laquo;الحياةraquo; تنشر رسالة وقّعها أسامة بن لادن تحدّد لـlaquo;الجماعة السلفيةraquo; الجزائرية أهدافاً يجب ضربها في جنوب وشرق فرنسا ...


باريس - رولان جاكار وعثمان تزغارت

حذّر تقرير سري فرنسي رُفع أخيراً إلى السلطات الحكومية من مخطط لتنظيم laquo;القاعدةraquo; يهدف إلى تكرار ما وصفه بـ laquo;السيناريو الاسبانيraquo; خلال انتخابات الرئاسة الفرنسية المقبلة. وقال التقرير ان laquo;القاعدةraquo; تسعى لاستهداف فرنسا خلال حملة انتخابات الرئاسة، بغية التأثير في نتائج هذه الانتخابات، كما سبق أن فعلته في الانتخابات الاسبانية، عبر تفجيرات مدريد، في آذار (مارس) 2004.

التقرير الذي اطلعت laquo;الحياةraquo; على نسخة منه، يقع في ثماني صفحات، ويحمل عنوان laquo;تقييم وضع حال التهديد الإسلامي الراديكالي في فرنساraquo;. واستغرق إنجازه ثلاثة أشهر، بمشاركة مختلف أجهزة الاستخبارات والأمن المعنية بمكافحة الإرهاب في فرنسا.


ويشير التقرير إلى أن قرائن عدّة ترجّح وجود خطة لتكرار السيناريو الاسباني فرنسياً، ومن أبرزها: laquo;رسائل تهديد تم تداولها على مواقع إنترنت مقربة من laquo;القاعدةraquo;، وتتضمّن صوراً للحملة الانتخابية الحالية في فرنساraquo;. ويضيف التقرير: laquo;ما يزيد من جدّية هذا التهديد أن قياديي laquo;القاعدةraquo; يحتاجون إلى التدليل أنهم ما يزالون يمارسون تأثيرهم لا في الأراضي التقليدية لـ laquo;الجهادraquo;، كالعراق وأفغانستان فحسب، بل أيضاً في أوروباraquo;.

بعد التحذير من هذا laquo;السيناريو الإرهابيraquo;، ومطالبة السلطات بأخذه على مأخذ الجد، يستعرض التقرير أربعة laquo;مصادر تهديدraquo; يقول أنها قد تكون أطرافاً في تنفيذ هذا المخطط. أولاها laquo;الشبكات العراقيةraquo;، التي يقول التقرير أنها تشهد خلال الأشهر الأخيرة، وبالأخص منذ نهاية الصيف الماضي، laquo;موجة تراجعيةraquo; تتمثل في الإيعاز إلى مئات من المتطوعين، ذوي الأصول الأوروبية، الذين توافدوا إلى العراق للاشتراك في محاربة القوات الأميركية، بالعودة والتسلل سرّا إلى بلدانهم الأصلية في أوروبا، بغية تأسيس شبكات سرية هناك أو تنفيذ عمليات إرهابية.

وينقل التقرير معلومات سرية حصلت عليها أجهزة استخبارات أوروبية من نظيراتها العراقية أخيراً، ومفادها أن عبدالعزيز محمد سعيد، الملقّب بـ laquo;الشيخ عمر الكرديraquo;، وهو أحد المساعدين القريبين من laquo;أبي مصعب الزرقاويraquo; سابقاً، اعترف خلال استنطاق الأجهزة العراقية له بأن ثلاثين جهادياً من أصول مغاربية، مزوّدين جوازات تتيح لهم السفر دون تأشيرات في الدول الغربية، تم تسريبهم سرّا نحو فرنسا وكندا وعدد من الدول الفرنكوفونية في افريقيا، بهدف التحضير لهجمات إرهابية. ويضيف التقرير أن أجهزة مكافحة الإرهاب بدأت بالتعامل في شكل أكثر جدية مع هذه المعلومة، إثر اعتقال بعض أعضاء هذه الشبكة أخيراً في كندا.

مصدر التهديد الثاني الذي تم رصده يتمثل في laquo;الشبكات الأفغانية ـ الباكستانيةraquo;، حيث يشير التقرير إلى أنه خلافاً للاعتقاد الذي كان سائداً بأن هذه الشبكات تم تحطيمها بالكامل، بعد هجمات 11 سبتمبر، فقد بدأت معسكرات التدريب تعاود الظهور في المناطق القبلية البشتونية، على طرفي الحدود الأفغانية - الباكستانية.

ويحذّر التقرير من أن متطوعين جهاديين من أصول أوروبية رُصدوا في معسكرين اثنين، أحدهما يقع قرب laquo;واناraquo;، في مقاطعة laquo;وزيرستانraquo; الباكستانية، ويشرف عليه قياديون من laquo;طالبانraquo;، والثاني يقع في laquo;كونارraquo; بأفغانستان، ويديره قائد من البشتون الأفغانيين يدعى laquo;أمين الحقraquo;، وهو من الحرّاس الشخصيين السابقين لأسامة بن لادن.

ويضيف التقرير أن هذه الشبكات تشكّل عامل قلق بارزاً لأجهزة مكافحة الإرهاب الفرنسية، خاصة بعد أن لوحظ أن كل الخلايا الإرهابية التي تخرّج أعضاؤها من هذه المعسكرات الأفغانية - الباكستانية الجديدة، والتي فُككت أخيراً في بريطانيا وبلجيكا واسبانيا والمغرب، وُجد في حوزتها laquo;دليل جهاديraquo; من تأليف مصطفى ست مريم نصار (أبو مصعب السوري) يحض على مهاجمة فرنسا على أساس انها laquo;هدف شرعي للجهادraquo;.

ومن دوافع القلق الأخرى حيال هذه الشبكات، يذكُر التقرير معلومات توصلت بها أجهزة الاستخبارات البريطانية من نظيراتها الباكستانية، ومفادها أن خلايا انتحارية تم تدربيها في المعسكرات الآنفة الذكر، وتسرّبت أخيراً إلى دول أوروبية لتدبير هجمات، مع الإشارة إلى أنها تضم من ضمن عناصرها - للمرة الأولى - نساء جهاديات.

ويربط التقرير بين هذه المعلومة وبين تفصيل أثار انتباه واستغراب المحققين أثناء عمليات اعتقال خلايا إرهابية عدّة، خلال الأشهر الأخيرة، في بريطانيا والمغرب والسعودية، ويتمثل في العثور في مخابئ تلك الخلايا الإرهابية على ... باروكات نسوية!

إلى ذلك، رصد التقرير مصدراً ثالثاً للتهديد اصطلح على تسميته بـ laquo;الشبكات القوقازيةraquo;. يشرف على إدارة هذه الشبكات مندوب laquo;القاعدةraquo; في آسيا الوسطى، الأوزبكي طاهر يورداشييف. ويقول التقرير أن هذه الشبكات تضم فسيفساء من المعسكرات والقواعد السرية التي تمتد من كشمير الباكستانية إلى غاية مقاطعة laquo;غزين جيانغraquo; الصينية، مروراً بأوزبكستان وجورجيا والشيشان.

ويذكر التقرير، على سبيل المثال، أن معسكراً لتدريب الجهاديين الأوروبيين تم إنشاؤه خلال الصيف الماضي في منطقة تقع تحت سيطرة تنظيم laquo;عسكر الطيبةraquo; في كشمير. وقد اعتُقل متطرفون تخرجوا من هذا المعسكر يحملون الجنسية البريطانية والهولندية. وفي فرنسا، اعتقل جهاز laquo;دي. إس. تي.raquo; أخيراً، في مدينة laquo;تورraquo;، مجموعة من المتطوعين للجهاد، معتقداً أنهم كانوا يتأهبون للسفر إلى العراق. وتبين لاحقاً، في أثناء استنطاقهم، أنهم كانوا ينوون الالتحاق بالمعسكر آنف الذكر في كشمير.

أما مصدر التهديد الرابع والأخير الذي رصده التقرير، مشيراً إلى أنه يعد الأكثر خطورة، فيتمثل في الشبكات المغاربية التابعة لـ laquo;الجماعة السلفية للدعوة والقتالraquo; الجزائرية، حيث يشير إلى أن laquo;أميرraquo; هذه الجماعة عبدالمالك دروكدال (أبو مصعب عبد الودود) قام، مرات عدّة، منذ خريف العام 2005، بالتهجم على فرنسا وتهديدها في شكل علني. ويذكّر التقرير بأن الرجل الثاني في تنظيم laquo;القاعدةraquo;، أيمن الظواهري، قام في أيلول (سبتمبر) الماضي بتأكيد ومباركة التحالف الذي كانت laquo;الجماعة السلفيةraquo; الجزائرية عقدته مع الزرقاوي، في تشرين الثاني (نوفمبر) 2005. ويضيف التقرير أن الظواهري، بتأكيده شرعية هذا التحالف، جعل من laquo;السلفيةraquo; الجزائرية رأس الحربة في نشاطات laquo;القاعدةraquo; في أوروبا والمغرب العربي. وأعلنت laquo;الجماعة السلفيةraquo; الشهر الماضي أنها غيّرت اسمها الى laquo;قاعدة الجهاد ببلاد المغرب الإسلاميraquo;، وان ذلك تم بعد الحصول على موافقة أسامة بن لادن.

ويختم التقرير بالقول: laquo;إن الجماعة السلفية للدعوة والقتال تشكّل حالياً مصدر التهديد الأكثر ثقلاً على فرنسا وعلى أوروبا كلها. فبفضل قوة تنظيمها، وقِدَم صلاتها مع laquo;القاعدةraquo;، وبالأخص مع أسامة بن لادن شخصياً، أصبحت laquo;السلفيةraquo; بمثابة تيار الاستقطاب المركزي لـ laquo;القاعدةraquo; في أوروباraquo;.

وقد تحرّت laquo;الحياةraquo; في شأن ما أشار إليه التقرير من صلات قديمة بين laquo;السلفيةraquo; الجزائرية وبين أسامة بن لادن شخصياً، وهل القصد من هذه الصلات ما تم تداوله إعلامياً، قبل سنوات، في شأن أن أسامة بن لادن هو الذي أوحى إلى مؤسس laquo;السلفيةraquo;، حسان حطاب، بفكرة الانشقاق عن laquo;الجماعة الإسلامية المسلحةraquo; وتأسيس تنظيم سلفي بديل. إلا أن مصدراً أمنياً فرنسياً خبيراً في قضايا الإرهاب، تحدثت إليه laquo;الحياةraquo; في باريس، قال إن الأمر أخطر من ذلك بكثير، مشيراً على سبيل المثال إلى خطاب موقّع بيد أسامة بن لادن وموجّه إلى قيادي في laquo;السلفيةraquo; الجزائرية، يدعى laquo;أبو القاسمraquo;، كان قد كتب إليه مُستفتياً بخصوص جواز استهداف فرنسا على أراضيها. وجاء ردّ زعيم laquo;القاعدةraquo; بالإيجاب، في هذا الخطاب الذي تنفرد laquo;الحياةraquo; بنشر نسخة منه. وأضاف: laquo;... ومن جهتنا فقد أوعزنا بالاتصال بكم مع أخذ الحيطة للتفاهم حول الأهداف الأكثر إيلاماً للعدو في شرق بلده وجنوبهraquo;!


(*) رولان جاكار، خبير فرنسي يرأس المرصد الدولي للإرهاب، وهو عضو لجنة المستشارين الاستراتيجيين في قضايا الإرهاب لدى مجلس الأمن الدولي. الزميل عثمان تزغارت، صحافي جزائري مقيم في باريس، متخصص في الشؤون الإسلامية. المؤلفان أصدرا كتاباً مشتركاً بالفرنسية، تحت عنوان laquo;أسامة بن لادن: الخطة المبيتة لتدمير الغربraquo;.