي منطق شكلي أو جدلي، وأن يكرس ممارسة باسم الديموقراطية تخلو من أي أثر، نعم من أي أثر للديموقراطية، وأدلتنا كثيرة، منها:
1- المشاركة شعار تضليلي من طراز رفيع، فقد طرحه quot;حزب اللهquot;، المشارك أصلا في الحكومة، دون أن يقصيه أحد أو قبل أن يستبعده أحد لقد اختار طوعا أن يخرج ليطالب بالدخول، وكان أولى به ألا يخرج وألا يرفع شعار المشاركة وإذا كان مقصده من ذلك إشراك الأخرين فذنب الآخرين أقبح من ذنبه ومن ذنوبهم، ذلك أن quot;حركة أملquot; بدت كأنها quot;لا في العير ولا في النفيرquot;، وأن quot;حزب اللهquot; بات يقرر بالأصالة عن نفسه وبالنيابة عنها، وهي لا حول لها ولا طول، فخرجت من الحكومة من غير علمها أو أنها لم تنتبه، واعتقد قادتها أن المسألة لا تعدو كونها تكرارا للخروج الأول، وأن العودة حتمية عندما تهدأ النفوس، الخ.
2- أما quot;التيار الوطني الحرquot; فقد نسي أنه هو الذي رفض المشاركة في الحكومة، وله أسبابه، فماذا لو تكررت الأسباب عند تشكيل حكومة جديدة؟ ناهيك بأن قوى المعارضة المتبقية مطالبة، بقوة المنطق، لا بقوة الاستخبارات طبعا، أن تستقيل من العمل السياسي استقالة نهائية قطعية، لأنها ليست من الصنف الذي ينقذ الوطن في عصر الأجهزة، ولا مما يشرّف الطوائف إن هي رغبت في تمثيل طائفي. ونحن نبني حكمنا القاسي هذا مستندين إلى لغة الشتم والسباب التي انحدر إليها خطاب المعارضات (وربما كان هذا هو مستواه الأصلي).
3- تقضي آليات الديموقراطية أن تصوغ المعارضة، لكي تكون معارضة، برنامجا مختلفا عن برنامج الحكومة أما أن تكون معارضة من غير برنامج، فهذا هو بالضبط ما يجعلها تخبط خبط عشواء، من غير دليل ولا مرشد وquot;لا من يحزنونquot;. quot;حزب اللهquot; زودنا بحجة إضافية، بتوقيعه على البيان الوزاري، وموافقته على قرار مجلس الأمن، وعلى quot;مؤتمر باريس 3quot; إذن علام يعترض؟ على مساندة الحكومة العدوان؟ فهو الذي أشاد بها، كما أشاد بها سواه، لا سيما الرئيس نبيه بري، في أكثر من مناسبة، منها مهرجان صور.
أما الكلام على الفساد فهو سلاح ذو حدين، يمكن أن يصيب كل المشاركين في السلطة السياسية، أي معارضي اليوم وحكام اليوم والأمس، أو المشاركين بطريقة غير مباشرة كـquot;حزب اللهquot; ذلك أن الفساد، بالمعنى العام، ليس إلا انتهاك القانون، القانون المالي أوالضريبي أو العقاري أوالإعلامي أو حتى قانون السير، والانتهاكات لا يسلم منها أحد.
من حقنا إذن، نحن المواطنين، أن نظن سوءا بطرح شعار الفساد، فنعتقد أنه حق يراد منه باطل، بحيث يتحول، إذا ما طرح في غير أوانه وبغير مضمونه الحقيقي، إلى وسيلة للتستير على المنتهكين والفاسدين والمفسدين.

ديموقراطية تعليق الدستور

قد يكون أهل السلطة على حق إن هم نعتوا معارضة هذه الأيام بالانقلابيين فقد عودتنا الانقلابات مع كل بيان رقم واحد، أن تعلق العمل بالدستور وتطبق الأحكام العرفية هذا بالضبط ما فعلته المعارضة منذ نزولها إلى ساحتي الشهداء ورياض الصلح، لكن من غير أن تمتلك كل آليات الانقلاب وأدواته، ما جعلها مخلوقا عجيبا تتصرف كأنها تقوم بانقلاب عسكري من غير عسكر رسمي، وتتوهم أنها تمارس الديموقراطية، ولكن بالقهر والعنف وانتهاك الدستور والقوانين.
أيها المعارضون، لا تستفظعوا هذا الكلام!
نزولكم أنتم بالذات، أهل سلطة الأمس ،إلى الشارع، هو انتهاك فاضح لأصول اللعبة الديموقراطية إنكم لم تقدموا الإثباتات اللازمة على كونكم معارضة، أولا لأنكم من دون برنامج، وثانيا لأن الحدود بين السلطة والمعارضة باتت واهية جدا جدا جدا، خصوصا بعد ثلاثين عاما من حكم الوصاية الاستخبارية وأنتم أكثر دراية من الجميع بآليات القهر الاستخباري، وأنتم عانيتم منه قبل سائر المواطنين، وأنتم خبرتم كيف كان يتصرف معكم، وكيف كان يخاطبكم مسؤولو الجهاز، وأنتم علمتم كيف أمكن أن تذوب الفوارق بين اليمين واليسار، بين السلطة والمعارضة، بين علمانية الحزب الحاكم وطائفية وكلائه وزبانيته، الخ.
أية سلطة، أية معارضة؟ وجهان لعملة واحدة، أو قوتان من طبيعة واحدة من هو المسؤول عن الدين العام؟ رفيق الحريري، حتى يرمى بعد استشهاده بكل تبعات الأزمة الاقتصادية؟ أم كل الطاقم الحاكم، ومنه كل معارضي اليوم؟ الذين تربعوا على عرش الحكومات منذ الطائف حتى اليوم، ومعهم quot;حزب اللهquot; الذي تحاصص السلطة من غير حقيبة وزارية، وحصته التي طلبها لنفسه راضيا مرضيا، هي سلاح المقاومة وحرية عملها تحت سقف الأجهزة ومصالح الحلفاء الإقليميين، وقد نال الحصة حتى الثمالة، نال حقه في المقاومة باسم الشعب اللبناني واستخدمه على حساب سلطة الدولة وضد سلطة الدولة (إنه في أدبياته يخلط بين السلطة والدولة)، أي ضد الشعب اللبناني (سلطة الدولة هي سلطة الشعب الواحد).
نعم! من منكم لم ينل حصته من نعيم سلطة الاستخبارات اللبنانية السورية؟ (المهزلة أن تتهم جريدة quot;تشرينquot; السورية سفير أميركا بالتدخل في أصغر الشؤون اللبنانية حتى في تعيين حاجب في الدولة أو على باب بناية! كأن سعادة السفير اعتدى على صلاحياتهم) من كان منكم بلا خطيئة فليسمح لرعاعه برشق الحجارة ضد quot;العدوquot;، وإلا فليعصم المقاومين من ارتكابات أولاد الأزقة، فالمقاوم شيء والزقاقي شيئ، وهما كالخطين المتوازيين، ينبغي ألا يلتقيا، وقد التقيا، فلا حول ولا قوة إلا بالله! غير أن اللبنانيين يحرصون على ألا تزر وازرة وزر أخرى، ويميزون بين القمح والزؤان لكن، في عالم السياسة، لا شيء مقدس ولا أحد مقدس في السياسة يحكم على برنامج الحزب وعلى أخلاق القادة أيضا من خلال سلوك الحزبيين! والمعنى واضح، إنه ليس في قلب الشاعر وقد لا يحتاج المستمع أو المشاهد إلى الحزبيين ليحكم على قادتهم، لأن معظم قادة المعارضة بل ومعظم القادة اللبنانيين بحاجة إلى دروس في آداب الخطابة، بل في آداب التخاطب، لكي يشذبوا كلامهم ويهذبوه.
عمل الحكومة أوتشكيلها أو تبديلها له، في الأنظمة الديموقراطية، أصول انتخابات ومجلس نواب وبيان وزاري وثقة ومساءلة ومحاسبة، الخ... ولا يجوز لطرف يعتقد أنه وقع ضحية خديعة تحالفية، هذا إن صح اعتقاده، أن يطالب بتشكيل حكومة جديدة وبانتخابات جديدة لكي يبين أنه لن ينخدع مرة أخرى، ما أغلى الدروس المغلوطة في بلاد التخلف السياسي! أو ليستعيد بالقوة ما خسره بالخديعة، أو ليأخذ quot;حزب اللهquot; من الشعب اللبناني ثمن quot;انتصارهquot; على إسرائيل، أو ليأخذ ثمن انتصار ليس له فيه فضل، إن اعتبره انتصارا quot;إلهياquot; وإن كان غير إلهي فليأخذ ثمنه من الخاسر في الحرب، إذ على هذه الحلبة وحدها يتبين خيط الحقيقة الأبيض من أسودها.

ديموقراطية ضرب المؤسسات

التظاهر حق ديموقراطي، إلا أنه في حالة المعارضة الراهنة اعتداء على الديموقراطية يقول أحد قادة المعارضة من quot;التيار الوطني الحرquot;: نحن ضد المشروع (ورقة باريس 3)، ويمكن أن نكون ضد أي مشروع آخر، قبل أن نطلع عليه، ولن نطلع عليه ويقول حزب الله، هذه الورقة لن تمر من دون تشاور، ونسأله، من ذا الذي منعك من التشاور؟ أنت خرجت من الحكومة ثم رحت تطالب بالتشاور ثم يقول إنه سيسمح بـquot;باريس 3quot; الحكومي، وسيصعد ضد المشاريع الحكومية الأخرى ويتهم الحكومة ورئيسها بأشنع التهم ثم يطالب بالمشاركة معها، ومع رئيسها، في صنع مستقبل البلاد وماذا لو قررت الغالبية الحاكمة اختيار ممثليها إياهم في الحكومة المقبلة؟ وماذا لو قررت الأكثرية الحاكمة عدم quot;الاستئثارquot; بالسلطة، وأعطت المعارضة حق اختيار ممثليها، فماذا ستفعل بأيتام الاستخبارات السورية؟ هي لعبة رجال السياسة أم لعب أولاد؟
النزول إلى الشارع، في التظاهر والإضراب، حق انتزعه المطالبون بالخبز والعلم والحرية انتزعته النقابات والأحزاب المؤيدة لها في لبنان. هناك من ضرب العمل الحزبي والنقابات معا، وتربع بديلا منهما سعيدا على عرش البروليتاريا المذهبية والطائفية فتولى حزبان علمانيان وبعض quot;رجالquot; الاستخبارات وزارة العمل و أشبعوا العمل النقابي تهشيما وتشويها حتى أبادوه أما الديناصورات النقابية المتبقية فهي إما من تشبيحات الحرب الدميمة وإما من حنين الذكريات الجميلة بعد موت النقابات بات النزول إلى الشارع من قبيل التشبيح النضالي من يناضل ضد من؟ قد يتبرأ quot;حزب اللهquot; من جرائم الإبادة النقابية التي حصلت بعد الطائف، أو قد يدرجها في قائمة الإبادات المشابهة التي لم تبق من الحياة السياسية المحترمة شيئاً غير أن الوقائع ليست ببعيدة فـquot;حزب اللهquot; ارتضى مقابل حصته (المقاومة) في نظام المحاصصة الشنيع، أن يعطى سواه حق التفريخ والتفقيس والوأد في الجسم النقابي، والمحاصصون يبايعون بعضهم بعضا، ويبارك كل لسواه، من غير تدقيق، أن يفعل ما يشاء داخل الحرم التحاصصي الذي يخصه.
من عناصر الديموقراطية الشفافية لقد بات من الثابت، في ذهن المعارضة على الأقل، أن القرار الحاسم في الحل ليس لبنانيا هذا ما يرشق به كل فريق خصمه إذن لماذا هذا الإصرار على أن ضعط الشارع هو السبيل إلى الحسم الرئيس بري عبّر عن ذلك حين رأى المدخل إلى الحل يكمن في تطبيع العلاقات بين سوريا والسعودية. هذا في المعلن، أما المضمر من المؤشرات على تأثير العوامل الخارجية فهو أكثر من أن يحصى ألا تخشى المعارضة من أن تسأل عن سبب الإمعان في توريط مناصريها في هذه المعركة العبثية، طالما أنهم يعترفون بأن الحوار هو الحل؟
النزول إلى الشارع ضد السلطة التنفيذية هو، في أحد معانيه، لتعويض نقص في قوة المعارضة النيابية غير أن الذين اختاروا لغة الضغط من خلال الشارع قرروا سلفا إلغاء المعارضة النيابية ودورها ومهما قيل عن الإيجابيات في مبادرات رئيس مجلس النواب الحوارية والتشاورية، وهي إيجابية من دون شك، فإن الجانب السلبي الأبرز فيها هو تكريس النهج الذي يلغي المؤسسات ويعطل قيام الدولة.
... بعد كل هذا الكلام، كيف نصنف تحرك المعارضة؟ أهو ضرب من النضال، أم ضرب للديموقراطية؟