29 يناير 2007


دrlm;.rlm; عبد المنعم سعيد



فاجأني ما قاله الدكتور يوسف القرضاوي عندما حذر في أحد المؤتمرات التي عقدت بالدوحة أخيرا منrlm;'rlm; التبشيرrlm;'rlm; الشيعي في بلاد التزمت غالبيتها بالمذهب السنيrlm;.rlm; ولم تكن هذه هي المرة الأولي التي ورد فيها هذا التحذيرrlm;,rlm; بل إن عددا من الكتاب الإسلاميينrlm;_rlm; مثل الأستاذ فهمي هويديrlm;-rlm; أشاروا إلي التشيع باعتباره واحدا من الأخطار التي يتمني غيابهاrlm;.rlm; ولأول مرة شعرت بهذه الفجوة الهائلة داخل المذاهب الإسلاميةrlm;,rlm; فقد كان تعبيرrlm;'rlm; التبشيرrlm;'rlm; محفوظا للحديث عن محاولات البعثات المسيحية الغربية خاصة البروتستانتينية التي حاولت جذب المسلمين لديانتها أحيانا وأنصار الكنائس الشرقيةrlm;-rlm; بما فيها المصريةrlm;-rlm; الأرثوذكسية في معظم الأحيانrlm;.rlm; وفي أحيان أخري وعلي سبيل الاستعارة فقد شهدت مصر فترات تم فيها التحذير منrlm;'rlm; التبشيرrlm;'rlm; الشيوعي حيث اعتبرتrlm;'rlm; الشيوعيةrlm;'rlm; من المذاهب الهدامة التي لا تؤمن بدينrlm;;rlm; ووفق ذلكrlm;,rlm; وربما بسبب ذلكrlm;,rlm; تؤمن بالصراع بين الطبقات التي ينبغي للعلاقات بينها أن تكون دائما متناغمة وهادئةrlm;,rlm; وباختصار مثل السمن والعسلrlm;!.rlm;

والحقيقة أنه يجب أن أعترف بجهلي الشديد بالمذهب الشيعي فقد ولدت سنيا وفقا لمذاهب أهل السنة في مصر وهو ما لم أسمع بهم حتي جاءت لحظة الزواج وقال المأذون إن المغامرة التي أنا بالطريق إلي الولوج فيها سوف تكون علي مذهب أبي حنيفة النعمانrlm;.rlm; ولم أدر ساعتها عما إذا كانت المسألة سوف تكون مختلفة لو أنني قررت الزواج علي المذهب الحنبلي أو المالكي أو الشافعيrlm;,rlm; وعلي أي الأحوال فقد كان ذلك أول وآخر مرة أمارس فيها مذهبي السنيrlm;;rlm; فحتي عندما ذهبت إلي العراق لأول مرة عامrlm;1986rlm; زرتrlm;_rlm; مع آخرينrlm;-rlm; مسجد الكاظمية الشيعي في بغداد وكان ما لفت نظري معماره الهنديrlm;,rlm; والمقام الذي كان باهرا بالكريستال والذهب وربما الألماس أيضاrlm;.rlm; ولكن بدا عاديا للغاية ساعتها أنني والصحبة معي قمنا بصلاة تحية المسجد كما نفعل دائما في مصرrlm;,rlm; ولم يبد ساعتها أننا لفتنا أنظار أحدrlm;.rlm; وتكرر الأمر بعد ذلك عدة مرات عندما زرنا طهران وأصفهان في عهد محمد خاتمي عندما كانت العلاقات بين مصر وإيران أقل اكفهرارا مما هي عليه الآن في عهد أحمدي نجادrlm;.rlm; وحتي عندما ذهبنا إلي قم لزيارة واحدة من المكتبات المهمة ثم زيارة عدد من المساجد فقد قمنا بالصلاة كما اعتدناrlm;,rlm; وعندما وصلنا
في النهاية إلي قبر الإمام الخميني أثناء رحلة العودة إلي العاصمة كانت الصلاة واجبة أيضاrlm;,rlm; فقمنا بها علي مقربة من الرجل الذي غير تاريخ الشيعة والمسلمينrlm;.rlm;

وبشكل ما فقد بدت مسألة الشيعة والسنة دائما نوعا من الانشقاق التاريخي أكثر منه انشقاقا مذهبياrlm;,rlm; وبالنسبة لرواية الفتنة الكبري ذاتها فإنها في معظم الأحيان في صيغتها المصرية كانت تنم دوما عن انحياز للإمام علي بن أبي طالب ـ كرم الله وجهه ـ وامتعاض مما فعله معاوية برفع المصـاحف علي الرمـاحrlm;,rlm; واستـنكـار للخديعـة التي فعـلها عمرو بن العاص ساعة التحكيمrlm;,rlm; والغفلة التي مارسها أبو موسي الأشعري عندما خلع الإمام عن الخلافةrlm;.rlm; وفي مؤتمرات دولية كثيرة كان معظم المسلمينrlm;_rlm; شيعة وسنةrlm;-rlm; يقولون بفخر إن الانقسام بينهما لا يماثل تلك الانقسامات في المسيحية بين الكاثوليك والبروتستانت والأرثوذوكس وهي التي أدت إلي عدد من الحروب التاريخيةrlm;.rlm; وبالنسبة للمصريين فإنهم يفخرون دائما بأنهم أمسكوا بجوهر الدينrlm;-rlm; الإسلام هذه المرةrlm;-rlm; حتي أنهم انتقلوا بسهولة ويسر بين المذهب السني والشيعي عندما أتي جوهر الصقلي إلي مصر قادما من المغرب فاتحا ومؤسسا للدولة الفاطميةrlm;;rlm; ومن المذهب الشيعي إلي المذهب السني مرة أخري عندما جاءها صلاح الدين الأيوبي من المشرق هذه المرة فاتحا ومؤسسا للدولة الأيوبيةrlm;.rlm;

وصحيح أن مصر بقيت سنية بعد ذلك حتي الآنrlm;,rlm; وصحيح أنه قد تناوب عليها أشكال متنوعة من الحكام السنة حتي وصلنا إلي الدولة العثمانيةrlm;,rlm; إلا أن حب آل البيت ومقاماتهم في مصرrlm;,rlm; والتقاليد الفاطمية في الاحتفالات الدينيةrlm;,rlm; ظلت علي حالهاrlm;.rlm; وبالنسبة للمصري العادي أو حتي المثقف ثقافة عادية فإن كلمةrlm;'rlm; شيعيrlm;'rlm; لا تعني الحديث عن دين مختلف بقدر ما تعني الحديث عن مجموعة من التقاليد المختلفةrlm;.rlm; وفي واحدة من روايات نجيب محفوظ الشهيرةrlm;_rlm; أظنهاrlm;'rlm; السكريةrlm;'-rlm; تعجبت أمينة زوجة السيد أحمد عبد الجواد الشهيرة من القبض علي واحد من أحفادها بتهمةrlm;'rlm; الشيوعيةrlm;'rlm; لأنها لا تعتقد أن هناك تهمة أو جريمة في أن يكون المرء منrlm;'rlm; شيعةrlm;'rlm; الإمام علي كرم الله وجههrlm;!.rlm;

فهل يمكن بعد ذلك أن يكون الإنسان شيعيا في مصر دون أن يعد من الفئةrlm;'rlm; الرافضةrlm;'rlm; أو من المرتدينrlm;,rlm; أو علي الأقل المصدقين للتبشير الجديد أو التابعين لدولة إيران أو ممثلين لعملية استكمالrlm;'rlm; الهلال الشيعيrlm;'rlm; الذي يزحف علي المنطقة من حيث لا يعرف أحد ولا يحتسب؟rlm;.rlm; وللحق فإنه لا توجد إجابة جاهزة عن هذا السؤالrlm;,rlm; فنحنrlm;-rlm; أهل السنة والجماعةrlm;-rlm; لا نعرف الكثير عن المذهب الشيعيrlm;,rlm; كما نعرف القليل للغاية عن كل الأديان والمذاهب الأخريrlm;.rlm; وفي الدستور المصري فإنه لا يوجد نص واضح يحدد مذهب الدولةrlm;,rlm; وحتي بالنسبة للمادة الثانية من الدستور فقد قالت إن الإسلام هو دين الدولة واللغة العربية لغتهاrlm;,rlm; ومبادئrlm;_rlm; أكرر مبادئrlm;-rlm; الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريعrlm;.rlm; وفي هذا النص لا يوجد ما يقول لنا إن المذهب السني هو مذهب الدولةrlm;,rlm; وبالتأكيد فإنه لا يوجد فيه تحديد لأي من المذاهب الأربعة المالكية والحنفية والشافعية والحنبلية هي التي ينبغي لها أن تكون موجهة للتشريعrlm;.rlm; وعلي أي الأحوالrlm;,rlm; فطالما أننا نتحدث عنrlm;'rlm; المبادئrlm;'rlm; فإن أهل السنة وجماعة الشيعة يصرون علي أنه لا خلاف بينهما حول الأسس التي قام عليها الدين الإسلاميrlm;,rlm; وفي الأزهر
الشريف فإن تدريس المذهب الشيعي يتم علي أساس أنه واحد من المذاهب الإسلامية المعتبرةrlm;.rlm;

مرة أخري فإنني لا أعرف الكثير عن المذهب الشيعيrlm;,rlm; ولكن القضية ليست المعرفة بالمذاهب قدر المعرفة بالسياسة وفي هذه الأخيرة فإنني أعرف ما هو أكثرrlm;.rlm; وخلال السنوات الأخيرة هبت رياح خبيثة علي مجتمعات المنطقة يمكن التأريخ لها بقدر من التبسيط مع قيام الثورة الإيرانيةrlm;'rlm; الإسلاميةrlm;'rlm; ومن ساعتها أصبحت إيران جزءا من حركة السياسة في المنطقة من جانبها الثوري هذه المرةrlm;.rlm; وبشكل ماrlm;,rlm; ومع نهاية السبعينياتrlm;,rlm; تبادل العالم العربيrlm;,rlm; ومصر تحديداrlm;,rlm; الأدوارrlm;,rlm; فبعد أن كانت القاهرة هي قلب الثورة العربية النابض خلال الخمسينيات والستينياتrlm;,rlm; بينما كانت طهران عاصمة المحافظة والموالاة للغرب خلال نفس الفترةrlm;,rlm; فقد انقلب الحال مع نهاية السبعينيات وأصبحت إيران زعيمة للثورة بينما أصبحت مصر زعيمة للمحافظة بعد أن خاضت تجربتها الثورية وعلمت ما فيها من كوارث وحصلت علي نتائجها المرةrlm;.rlm; وخلال الثمانينيات جري ما جري في المنطقة ولكن الصراع لم يكن خلال الحرب العراقية الإيرانية بين السنة والشيعةrlm;,rlm; بل كان كما كان طوال التاريخ بين الثورة والمحافظةrlm;,rlm; وبين الفوضي والاستقرارrlm;.rlm; وببساطة لم يكن الدين أكثر من واحدة من أدوات السياسة

التي تم استخدامها كما استخدمت كل الأفكار النبيلة من قبلrlm;.rlm; وفي ذروة الحرب العراقيةrlm;_rlm; الإيرانية فإن صدام حسين لم يجرؤ علي اتهام إيران باتباع المذهب الشيعيrlm;,rlm; ولكنه لم يترك الفرصة دون أن يتهم إيران بالمجوسية ووصف الإيرانيين بعبدة النارrlm;.rlm; وكانت القضية من أولها إلي آخرها دعاية وسياسة يحاول فيها كل طرف كسب الحرب وتحقيق مصالحهrlm;.rlm;اليوم عادت اللعبة السياسية مرة أخري ولكنها دلفت هذه المرة إلي العلاقة بين السنة والشيعة عندما جري الفرز داخل العراق حول الموقف من الغزو الأمريكي فأيده السنة الأكراد وغالبية الشيعة العرب ورفضه السنة العرب وأقلية من الشيعة العربrlm;.rlm; وكان هذا الفرز طبيعيا بسبب تاريخ العلاقة مع نظام صدام حسين والقوي المعارضة لهrlm;,rlm; ولكن القوي الخارجيةrlm;_rlm; ويا لسخرية القدرrlm;-rlm; سواء كانت الولايات المتحدة أو جماعة الزرقاويrlm;,rlm; لعبت دورها في تصوير الصراع الداخلي علي أنه حرب مذهبية بين الشيعة والسنةrlm;.rlm; ولكن ما جري في العراق ما لبث أن تردد صداه في لبنان وسوريا والأردن ومنطقة الخليج كلهاrlm;,rlm; وأصبح المذهب الشيعي فجأة ليس جزءا من الدين الإسلامي وواحدا من مذاهبه المعتبرةrlm;,rlm; وإنما دين آخر يخشي منه ومن التبشير بهrlm;.rlm;

وهنا نصل إلي عقدة القضية كلها وهي اختلاط الدين بالسياسة حينما يتم تجاوز التفاعلات الاجتماعية علي أساس من البحث عن أمور الدنيا والمصالح المشتركة إلي البحث في أصولها الفقهيةrlm;,rlm; وساعتها تصبح المسألة بحثا في المذاهب والروافد والأصول والفروعrlm;.rlm; وفي السياسة يكون الانقسام بين بشر يخطئون ويصيبونrlm;,rlm; أما في الدين فإن المسألة تصير تحكيما في كلمات منزلات هي الحق وما عداه باطلrlm;.rlm; ولذا كان التحذير من التبشير قادما من الأصولية السنيةrlm;,rlm; فعندما يوجد مطلق فإنه واحد لا يعرف القسمة أو الانقسام أو السلام مع مطلقات أخريrlm;.rlm;


rlm;[email protected];