زيّان
في انتظار عمرو موسى الذي يعرف الجميع انه لن يشيل الزير اللبناني من بئر ساحة رياض الصلح وزواريب الفتنة، أم في انتظار نتائج quot;المساعي الصامتةquot; بين السعوديَّة وايران، أم في انتظار عجيبة ما، والزمن ليس زمن عجائب؟
بشيء من الواقعيَّة، وبكثير من القلق، يدرك اللبنانيّون أن المأزق الذي زجَّهم الصراع الاقليمي في أتونه ليس في إمكانهم وحدهم، ولا حتى بمساعدة الأمين العام للجامعة العربيّة، حلَّ حرف من طلاسمه وتعقيداته.
مثلما يدركون أن قرار النزول الى الساحات والشوارع مفتاحه ليس في بيروت. ولا شيء يمنع عودة التصعيد والتهديد بدواليب النار في أي لحظة، رغم الهدوء الثقيل الوطأة الذي يسود quot;الجبهاتquot; منذ يومين ثلاثة.
فالأسباب الحقيقيَّة الكامنة وراء الأزمة المفتعلة من أولها الى آخرها وبكل تفاصيلها، والتي دفعت فئة من اللبنانيين لنقل الوضع من الاستقرار والأمان والتفاؤل الى الفوضى والفلتان والخوف، لا تزال quot;ثابتةquot; في مواقعها. وكذلك الدوافع والأغراض والأهداف... التي يتجاهلونها عمداً في بلاغاتهم الحربيَّة.
أما براميل البارود التي ظهرت فجأة في بعض الساحات والشوارع، وكادت تفرقع لبنان بمن فيه، فانها لم تغادر مطارحها، بعد، ولا تزال صالحة للاستعمال، وعلى أتم الاستعداد.
وما لم يصدر بيان توافقي موقَّع من القيادات والمرجعيّات المعنيَّة بالأزمة، يدعو الى نقل المواجهة من خلف المتاريس، والعودة بالخلافات الى طاولة الحوار، فان كل الاحتمالات ستبقى واردة.
وخصوصاً احتمال الاصطدامات الطائفيَّة والمذهبيَّة. فما حصل إنما كان بقرار اتخذه فريق معيَّن من اللبنانيّين، والرجوع عنه وانهاؤه ينتظر قراراً آخر من الفريق ذاته.
والاعلان صراحة ان لا نزول الى الساحات والشوارع بعد اليوم. ولا اعتصامات لأسابيع وأشهر. ولا مشاريع ثورات وحروب أهلية على أنواعها.
حتى اللحظة ما من اشارة، ما من حركة، ما من تلميحة توحي بأي تغيّر أو تبدل. وتالياً، فان الأزمة باقية في الشارع ومعها المأزق الكبير وبرميل البارود.
وان بُحَّت أصوات الغيارى والمحبّين، وهي تناشد الناس جميعهم كلّهم أن يشفقوا على لبنانهم، وأن يجنّبوه ويجنّبوا أنفسهم هذا المسلسل الطويل من الخضَّات والتجارب، ومغادرة ملعب النار وملعب الصراعات الإقليميّة قبل فوات الأوان.
ولطالما توالت المناشدات العربيَّة، والدوليَّة، داعية ذوي الألباب والعقلاء الى بذل المستحيل لعدم تضييع نتائج مؤتمر باريس، وعدم التفريط بالدعم غير المسبوق الذي حظي به لبنان... والذي لن يتكرَّر.
لا تعيدوا لبنان ساحة، أو مسرحاً، أو ورقة، لتصفية حسابات الآخرين، ولخوض حروبهم نيابة عنهم.
- آخر تحديث :
التعليقات