داني روبنشتاين - هآرتس
ليست هناك فرصة من أي نوع لتغيير حماس. وهي حقيقة تعرفها معظم الشخصيات السياسية الفلسطينية والمصرية التي شاركت في المحاولات التي بذلت بهدف التوصل إلى اتفاق بين الطرفين. ومع ذلك، يستمر الكثيرون في بذل محاولات أخرى للتوصل إلى اتفاق حول إقامة حكومة وحدة وطنية يكون من شأنها أن تضع حداً لسفك الدماء في غزة.
لعل واحدة من أكثر المحاولات إثارة للاهتمام هي تلك التي تقدم بها أشهر السجناء الفلسطينيين، مروان البرغوثي، والذي أرسل من زنزانة سجنه الأسبوع الماضي أحد مساعديه، الوزير السابق قدورة فارس ومحاميه خضر شقيرات إلى دمشق لإجراء محادثات مع مشعل وقيادة حماس. وقد عاد الرجلان بوثيقة جديدة لتولية رئيس الوزراء القديم/الجديد إسماعيل هنية، والتي سينقلها له محمود عباس. ويفترض في هذه الوثيقة أن تقول: quot;إنني أدعوك بوصفك رئيساً لوزراء الحكومة الفلسطينية الجديدة أن تحافظ بأمانة على مصالح الشعب الفلسطيني، وأن تحمي حقوقه، وتصون منجزاته وأن تستمر بالعمل على تحقيق الأهداف الوطنية، كما نصت عليها قرارات المجلس الوطني الفلسطيني (لمنظمة التحرير الفلسطينية)، والدستور الفلسطيني ووثيقة المصالحة الوطنية (التي صيغت على أساس وثيقة السجناء التي وقعها قادة الفصائل الفلسطينية المعتقلين في إسرائيل). وينبغي على حكومتك أن تراعي قرارات القمم العربية، والقرارات الدولية، والاتفاقيات التي كانت قد وقعتها منظمة التحرير الفلسطينيةquot;.
ولدى عودته، قدم قدورة إلى أبو مازن أيضاً اقتراحاً بتعيين شخصيات محايدة ndash;أي أشخاص غير مرتبطين بأن من حماس أو فتح- لتولي المناصب الرئيسية الثلاثة في الحكومة القادمة: وزير الخارجية، ووزير الداخلية ووزير المالية. ولعل من المنطقي افتراض أن هذا الاقتراح، أو ما يشبهه، سوف يعرض خلال محادثات فتح وحماس الجارية في مكة كجزء من وساطة العربية السعودية. لكن المشكلة، بالطبع، هي أنه بعد سنة من المحادثات ومحاولات الإقناع، فإن الصورة التي تتبدى بوضوح تقول بأن من المستحيل حل الخلافات بين الأطراف. إذ لا تستطيع فتح أن تتنكر للاتفاقيات السابقة وتتراجع عن اعترافها بإسرائيل. وإذا ما كان هناك اعتقاد ذات يوم بأن حماس ربما تغير مواقفها لتصبح أكثر اعتدالاً، فقد أصبح واضحاً الآن أن ذلك لا يمكن أن يحدث. فبوصفها حركة دينية والتي تشكل على نحو ما فرعاً من حركة الإخوان المسلمين، لا تستطيع حماس تغيير مواقفها. وقد تم التأكيد على ذلك مرات عديدة في الماضي، ولكن هناك من بين عناصر القيادة الفلسطينية من ظنوا بأن حماس ربما تكشف عن شيء من المرونة، وقد أصيب معظم هؤلاء باليأس. إن الطريقة للتعامل مع حماس والحالة هذه لا ينبغي أن تتمثل في محاولة تغييرها، وإنما الدفع بها إلى الخطوط الجانبية. أي، محاولة إعادة هذه الحركة القومية-الدينية إلى المكانة والحجم اللذين كانت عليهما قبل الانتخابات الأخيرة.
كيف يمكن عمل ذلك؟ ليس باستخدام القوة. فكلما زادت إسرائيل والولايات المتحدة وبقية العالم من مساعدة عباس بالمال والسلاح على هزيمة حماس، زادت فرصة أن تحظى حماس بمزيد من التأييد. وقد كان بوسع المرء خلال الأيام القليلة الماضية أن يسمع أشياء تقال في الشارع الفلسطيني من قبيل quot;إننا لم نعط لحماس الفرصةquot;. وعندما يقارن الغزي العادي رجل فتح القوي محمد دحلان (أسد غزة، كما يدعوه مؤيدوه) بإسماعيل هنية، فإنه ليس هناك من شك حول أيهما يحظى بقدر أكبر من الشعبية. فدحلان، بمظهره الوسيم والدعم الأميركي الذي يتمتع به، يرتبط في الذهن بكل شيء سيئ أحدثته السلطة الفلسطينية واتفاقيات أوسلو.
إن الجمهور الفلسطيني سوف يكون مستعداً لابتلاع كرامته، ولتقديم تنازلات بحيث يدعم أشخاصاً مثل دحلان وجماعته فقط إذا تبين أن بإمكان هؤلاء أن يكونوا مفيدين وقادرين على تحقيق نتائج. وقد كشفت تجربة الماضي عن أن التقدم الدبلوماسي الدراماتيكي فقط هو الذي استطاع أن يوقف حماس. وفقط عندما يبدو المسار السياسي لإبو مازن وفتح وهو يحقق نجاحاً، فإنه سيكون من الممكن للجمهور الفلسطيني حينذاك أن ينفضّ من حول حماس لتعود أقلية، كما كانت ذات مرة قبل أن يبدأ سيلان الدماء قبل حوالي ست سنوات.
التعليقات