الأثنين 19 فبراير 2007


فاتح عبدالسلام

استنادا الي تصريح جنرال أمريكي فإن العنف متوقف مؤقتا في اثناء الانتشار المكتسح لبغداد بقوات تزيد علي 112 ألفاً.

هذا التصريح احمله علي محمل الجد لأنه مبني علي تصورات استخباراتية وعسكرية لجيش اكتسب خبرة أربع سنوات في العراق. ربما كانت هذه القناعة هي احدي نتائج خطة بغداد المتفق مبدئيا علي اعلانها مبكرا في اجراء احترازي يستبق المفاجآت قبل أن يعلن عن انتهاء الخطة رسمياً. من المجدي التعامل مع هذه الحقيقة التي افرزتها الخطة وهي في طور الولادة علي نحو (واقعي). فالخطة التي توقف العنف ولاتنهيه ومن ثم لانعرف كم سيمتد عمر الخطة لنعرف كم يدوم عمر (هذا الاستقرار المؤقت) الذي يشبه الي حد كبير القنبلة المؤقتة التي يمكن ان تتعايش معها ولاتنفجر عليك اذا كان موعد انفجارها لم يحن بعد.
العمليات الحربية في بغداد تخضع لاجندة سياسية تحرك الذراع الامنية و اتجاهاتها بهذه المواصفات تجريبية بين خطأ وصواب، والخطأ الواحد هنا مكلف وله اثر لا يعالج بسهولة. أصحاب الخطة ومبرمجوها يحاولون نزع مسمار امان تلك القنبلة المؤقتة. وتخيلوا كيف يمكن ان نجني ثمار الاستقرار ممن يقع نفسيا وسياسيا تحت هاجس التعامل مع القنبلة المؤقتة التي مصيرها الي انفجار حتمي ومجهول التوقيت.
وكما وصفت مادلين اولبرايت استراتيجية الرئيس بوش في العراق من انها (أمل) اكثر منها استراتيجية فإن الخطة الأمنية التي هي جزء صغير من الاستراتيجية ستكون حتما اقل من الامل في اساسها .
هناك سذاجة. و(سذاجة ذكية ومتعمدة) في اعلان سياسيين عراقيين دعم الخطة الامنية لبغداد. ذلك ان الأطراف العراقية كافة دخلت الان في مرحلة ما بعد الخطة وبدأت ترتب امورها علي وفق اية نتائج (فعلية) أو (وهمية) للخطة. كان هناك دعاة لمواكبة الحل السياسي لتلك الخطة الامنية الحربية. غير أن الحال اصبح مغايرا الآن تماما، فالخطة هي عبور نحو ضفة اخري. وقيام (العابرين) بقطع الجسر وراءهم مع أي نوع من الحلول الاخري يعني خسارة الحل السياسي، وعدم قطف ثمار العبور بالخطة الي الضفة الاخري، لأن العابرين انفسهم لن يستطيعوا العودة الي نقطة الشروع او الضفة الاولي التي انطلقوا منها. تناقض جديد في اطار الازمة المزمنة.