التربية طرحت الفكرة ثم تراجعت عنها
مقرر للثقافة الجنسية في المدارس بين القبول والرفض


حمد السلامة


في السنوات الأخيرة ومع بداية كل عام دراسي جديد، يعود الحديث عن وضع مقرر بعنوان 'الثقافة الجنسية'، يدرسه الطلاب في جميع المراحل الدراسية، بهدف تعليمهم وتثقيفهم بشكل صحيح بعيدا عن المعتقدات الخاطئة والممارسات السيئة والمعلومات المغلوطة التي يتلقونها من رفقاء السوء أو القنوات الإباحية أو شبكة الإنترنت.
وزارة التربية طرحت الفكرة بحذر ثم تراجعت عنها من دون اسباب واضحة او معلنة على الرغم من تطبيقها في عدد كبير من الدول.
الأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة العدل والتي تؤكد حدوث 737 جريمة اعتداء على العرض والسمعة خلال عام 2006، تنذر بالخطر لأن هذا الرقم هو المسجل فقط من الجرائم، والذي يتوقع بعض المختصين ان يصل عددها الى اضعاف هذا الرقم.

القنوات الفضائية التي انتشرت بشكل سرطاني في السنوات العشر الأخيرة تبث على مدار الساعة برامج وكليبات وأفلاما تثير الغرائز والنتيجة ان الاطفال والشباب يقعون فريسة سهلة لسيل جارف من الاثارة الجنسية، في ظل قصور من وسائل الاعلام والمدارس والأسر.
'القبس' سألت مجموعة من أولياء الامور وعلماء الاجتماع والتربية عن رأيهم في طرح مقرر جديد للثقافة الجنسية، تباينت ردود الافعال بين مؤيد بشدة لطرح هذا المقرر لتوعية الطلاب وتحصينهم ضد المعلومات الخاطئة والمشاهد الاباحية التي يتلقونها من اصدقاء السوء والفضائيات والانترنت، وبعضهم متحفظ على طرحه من دون دمجه مع مناهج اخرى مثل الاحياء والتربية الاسلامية، لكن الجميع اتفقوا على ضرورة وضعه من قبل اساتذة متخصصين في التربية والدين وعلم الاجتماع والنفس، بحيث يراعي الخصوصية الكويتية والثقافة الإسلامية، كما يراعي الأنماط والشرائح والأعمار التي سيتوجه إليها.. وهنا التفاصيل:

بداية، أكد عبدالوهاب الكندري ان تثقيف الابناء منذ الصغر بالأمور الضرورية التي تخص الحياة الجنسية له ايجابيات كثيرة ستطغى على الكثير من السلبيات التي يقع فيها ابناؤنا هذه الأيام بسبب تلقيهم معلومات مغلوطة أو خاطئة أو ناقصة من أقرانهم.
واضاف ان الكثير من ابنائنا يقعون فريسة لسوء استخدام الانترنت والقنوات الفضائية سواء كانت عربية أو أجنبية، التي أصبحت تبث مشاهد جنسية فاضحة في برامجها وأغانيها.
وبين الكندري ان تعليم وتثقيف الابناء بشكل صحيح منذ الصغر على السلوك الجنسي الصحيح سيجعلهم واعين ومدركين لطبيعة العلاقة الزوجية في المستقبل، مبينا ان الكثير من الشباب أصبحوا ضحايا عدم التوعية بهذا الشأن.

وطالب بإنشاء قناة تخص الجيل القادم، برامج ومواد إعلامية توعوية في ما يخص الحياة الجنسية لتقيهم من شرك القنوات الاباحية.

بر الأمان

من جانبه، أكد زيد الزيد ان توعية الأجيال والعبور بهم الى بر الأمان بطريقة صحيحة يعتبر أمرا ضروريا لا بد منه.
واضاف ان انحراف الأجيال يكون بسبب عدم تعليمهم منذ الصغر بما هو خطأ وما هو صحيح، وقال للأسف الشديد مناهجنا الدراسية ينقصها الكثير من التوعية في جوانب كثيرة ومن أهمها الثقافة الجنسية وترسيخ معناها الصحيح في أذهانهم.
وأشار الزيد الى ان سوء حال الجيل القادم سينعكس بالطبع على وطننا سلبا، لان تلك الأجيال هي عماد الوطن في المستقبل، ولا بد من اعداد شباب ذوي وعي في كل النواحي العلمية والثقافية والدينية والرياضية.
وبين ان لدى ابنائنا هذه الأيام مليون مصدر يدعو للانحراف وتثبيث الصورة الخاطئة للجنس في عقولهم ومنها القنوات الفضائية والانترنت، وطالب جميع الجهات المعنية بضرورة العمل لانقاذهم من هذه المخاطر.

الكم والكيف

أما يوسف العبدالكريم فأوضح انه لا مانع لديه من طرح مقرر للثقافة الجنسية بشرط ان يوضع على نهج إسلامي ويكون ذا أساسيات ذات صلة وثيقة بواقعنا.
وأشار الى ضرورة مراعاة الكم والكيف عند وضع أساسيات وتسلسل منهج الثقافة الجنسية وتكيفيه مع المراحل السنية كي ينمو هذا المفهوم تدريجيا في عقول الأجيال.
وبين العبدالكريم ان حالات الاغتصاب والاعتداء والتحرش الجنسي زادت في وقتنا الحالي بشكل كبير سواء ضد الاطفال او المراهقين، مبررا ذلك بغياب التوعية في اغلب مراحل الدراسة.
وطالب بدعم مثل هذه المقررات التي توضع لحل هذه المشاكل والظواهر، وعدم محاربتها اذا كانت لمصلحة ابنائنا.

أمور خاطئة

قال علي الدوسري نؤيد مثل هذه المقررات، حيث اصبح ابناؤنا يتعلمون امورا خاطئة لا يصدقها العقل، فلا بد ان نعلم جيل المراهقين كيفية التغيرات التي تطرأ على اجسامهم عند البلوغ.
واضاف ان المرحلة الانتقالية التي يعيشونها تسبب صدمة لبعضهم لعدم معرفة ببعض التغييرات والافرازات التي تطرأ على اجسامهم سواء الذكور منهم او الاناث.
واعتبر الدوسري ان هذه المقررات سوف تزيد من اطلاعهم ووعيهم بأهمية المعرفة الكاملة بماهية ثقافة الجنس ابتداء من مرحلة البلوغ ومرورا بالزواج والحمل لدى الاناث وانتهاء بتعليم ابنائهم الثقافة الجنسية حتى لا يقعوا في براثن المعتقدات الخاطئة.
واعاد شعور بعض المراهقين بالاثارة الجنسية عند رؤيتهم لبعض البرامج التي تبث قضايا جنسية الى عدم معرفتهم بالثقافة الجنسية الصحيحة.

طريقة علمية

واوضح بدر الشطي ان طرح مقررات الثقافة الجنسية امر لا يختلف عليه اثنان لكن بشرط طرحه بطريقة علمية كما حدث مع مادة الاحياء بحيث تتطرق تلك المناهج لبعض المواضيع بشكل علمي وتوعوي لا يخدش الحياء او يثير الغرائز.
واضاف عندما تصل المعلومة الى ابنائنا بشكل علمي وصحيح افضل من ان تصل لهم من الغير وبصورة خاطئة بالخارج.
ولفت الشطي الى ضرورة مثل هذه المقررات معتبرا ان ابناءنا يشاهدون حاليا العديد من البرامج والاغاني والافلام الاباحية عبر عشرات القنوات الفضائية والانترنت.
واشار الى ايجابية اقرار مثل هذه المقررات التي ستكون حلا لحماية اجيالنا من الضياع في دوامات العولمة.