الخميس 1 فبراير 2007


سلام أم حرب (2)

سعد محيو

لا أحد يمكنه الرهان، أو الافتراض، أو حتى مجرد التفكير بأن الرئيسين الأمريكي جورج بوش والإيراني أحمدي نجاد يمكن ان يتوصلا في يوم ما إلى اتفاق ما. صحيح أنهما متشابهان في وجوه كثيرة، وصحيح انهما يدعيان معاً تلقي إلهامات مباشرة من العناية الالهية ووصلا إلى سدة الرئاسة على موجة عاتية من الحماسة الدينية، إلا انهما يتصادمان بالذات لأنهما متشابهان.

الأول (بوش) يؤمن حقاً بأنه لا يزال قادراً بقوة إرادته الايديولوجية على تغيير قدره الجيو سياسي في العراق. وهو، على أي حال، لا يريد ان يدخل التاريخ على أنه الرئيس الذي ضعضع الوجود الاستراتيجي للولايات المتحدة في أهم المناطق استراتيجية في العالم: الشرق الأوسط النفطي.

والثاني (نجاد) يعتقد حقاً أن جيوشه قادرة على إنجاز مهمة طرد ldquo;الشيطان الأكبرrdquo; من المنطقة. كما أنه، كما بوش، يرى هالات سماوية تحيط به في كل مكان يتوَجه إليه، بما في ذلك أمريكا اللاتينية المسيحية.

لكن مهلاً. ثمة تشابه بين الرجلين قد يؤدي هذه المرة إلى تطابق لا تنافر. فبوش سيغادر البيت الأبيض بعد أقل من سنتين. وأي رئيس (أو رئيسة) جديد يحل مكانه سيكون عليه الاعتماد على وقائع الأرض لا خيالات السماء. ونجاد قد يرحل قبله، لا لأنه سينهي ولايته بل لانه قد يطرد منها.

المؤشرات إلى هذا الاحتمال الأخير لم تن تتراكم طيلة الأسابيع القليلة الماضية. البداية كانت مع صحيفة ldquo;جمهوري إسلاميrdquo;، الناطقة باسم آية الله خامنئي، التي اتهمت مباشرة الرئيس الإيراني بrdquo;تحويل القضية النووية إلى مسألة إعلامية لتغطية عجوزات حكومتهrdquo;. وقبلها بأسبوعين، رفع 150 نائباً رسالة إلى نجاد حملوه فيها مسؤولية التضخم وارتفاع مستويات البطالة. وبعد هذه الرسالة بأسبوعين كان هاشمي رفسنجاني يطل برأسه مجدداً ليناشد خامنئي وقف نجاد عند حده ldquo;قبل ان تؤدي سياساته إلى انهيار النظامrdquo;، وفق ما نسب إليه دبلوماسيون غربيون.

هذه الحملات الداخلية على نجاد تترافق مع أخرى خارجية، بدأت تتضح معها معالم فرض حصار اقتصادي كامل على إيران. فالأوروبيون واليابانيون يتحركون بخطى سريعة لإبطاء تعاملاتهم التجارية معها. واللوبي اليهودي العالمي، الذي يتحكم بصنابير الرساميل الدولية الرئيسية، أوضح مؤخراً أنه سيقاطع كل شركة تتعامل مع طهران. هذا في حين سرت شائعات قوية بأن واشنطن تضغط بقوة لخفض سعر النفط لحرمان إيران من موردها المالي الرئيسي.

وبالطبع، حين يشتد الحصار الاقتصادي الخارجي، لن يطول الوقت قبل أن يتفاقم الحصار السياسي الداخلي على الرئيس نجاد. لا بل يبدو أن هذا التطور بدأ بالفعل. كتب مراسل ldquo;الجارديانrdquo; في طهران روبرت تايت (25 يناير/ كانون الثاني): ldquo;وقع 63 نائباً أصولياً إيرانياً عريضة تطالب باستجواب الرئيس، في وقت ينشط نواب آخرون لدحرجة رؤوس 4 وزراء قريبين منه. ويقول سياسيون مطلعون ان ثمة ما يكفي من الغضب في البرلمان لإقالة نجادrdquo;.

بوش يستعد للرحيل. نجاد قد يلحق به. هل يعني ذلك ان إيران وأمريكا ستكونان بعد حين أقرب إلى الحوار منهما إلى المجابهة؟

نعم ولا! كيف؟