عبد الرحمن الراشد
في حلب قتل محمود غول اغاسي، الذي كان قد اشتهر بأبي القعقاع. هو احد اهم المحرضين، ومجندي الشباب السوري، والعرب القادمين للحرب في العراق ولبنان وغيرهما. أثار انكشاف أمره، ثم مقتله، في الأسبوع الماضي جملة تساؤلات حول حقيقة تنظيم القاعدة. هل القاعدة، بالفعل، تنظيم عفوي من ثلة متحمسة مؤدلجة، مستعدة فداء نفسها من اجل قضاياها؟ أم انها كانت تدار من وراء الستار من قبل حكومات لا تؤمن بنفس الافكار لكنها تسخرها لأغراضها؟
على الأرجح، ان كل من التقاهم ابوالقعقاع لم يعرفوا ان الشيخ ذي اللحية الكثة ليس الا مجرد ضابط مخابرات كلف بهم، والخطابة فيهم، وحثهم على الجهاد، وتقديمهم لدوائر اخرى مكلفة، هي الاخرى، بتدريبهم، وإرسالهم الى الحرب. كل من رآه يخطب في المسجد ظنه احد الاسلاميين الحقيقيين، وصدق ان شبكة تتسمى باسم تنظيم غرباء الشام هي حركة جهادية. انطلت الحيلة على آلاف الشباب العرب الذين مروا من حلب، وغيرها، وانتهوا مقتولين او مأسورين في العراق ولبنان. كلهم ظنوا ان laquo;غرباء الشامraquo;، وأبا القعقاع، laquo;قاعديينraquo; يحاربون باسم الاسلام، ولم يدر المجندون انهم كانوا مجرد عسكر في كتائب مخابراتية.
وهذا يثبت ان القاعدة، عمليا، مجرد لعبة في يد أنظمة، ربما بدون علم حتى قياداتها، او بدون رضاها. وهذا يعني ان الشبكة التحتية للتنظيم، من مراكز تجميع، وتدريب، ودعاية، وانترنت، ربما تتبع لنفس الجهات.
وليس جديدا استخدام الاجهزة الاستخباراتية الخلايا المعارضة كفخاخ لاصطياد المعارضين. فقد سبق للمخابرات الاميركية ان اسست منظمات شيوعية في اميركا اللاتينية، من أجل التعرف على النشطين الشيوعيين في الساحة، تراقبهم وتعرف مخططاتهم. ويجري في منطقتنا الكثير مما يثير الشبهة أيضا، مثل المنتديات الالكترونية المتطرفة التي تشير الدلائل على ان بعضها مصائد للمراقبة بحثا عن المتطرفين.
القاعدة صارت مجرد اسم، لا نعرف ماذا بقي منه، هذا اذا كان تأسيسها، في الأصل، بالفعل عملا فرديامن اسامة بن لادن وأتباعه في افغانستان. اليوم القاعدة توجد في بلدان غريبة عليها مثل ايران، التي تمسك بعدد من كبار القادة من بينهم سعد ابن اسامة بن لادن، وسيف العدل، الذين يقيمون على اراضيها بمعرفة السلطات الايرانية، لكن يمنع عليهم الخروج منها. وسبق لإيران ان اعترفت بوجودهم عندها، لكنها اكدت انهم معتقلون. وهو أمر يثير الريبة، لأن اعضاء القاعدة الموجودين عندها منذ عام 2001 لم يحاكموا، وتورطوا في تدبير اعمال خارجية. أيضا، ضبطت الكثير من الاسلحة الايرانية مع مقاتلي القاعدة في العراق.
فضح شخصية أبو القعقاع، ثم مقتله، ليست الا البداية في قصة معقدة وغامضة.
التعليقات