اكد انه يركز على حل الميليشيات ومحاربة الارهاب وتفعيل المصالحة ...
فتحنا حواراً مع بعثيين ومسلحين... وقضية كركوك تحل بالتوافق

بغداد - خلود العامري

اكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ان الخطة الامنية الجديدة ستكون منعطفاً كبيراً في عمل الحكومة خلال الأشهر القليلة المقبلة، وقال ان أساس الخطة يرتكز على مبدأ المساواة بين جميع العراقيين من دون تمييز وأن الحكومة لن تترك ملاذاً آمناً للإرهابيين. ولفت الى المباشرة بعملية تطهير واسعة في صفوف الجيش والشرطة أسفرت عن اخراج آلاف من العناصر والضباط في الشهور الماضية وأنها ستستمر الى حين تطهير هذه الأجهزة كلياً من الاختراقات.

وقال المالكي في حديث إلى laquo;الحياةraquo; ان الاختلافات التي يشير إليها البعض بين الاستراتيجية الاميركية في البلاد وبين استراتيجية الحكومة وخطتها الامنية هي خلافات غير صحيحة وأن الخطتين متطابقتان في الجانب الامني على رغم اختلافهما في جوانب اخرى. وأكد انه يركز على إنهاء وجود الميليشيات المسلحة وتحويلها الى منظمات سياسية، مشيراً الى حوارات واسعة امتدت لتشمل فصائل مسلحة تعود الى بعثيين سابقين طلبوا الانضمام الى الحوار مع الحكومة.

وقال ان تنظيم laquo;القاعدةraquo; بدأ يلفظ أنفاسه الأخيرة في البلاد بعدما احدثت الحكومة خرقاً في جداره التنظيمي، كما انه يعاني انقسامات حادة بين قياداته، مؤكداً ان التعامل مع الميليشيات اسهل بكثير من التعامل مع الإرهابيين والبعثيين. وأوضح ان قضية كركوك تخضع لمواد دستورية صريحة وأن التعامل معها يتم وفق الضوابط الدستورية، وقد تلجأ الأحزاب والكتل السياسية الى حل المسألة لاحقاً بطريقة التوافق السياسي في ما بينها.

وهنا نص الحديث:


gt; لنبدأ مع الملف الامني الذي تحدثت عنه اخيراً في مجلس النواب. هل يمكن ان تشرح لنا خطة امن بغداد بالتفصيل باعتباركم القائد العام للقوات المسلحة؟

- لا استطيع الحديث عن كل شيء بالتفصيل، انما سأوضح السياقات العامة التي تحدثت عنها في البرلمان، خصوصاً ما يتعلق منها بالتداخل الذي يبدو لدى البعض بين العمل الامني والعمل السياسي، فالعمل الامني بطبيعته لا يتحمل تدخلات سياسية ولا بد لرجل الامن من ان يكون مهنياً وملتزماً حدود المهنية بعيداً من الخلفيات السياسية، والمبدأ الاول للخطة قائم على هذا الاساس ونحن استفدنا في ذلك من العمليات السابقة.

نريد ان ننهي الصيحات التي تتصاعد من كل طرف حين توجه عملية عسكرية ضد اشخاص من طائفته، فهذا يقول لقد ضُرب السنة، والآخر يصيح لقد ضُرب الشيعة. والمبدأ الثاني التأكيد أن ليس هناك ملاذ آمن في بغداد لمطلوب او مرتكب جرم او يقف ضد العملية الامنية التي لا تستهدف الشيعة كما يقول الشيعة وتستهدف السنة كما يقول السنة، وكما قلت انها تستهدف الجميع ممن يخرجون على القانون ويمارسون أعمالاً ارهابية ويهجّرون العائلات ويقتلون.

وهناك ايضاً من ضمن مسارات العمليات الامنية السابقة اتهامات مبالغ فيها بعضها صحيح ان رجال الشرطة يضربون السنّة وان الجيش يضرب الشيعة، وهذه ليست قضية سنة وشيعة انما لو عدنا الى بدايات العملية السياسية وسقوط النظام نجد ان القوى في الجانب السني لم تشترك في العملية السياسية ولم تحتضن التغيير، انما اتخذت مسار المعارضة للعملية السياسية والمعارضة للقوات الأجنبية ولذلك دخلت في مواجهات، والمواجهات في طبيعتها ادت الى زيادة الاعتقالات في صفوفهم، وتحولت مناطق كثيرة الى معاقل لمعارضي العملية السياسية وانتهت الى ما انتهت اليه من عمليات تكريس لوجود منظمات اجنبية ومنظمات laquo;قاعدةraquo; وتشكلت منظمات جديدة وأخيراً ارتكبت جريمة سامراء التي فجّرت صراعاً طائفياً.

اذاً، ما كانت تقوم به الشرطة او يقوم به الجيش كان طبيعياً وليس استهدافاً للسنّة او للشيعة. وفي هذا الوقت بدأت ميليشيات وفرق الموت وعناصر الجريمة المنظمة الظهور ايضاً في الجانب الشيعي وكثرت عمليات التصدي للخارجين عن القانون في هذا الجانب وتم اعتقال العشرات بل المئات، اذاً حجم الاعتقال وحجم التصدي مرتبطان بحجم المعارضة للحكومة وممارسة أعمال العنف والقتل وليس على أسس طائفية او قومية.

وأعتقد ان السنّة لو انسجموا مع العملية السياسية وظل الشيعة يمارسون الدور نفسه لازدادت بينهم عمليات الاعتقال.


gt; لكن ماذا عن الاختراقات في الأجهزة الامنية؟

- انا اقول بصراحة أن لدينا اختراقات في أجهزتنا العسكرية وفي الشرطة، وربما يكثر الحديث عن الاختراقات في الشرطة، ولكن الاختراقات في الجيش ربما تفوقها لأنها اختراقات في مواقع متقدمة من الجيش، لكن لنعترف بأن أجهزتنا الامنية هي في حاجة الى تطهير.

ولملاحقة امتدادات الإرهابيين والميليشيات داخل الجيش والشرطة، ولقطع هذا اللغط، جعلت الشرطة والجيش شريكين في كل موقع من مواقع المسؤولية الامنية في الخطة الجديدة، ما يعني ان نقاط التفتيش المحيطة ببغداد ستكون نقاط تفتيش مشتركة بين الجيش والشرطة، والوحدات العسكرية ستكون مشتركة بين الشرطة والجيش يسندها فوج من القوات المتعددة الجنسية، ومن هنا استطعنا ان نحقق على المستوى القيادي للعمليات وجود سنّة وشيعة في المواقع العليا، وسنّة وشيعة في المواقع القيادية، كذلك الحال في قيادات الكرخ والرصافة التي تضم السنّة والشيعة، وهذا يمنحنا قوة في الرد على أولئك الذين لا يزالون يرددون الاتهامات.

ما ستقوم به الوحدات العسكرية عند الشروع في العمليات يعتمد على عاملين: الاول اننا جهزنا قوات قادرة على رد الفعل السريع، فعندما تحصل اي عملية إرهابية تحصل عملية رد فعل سريع من الطرف الامني. والثاني القيام بعمليات اعتقال لجميع المطلوبين، وقد شرعنا في هذا العمل فعلاً والاعتقالات مستمرة.

عموماً هذه هي الملامح الكلية، ومن اجل إشراك جميع مكونات الشعب العراقي السياسية والقومية والمذهبية، ولأننا لا نعتمد كلياً على الجانب الامني انما ايضاً على الجهد السياسي والجماهيري كانت لدينا الى جانب العملية العسكرية لجنة سياسية لتوفير الرأي السياسي الداعم ولجنة اعلامية لتغطية العمليات ولجنة إعمار وإيصال الخدمات الى المناطق التي ستطهّر من الارهابيين والتي سيُعمل على اعادة المهجرين اليها، وسنعتقل كل من يسكن في بيت من بيوت المهجرين. ثم لدينا لجنة اقتصادية لتوفير الاموال اللازمة لتغطية النفقات ولدينا ايضاً لجنة جماهيرية شعبية من اجل الحشد الشعبي الجماهيري دعماً للحكومة وخطة أمن بغداد.


gt; هناك استراتيجية معلنة من الرئيس الأميركي جورج بوش حول العراق تضمنت بنوداً ربما لا تتفق تماماً مع توجهات الحكومة العراقية، خصوصاً ما يتعلق منها بالجانب الإقليمي. كيف تقوّمون الموقف؟

- تكلمت في شكل واضح وصريح في هذا الجانب، ومن راقب زيارتنا الى عمان ولقاءنا مع الرئيس بوش يدرك اننا كنا نحمل استراتيجيته معنا. والرئيس بوش تلقى هذه الاستراتيجية بقناعة عالية، لذلك ما طرح من استراتيجية أميركية هو في الواقع استراتيجية الحكومة العراقية، استقينا موادها وبنودها من التجارب التي مررنا بها خلال الأعوام والأشهر الماضية، ومن يقارن بين استراتيجيتنا والاستراتيجية التي تحدث عنها الرئيس بوش سيراهما موحدتين في اغلب فصولهما. ما طرحه بوش يقوم على أساس ان تضطلع الحكومة العراقية بدورها في العملية الامنية وتتحول القوات المتعددة الجنسية الى دورها المساند الداعم للأجهزة الامنية العراقية وحتى موضوع زيادة عديد القوات الاميركية في العراق، فهذه القوات ستكون احتياطية وفي تصرف القادة الميدانيين.

لكن هناك بعض الفصول في استراتيجية بوش تخص أميركا وعلاقاتها في المنطقة ومع دول الجوار، وبالنسبة إلينا فإن دستورنا وسياستنا وتاريخنا الذي عانينا فيه نتيجة السياسات المغامرة مع دول الجوار... تفرض علينا سياسة حسن الجوار بكل جدية وصراحة ونحن نبحث عن الحلول السلمية السياسية والديبلوماسية لأي مشكلة مع اي دولة من دول الجوار، لأننا نريد للعراق ان يستقر على قاعدة التعاون والتكامل مع جيرانه وليس على قاعدة المخاصمة والاشتباك. لذلك فإن موقف الاميركيين في هذا الجانب غير مقيد للحكومة العراقية في علاقاتها مع سورية او ايران او تركيا او السعودية، بل هم يدركون ويقدرون ان الحكومة العراقية لن تناقش هذا الأمر لأنه من خصوصيات سيادتها ومصالحها، وجولتي انا والسيد رئيس الجمهورية على عدد من دول الجوار تعكس هذا الواقع.


gt; هناك طروحات لتغيير الحكومة، لا سيما بعد اعلان الرئيس بوش ان دعمه الحكومة العراقية ليس مطلقاً، ويشعر المراقبون بحراك داخل البرلمان العراقي يهدف الى تبني خيارات من بينها تشكيل تحالفات سياسية جديدة وتشكيل حكومة انقاذ، فهل تعتقدون ان هذه المسألة موجهة ضدكم شخصياً؟

- لا نعتقد ذلك، لأن هذه التحركات محدودة، والقائمون يدركون ان التغيير الحكومي لن يأتي بجديد، كما انهم يدركون ان التغيير صعب في العراق لأن الحكومة تستند الى قاعدة جماهيرية وقاعدة انتخابية وبرلمانية واسعة، لذلك يصعب التفكير في عملية التغيير.

نصنف هذه المحاولات ضمن العمليات السياسية والإعلامية للضغط على الآخر وابتزازه. وهي لا تعنينا كثيراً. ما يهمنا مصلحة البلاد سواء كانت من خلال هذه الحكومة او من خلال التفكير بحكومة جديدة، المهم هو المصلحة الوطنية العليا. والبعض الذي يطرح أفكاراً كهذه ينطلق من خلفيات طائفية ومن خلفيات اعادة عناصر النظام السابق، وقطعاً هذا يضرب رأسه بحجر ولا يستطيع ان يحقق شيئاً. اما بالنسبة الى الشق الآخر من السؤال والذي يتعلق بتحديد الحكومة الاميركية مهلة للحكومة لتحقيق النجاح، فأنا قلت سابقاً ان من حق الحكومة الاميركية ان تضع لنفسها سقفاً يحدد لها مدى الدعم لأنهم لن يقبلوا ولا نحن نقبل ان تستمر عملية الدعم الأميركي او عملية النزف الأميركي من دون حدود.


gt; طرح بوش زيادة مشاركة السنّة في القرار السياسي، ما مدى قرب هذا الطرح من مشروع المصالحة الوطنية الذي تحدثتم عنه سابقاً؟

- هذه المسألة محسومة في برنامج حكومة الوحدة الوطنية ونحن هنا امام مفهومين: مفهوم الشراكة ومفهوم الاستحقاق الانتخابي، وأنا شخصياً اميل الى مفهوم الشراكة، ولكن ما اتفق عليه السياسيون في تشكيل الحكومة كان على ضوء الاستحقاق الانتخابي، وعلى ذلك تمت تسمية الوزارات. والواقع ان السنة موجودون في الحكومة وفي مختلف مفاصل الدولة ووزاراتها ولديهم حضور عسكري وهو اكبر من حضور بقية المكونات. ولا اعتقد ان هناك من يريد استبعاد الدور السني في العملية السياسية، بل ان المكونات الثلاثة الاساسية لا بد من ان تكون حاضرة في العملية. وهناك نوع من الكلام على عدم تحقيق المشاركة، وأنا قلت امام مجلس النواب ان البعض يفهم المشاركة في ان يكون حزبه موجوداً ومن طريق حزبه تتم عملية الترشيح للمواقع والمسؤوليات في الدولة، انا لا أؤمن بهذا بل أؤمن بأن الشراكة تأتي عبر وجود المكونات، وليس عبر وجود الاحزاب فقط. فهل الطاقات موجودة فقط في الاحزاب، وهل يمكن ان يهدر الكثير من الطاقات الموجودة لدينا لأنها لا تنتمي الى الحزب الفلاني او الجهة الفلانية؟


المالكي يلقي كلمة في البرلمان العراقي

gt; بعض الاطراف ينظر الى عملية المصالحة الوطنية وكأنها مشروع عقيم ويؤكد ان الحكومة تدعو الاطراف الذين تتوافق معهم في وجهات النظر وتمتنع عن الاستماع الى معارضيها مثل البعثيين وغيرهم، هل هناك مجال لفتح حوارات مع جهات تتخذ مواقف مناوئة للحكومة؟

- الحوارات مفتوحة وهناك عشائر وشخصيات سياسية كانت معارضة للعملية السياسية وبدّلت مواقفها، وشكلنا لجاناً لإعادة ضباط سابقين في الجيش والعمل على استيعاب عناصر الأجهزة المنحلة ومنحهم حقوقهم او الاستفادة من طاقاتهم، وهناك حوارات مع منظمات تحمل السلاح ومتهمة بأشياء كثيرة.


مفاوضة البعث


gt; هل يمكن تسمية بعض هذه الجماعات؟ هل تشمل جماعات مثل laquo;الجيش الاسلاميraquo; في العراق وجيش laquo;المجاهدينraquo; او كتائب laquo;ثورة العشرينraquo; او laquo;جيش المهديraquo;؟

- نعم منهم بعض هؤلاء ولكنهم لا يرغبون في الحديث الآن قبل ان ينضج الحوار، وأعتقد ان ما صدر من تصريحات منسجمة مع الحكومة عن التيار الصدري او ما صدر عن منظمات في الجانب السني كان له تأثير ايجابي في عملية المصالحة. ولكن المصالحة ليست عملية سهلة في ظل الخلافات، إلا اننا ما زلنا نعمل بالهمة ذاتها حيث انتقلنا من المؤتمرات الى الحوارات، والآن لدينا حوارات أثمرت في منطقتين احداهما في الجانب السني والثانية في الجانب الشيعي والامور تجري بينهما الآن في شكل متفاعل ومنسجم، وما تحقق في قناعات المتخاصمين ان هذه الحكومة تؤمن فعلاً بالمصالحة الوطنية، غير ان بعض المطالب لا يمكن تحقيقه.


gt; ما هي هذه المطالب؟

- أبرزها المطالبة بالإفراج عن جميع المعتقلين وبينهم متورطون في الدم العراقي، فإذا أردنا مصالحة هؤلاء ماذا نقول لذوي الضحايا. نحن مستعدون لإطلاق سراح كل من لم تثبت عليه تهمة وكل من عليه تهمة لا تصل الى حد التورط بالدم. ولكنني لا استطيع اطلاق معتقلين متورطين بالدم العراقي ومحكوم عليهم وهناك من يطالبهم بالحق الخاص.


gt; ما هي نظرتكم لمفهومي المقاومة والارهاب في الوقت الراهن. هل لديكم ميزان محدد للتفريق بين المصطلحين؟

- قطعاً نحن ضد laquo;الارهابraquo; الذي يستهدف العراقيين، اما مفهوم laquo;المقاومةraquo; فهناك اختلاف في وجهات النظر في شأنه.


gt; ماذا عن تنظيم laquo;القاعدةraquo; في البلاد بعد العمليات الاخيرة التي نفذتها الحكومة ضده؟

- laquo;القاعدةraquo; الآن في اضعف حالاتها، لقد استطعنا ان نُحدث خرقاً في جدارها التنظيمي وأصبحت خريطة laquo;القاعدةraquo; واضحة امامنا وهي تعاني انقسامات وهناك معارك بدأت بين عناصرها، خصوصاً بين العراقيين وغير العراقيين لأن غير العراقيين ارتكبوا جرائم فاحشة حتى ضد الشريحة التي يدّعون الدفاع عنها. انا اؤكد ان ما يجري في العراق من تفجيرات انتحارية يقوم بها بقايا laquo;القاعدةraquo;، والعمل الاخطر الذي يحصل في العراق يقوم به انصار حزب البعث لأنهم يقومون بقتل العراقيين عشوائياً من دون تمييز وهو ما حصل في الجامعة المستنصرية وعلوة الرشيد وغيرهما... هذا laquo;القتل السياسيraquo; يهدف الى اثارة الرعب وإسقاط الحكومة العراقية. اما القتل على الهوية الطائفية فتم استيعابه الى درجة كبيرة جداً وهناك صيحات من الطرفين بين رجال الدين والسياسيين العقلاء تدعو الى وضع حد لهذه الجرائم وان شاء الله سينتهي ذلك قريباً، وستتوحد الجهود بين السنّة والشيعة لمواجهة بقايا laquo;القاعدةraquo;.


gt; هل تعتقدون ان فشل laquo;القاعدةraquo; في العراق ناتج من تخلي بقية الفصائل المسلحة عن دعمها؟

- مأزق laquo;القاعدةraquo; جاء نتيجة الأخطاء والجرائم والاستهتار الذي مارسه عناصرها في العراق ولإدراك الناس بأن هؤلاء لا يحبون أحداً انما يحبون أنفسهم بدليل ان بعض المناطق في محافظات العراق احتضنهم في البداية على أساس انهم laquo;مجاهدونraquo; لكنهم لاحظوا بعد مدة انهم يقودون حملة تخلف بحق المرأة ويقومون بعمليات قتل ومحاكمة وإعدامات دموية بلا رادع، وحاولوا نشر افكار متخلفة وبالية اتعبت المناطق التي اتخذوها حاضناً لهم ومنطلقاً لعملياتهم.

من هنـا بـــدأت المنـــاطق ثورة داخلية عليهم، اما في ما يخص حزب البـــعث فإنه متحالف مع الجميع، مع الشــيطان ومع laquo;القاعدةraquo; لأنه قام بأفعال دموية مماثلة ضد الشعب العراقي.


gt; هل هناك برنامج حقيقي للتعامل مع الميليشيات؟ وهل ستختفي مثلاً تسمية laquo;جيش المهديraquo; او غيره من الشارع العراقي؟

- ينبغي ان تنتهي الميليشيات ويتم تحويلها الى منظمات سياسية وإنهاء أي منافسة للدولة في محاولة بسط الأمن ومحاربة الجوع والحرمان. العقلاء يدركون هذا، لذلك فإن الاصطفاف هائل مع الحكومة في مواجهة الميليشيات والإرهاب، وأؤكد انني متفائل جداً وملامح النجاح كبيرة وأستطيع ان اقول ان الحكومة نجحت في تعبئة الرأي العام ضد ظاهرة الميليشيات والمنظمات الإرهابية ونجاحنا في امن بغداد سيكون القاعدة القوية لإنهاء ملف الميليشيات في الكثير من المناطق.


gt; هل لديكم سقف زمني محدد لإنهاء هذا الملف؟

- لا اريد ان ارتبط بمواعيد، لكنني اقول انني مصمم على انهاء هذا الملف ولدي ملفان اود الانتهاء منهما في اقرب فرصة هما ملف الارهاب والميليشيات، وملف المصالحة الوطنية مع الخارجين عن القانون.

يشرفني ان يقول عني الشيعة انني أمارس ضغطاً عليهم وأن يقول السنّة انني طائفي أمارس ضغوطاً عليهم، لأن ذلك دليل حياد ونزاهة. فأنا لا أميز بين أبناء الشعب العراقي من موقعي كرئيس وزراء للعراق، لذلك سأكون حريصاً على المساواة بين الجميع، وأعتقد ان العقلاء من العراقيين يدركون ماذا يمكن ان يحصل فيما لو استمرت الميليشيات تتصارع في ما بينها ويدركون معنى استمرار الارهاب في العراق.

لدي أمل في الانتهاء من هذين الملفين في اقل من ستة اشهر طالما كانت الجهات الميليشيوية بدأت بالتجاوب وما دامت الحكومة تفرض نفسها وقوتها. ونجاحنا في حسم موضوع الميليشيات هو نجاح في حسم ملف المصالحة الوطنية.


gt; ماذا عن تبادل الاتهامات بين السياسيين، لا سيما في البرلمان وكيف سيتوقف الاحتقان السياسي العلني بين السياسيين، خصوصاً انك لوحت قبل ايام بملف احد النواب الذي قال انه لا يصدق الحكومة؟

- حين نلجأ الى البينة والبرهان والعدالة والمساواة مع الذين يخرجون على القانون وحين نتعامل بمسؤولية عالية، سننتهي من هذه الاتهامات، وانا حين قلت انني سأعرض ملف النائب ينبغي ان اكون مسؤولاً عن كلامي. واذا ما توافرت بين يدي ملفات متعلقة بدماء العراقيين ينبغي الا نغض النظر عن مرتكب هذا العمل سواء كان شيعياً او سنياً. وأنا أدعو الى تحرير عقلية بعض الحزبيين من الإطار الحزبي الضيق الى الاطار الوطني الواسع ليجدوا ان ما يجمع بينهم هو العراق وليس الحزب.


gt; اذاً كيف ستحاربون الخطاب الطائفي في البرلمان؟

- اذا نجحنا في خطة امن بغداد وبسطنا الأمن في العاصمة على خلفية المساواة بين الجميع وعدم إعطاء ملاذات آمنة لأحد وعدم التمييز بين الخارجين على القانون، حينها سنقطع ألسنة اولئك الذين يتصيدون في الماء العكر ويحاولون إثارة الفتنة.


gt; هل ستحسمون ملف الارهاب بالسلاح والميليشيات بالحوار؟

- استطيع ان اؤكد ان الحل مع الميليشيات يبدو اسهل بكثير من الحل مع الارهاب وحزب البعث، لأن الميليشيات في غالبيتها وُلدت نتيجة ما قام به حزب البعث من إثارة للفتنة وقتل طائفي، وانفجرت الفتنة في شكل واضح إثر انفجار مرقد الإمام علي الهادي في سامراء.

اذا استطعنا القضاء على المحفزات الطائفية ستنتهي الحاجة الى وجود الميليشيات، اما المشكلة مع الارهاب ومع حزب البعث فتتعلق بالنظريات التي ينطلق منها الطرفان. فالبعث ينطلق من نظرية سياسية ويريد العودة الى العراق والى السلطة، والثاني ينطلق من عقيدة تكفيرية، تكفّر الشيعة، وهؤلاء يحتاجون الى جهدين اساسيين، الجهد الأكبر هو أمني، لأنهم حذفوا من عقولهم منطق الحوار وتخندقوا بقناعات مريضة. ولكن اذا اراد البعض منهم ان يصحو من غفلته ويعود الى رشده فسنرحب به في العملية السياسية.

الميليشيات يمكن ان تعالج بإزالة اسباب تحركها، ولكنّ جزءاً من الميليشيات اتخذ منحى خطيراً عندما امتهن عمليات الاختطاف والثأر والانتقامات الشخصية، وهذه الأعمال ستستخدم معها القوة الى جانب الحوار وقد صنفناها في خانة واحدة تحت تسمية الخارجين على القانون.


gt; اعلنتم سابقاً عن عمليات تطهير واسعة في الاجهزة الامنية؟

- نحن ورثنا اجهزة امنية في الجيش والشرطة تشكلت في شكل عشوائي وغير علمي، وهذه العشوائية أدت الى دخول عناصر إجرامية وعناصر تنتمي الى أحزاب وميليشيات الى الأجهزة الأمنية، ما اضعف فاعليتها وتسبب في الكثير من المآسي، وانا عملت منذ تسلمي الحكومة على الاستحصال على فتوى من المرجعية الدينية السنية والشيعية بحرمة العمل الحزبي داخل القوات المسلحة والشرطة وأصدرنا قراراً في مجلس الوزراء يمنع العمل الحزبي داخل المؤسسة العسكرية لأنه بوابة من بوابات التقسيم وإثارة التناقضات، ولدينا مراجعات واسعة للوقوف على خلفيات الضباط في الجيش قبل تطبيق خطة امن بغداد، بعدما امسكنا احد الضباط ومعه اثنان من أشرس المعادين للنظام الجديد، وكان صدام حسين يقيم في بيوتهم في وقت معين، وتسبب هذا الضابط بجرائم عدة حيث اكتشفنا اثناء عملية المراجعة انه كان يخفي اسمه الحقيقي ويمارس عمله في شارع حيفا وتسبب في الكثير من المآسي، وقمنا بعزل آلاف من عناصر الشرطة وآلاف من عناصر الجيش. وكما قلت لك، فإن عملية البناء العشوائي وضعتنا امام خيارات صعبة. فإما ان نعيد تشكيل الأجهزة الامنية من جديد وهذه عملية شاقة، وإما ان نقر بالواقع الموجود ونبدأ بالتغيير، لذلك اعتمدنا نظام الازاحة وهو ان نأتي بعناصر جديدة وفق ضوابط معتمدة وننهي عمل عناصر اخرى سيئة حتى نتوصل الى بناء جهاز مهني يعمل لمصلحة الحكومة.


gt; لديكم ملف مهم يجب الانتهاء منه في سقف زمني محدد، هو ملف كركوك. كيف ستعالجون القضية في ضوء التطورات السياسية الحالية ؟

- كركوك تخضع الآن لفقرة دستورية صوّت عليها الشعب العراقي. هناك مرحلة التطبيع ومرحلة الإحصاء ومرحلة الاستفتاء، ومن جانبنا كسلطة تنفيذية التزمنا تطبيق ما ورد في الدستور، وقمنا بتشكيل اللجان وصرفنا الأموال اللازمة وأمام اللجان عمل كبير، لأن قضية كركوك معقدة وتحتاج الى المزيد من التدقيق والتأمل والحكمة كي تأتي النتائج لمصلحة العراق والعراقيين جميعاً ولئلا تتحول الى بؤرة اشتباكات. وستدقق اللجنة في هويات ابناء المحافظة في ضوء إحصاء 1957 كما ستدقق في ملكية الأراضي وتعيدها الى أصحابها.


gt; واذا رفض البعض الرحيل من المدينة؟

- ربما لن يرحل، ولكن ربما لن يسمح له بالاستفتاء على مصير المدينة وسيبقى مقيماً فيها. لا اريد ان استبق الاحداث، ولكن اريد القول ان كركوك هي مدينة عراقية تخضع لدستور عراقي، واللجنة المشكلة وفق الدستور العراقي ستمارس عملها بكل عدالة وإنصاف وموضوعية ومهنية بعيداً من الانحياز الى أي اتجاه.