ساطع نور الدين
أخطر ما في نتائج الحرب الاسرائيلية الاخيرة على لبنان هو ان اسرائيل تشعر بالحاجة الى استئنافها عند أي فرصة مناسبة، وتحت أي ذريعة ممكنة، وهو ما لا ينطبق على حزب الله تماما، برغم انه لا يمانع الدخول في مواجهة عسكرية جديدة، اذا اقتضت الضرورة، ولم يعد هناك مجال لإنكار ذرائعها المحتملة.
وأسوأ ما في الحرب المقبلة على لبنان انها ستكون حربا اسرائيلية يخوضها الاسرائيليون بالنيابة عن أنفسهم، ومن اجل استعادة صورة جيشهم ومكانة دولتهم وتماسك مجتمعهم، ومن اجل الدفاع عن وجودهم في المشرق العربي، ومن أجل صيانة موقعهم ودورهم في نظر العالم كله، وليس فقط في نظر الاميركيين الذين دفعوهم الى خوض الحرب الاخيرة ومواصلتها لمدة 33 يوما، بهدف تدمير الشيعة وتأديب إيران وتحذير سوريا.. وهو ما لم يتحقق منه سوى البند الاول.
الحرب المقبلة ضرورية لاسرائيل، لكنها ليست حتمية بالنسبة الى لبنان تحديدا. ما جرى في الايام القليلة الماضية هو محاولة إسرائيلية أكيدة لايجاد ذرائع لتفجيرها، تشبه الى حد بعيد المحاولات التي كانت تجري قبل الغزو الاسرائيلي في العام ,1982 وهي لن تقتصر على اختراق الحدود بحجة إزالة عبوات ناسفة، او مواقع محصنة. والمخيلة العسكرية الاسرائيلية يمكن ان تصل الى حد إطلاق صواريخ مجددا من داخل الاراضي اللبنانية او ربما تسلل مسلحين وراء الخط الازرق..
لا تخفي اسرائيل في أي لحظة انها تستعد للحرب المقبلة، وهي تتحدث عن مواعيد محتملة لها في الربيع او الصيف المقبل. برغم ان احدا لا يعرف الشكل الذي ستتخذه او المدى الذي ستبلغه او حتى الجغرافيا التي ستستهدفها بعدما استنفدت جميع الاهداف المتاحة في تموز الماضي.. ولم يبق سوى بقعة صغيرة من الارض اللبنانية التي يمكن ان تكون مستباحة للآلة العسكرية الاسرائيلية في المستقبل. لكن العثور على مواقع لبنانية جذابة للتدمير والقتل لم يكن في أي يوم من الايام مشكلة صعبة بالنسبة الى الاسرائيليين، ولن يكون.
مع ذلك، فإن الاعتقاد السائد هو ان الحرب المقبلة يمكن ان تبدأ بلبنان، لكنها حتما لن تنتهي في المجال اللبناني، الذي سيكون بمثابة نقطة انطلاق لحملة عسكرية اسرائيلية واسعة تصل الى سوريا وتتلاقى مع حملة أميركية شاملة على إيران، وتؤدي الى احداث انقلاب جذري في موازين القوى الاقليمية التي اختلت في العام الماضي نتيجة الفشل الاميركي في العراق..
هو احتمال، يستدعي تعبئة لبنانية مختلفة لا تعتمد فقط على جهوزية حزب الله للدفاع، او على حرصه على عدم توفير أي ذريعة لمثل هذه الحرب. ثمة حاجة الى تطوير الوسائل السياسية المتوافرة لتجنيب لبنان مثل هذا الخطر الداهم، من القوات الدولية العاملة جنوبي الليطاني وربما ايضا توسيع نطاق عملها، الى تعزيز المظلة الدولية التي يتمتع بها لبنان حاليا.. لان ما يفصل دائما بين الشجاعة والحماقة خيط رفيع جدا.
- آخر تحديث :
التعليقات