جميل الذيابي

يقول بعض العرب عن أنفسهم laquo;عرب جربraquo;، ويقال إن الأتراك هم من أطلق عليهم هذه الصفة، مثلما قالوا عنهم أيضاً laquo;عرب خياناتraquo;. لذلك فضّل الأتراك السعي إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي هروباً من laquo;جربraquo; الجامعة العربية. وربما يعزو الأطباء المتخصصون في أمراض الوباء في يوم من الأيام مصيبة العرب إلى مرض الجرب، الذي ينتقل من جسم إلى جسم ولا يُخيّل إليه أن يفارق المنطقة العربية الموبوءة. الجرب مرض استوطن في أجساد بعض البلاد العربية، على رغم سعي أشخاص منها إلى مكافحة هذا المرض ومحاربته، إلا أنه يهدد بالاستفحال في حال استمرار الصراع على الكراسي، والعضّ على السلطة بالضروس والنواجذ، وهو ما يستدعي من بقية الأجسام العربية السليمة أو الصحيحة أخذ الحيطة والحذر، قبل أن تصبح المنطقة العربية كلها laquo;موبوءةraquo;.

في العراق اقتتال بين السنة والشيعة الذين عاشوا السنين الطويلة في سلام ووئام، وفي لبنان صراعات وخلافات ومعارك كلامية تجاوزتها إلى محاولة حبس بيروت وأهلها عنوة من أطراف معارضة للحكومة، وفي فلسطين تخوينات وخلافات بين laquo;فتحraquo; و laquo;حماسraquo; وصلت حد الموت وإطلاق الرصاص في الشوارع على الأبرياء، وفي مناطق مختلفة من منطقة الشرق الأوسط تتصاعد ألسنة الدخان واللهب، وتتجسد مشاهد الموت المفزع في الطرقات.

لبنان يعيش حالاً فوضوية يتزعمها الأمين العام لـ laquo;حزب اللهraquo; السيد حسن نصرالله، صاحب نظرية laquo;النصر الإلهيraquo; منذ خطف الجنديين الإسرائيليين وتسبب ذلك في كارثة إنسانية للبنان. وقد فوّت على بلاده فرصة الاستقرار وملايين الدولارات التي تدر في فصل الصيف مشبعة بالتنمية والاستقرار، والآن ها هو يفوّت عليهم الشتاء ورغبة البقاء في أمن واستقرار، هو والمتحالفون معه من أصحاب الحقائب السرية والأسلحة الإيرانية.

العراق تأججت فيه نار الطائفية بفعل الممارسات الإيرانية وتدخلاتها، التي باتت تحصد كل مظاهر الاتفاق والوحدة، حتى وصلت حد الفتك بالأنشطة الشعبية والإبداعية، كما صرح مدير المنتخب العراقي أكرم سلمان في تصريحات صحافية أول من أمس، عقب خروج المنتخب العراقي من laquo;خليجي 18raquo; أمام المنتخب السعودي، بأن الصراع الطائفي هو السبب في خروج المنتخب العراقي من البطولة، كاشفاً الكثير من الممارسات الطائفية التي كانت تقف عثرة أمام قيامه بواجباته الفنية والإدارية، هذا ولا تزال إيران تزحف نحو مخططها التقسيمي للعراق وتغيير التركيبة السكانية العراقية، وفق ما ذكرته التقارير الصحافية من أن القوات الأميركية عثرت على وثائق إيرانية لـ laquo;تهجير السنةraquo; من بغداد، كما أفاد بيان صادر عن الجيش الأميركي في العراق يوم السبت الماضي، بأن قوات الأمن العراقية المدعومة بقوات أميركية اعتقلت خلال مداهمة قامت بها الجمعة الماضي أحد زعماء جماعة laquo;جيش المهديraquo;، المتورط في القيام بـ laquo;أعمال عنف طائفيraquo; ضد العرب السنة في بلدة laquo;بلدraquo; الشيعية.

أما لبنان فهو على وشك ان يكون عراقاً آخر، وامتداداً آخر لوجود ايران في المنطقة، عبر ميليشياتها الطائفية وغيرها من الأنظمة المتحالفة معها.

لكل ذلك يجب أن يعي الشارع العربي المغيّب أيضاً أن إيران هي مصدر خطر لجميع دول المنطقة الساعية للاستقرار والتنمية وتحقيق السلام.

إيران تُذكي العاطفة الدينية والمذهبية مثلما تفعل الجماعات الأصولية laquo;الراديكاليةraquo; في بعض بلدان المنطقة، وتحاول استغلال هذه العواطف لإيجاد حال تمدد شيعي، هي المستفيد الأول منها.

الأكيد أن لبنان وفلسطين والعراق وقعت في الفخ الإيراني الذي يريد تفتيت الهوية العربية، وجعلها في صالح الثورة الراديكالية الإيرانية في المنطقة، لتكون ايران المستفيد الأول من هذا الصراع المتأجج في أنحاء الوطن العربي، حتى تمنع أميركا والمجتمع الدولي من توجيه ضربة عسكرية لها لتتراجع عن مشروعها النووي، ثم لأن حلم تصدير ثورتها لا يزال قائماً، ويشكل اساس سياستها الخارجية في المنطقة وجميع دول العالم.