مجدي مهنا


منذ خمسة أو ستة شهور سألني الأمير طلال بن عبدالعزيز: أين الدكتور أسامة الباز؟ وربما كان يقصد: ما الذي تبقي من أسامة الباز المستشار السياسي لرئيس الجمهورية؟

أمس افتتح أسامة الباز معرض laquo;الرقص في بر مصرraquo; في جاليري قرطبة بالمهندسين .. وافتتح في اليوم نفسه معرضا آخر بقاعة الزمالك للفنون.

هذا هو الذي تبقي من أسامة الباز ، الإنسان والفنان والعاشق للفنون وللحياة، أما الدور السياسي أو الوظيفة التي من المفترض أن يمارسها، وهي مستشار رئيس الجمهورية للشؤون السياسية فهو لم يعد يمارسها، بدليل أنه لا يشارك في الاجتماعات التي يدعو إليها رئيس الجمهورية المتعلقة بالشأن السياسي ، ولم يعد يشارك في الوفد الدبلوماسي في سفريات الرئيس مبارك إلي الخارج، ومنطقيا لم نعد نقرأ له تصريحات أو تعليقات علي الأحداث الجارية في الخارج والداخل، والتي كان أسامة الباز اللاعب الرئيسي فيها.

ومن حق أسامة الباز أن يطلب الراحة من هذا العمل الشاق الذي أمضي فيه أكثر من ثلاثين عاما إلي جانب الرئيس مبارك، كما من حق الرئيس مبارك أن يطلب منه الراحة، وأن يستعين بمستشارين آخرين. هذا حق لكل من الباز والرئيس ، لكن أن يستمر أسامة الباز في منصب المستشار السياسي لرئيس الجمهورية دون أن يكون له أي دور في رسم السياسة الداخلية أو الخارجية للدولة، وأن يظل يكتب في الصحف هذه الصفة مقرونة باسمه، فهذا هو الأمر الذي يدعو إلي العجب.

لقد أدي أسامة الباز دوره في فترة زمنية معينة بما لهذا الدور من نجاحات وإخفاقات.. وتقييم هذا الدور متروك للتاريخ وللحقبة الزمنية التي ستأتي بعد حكم الرئيس مبارك ، وربما سيجري التعتيم علي الكثير من المواقف والأحداث إذا لم يكتب أسامة الباز بنفسه مذكراته ومشاهداته وانطباعاته علي حقبة مهمة من تاريخ مصر ، فقدت فيها دورها الريادي في المنطقة، وفقدت الكثير من وزنها السياسي لأسباب خارجية أكبر من قدرة مصر علي مواجهتها ، ولأسباب داخلية يتحمل مسؤوليتها بالكامل نظام الحكم والقيادة السياسية.

وغياب أسامة الباز عن الساحة، دون معرفة أو طرح البديل له الذي يعمل كمستشار سياسي للرئيس يدعو إلي التساؤل: كيف يفكر الرئيس؟ ومن هو أو من هم مستشاروه ؟ وما دورهم بالضبط؟

وغير صحيح أن وزارة الخارجية ووزيرها الحالي أو السابق أو اللاحق هو الذي يرسم السياسة الخارجية ، وهو العقل المفكر للرئيس أو حتي يقوم بدور المستشار السياسي للرئيس، فالخارجية ووزيرها ينفذان ما يرسم لهما من سياسات، ليس أكثر ولا أقل.

وأمر يدعو إلي الدهشة، وأحيانا إلي الانزعاج، ألا يعرف الرأي العام مستشاري رئيس الجمهورية.. أم أن الرئيس في بلادنا لا يحتاج إلي مستشارين، ولا إلي معاونين له.. فالرئيس هو صاحب القرار وحده ولا رئيس إلا الرئيس.