مجدي مهنا

في سؤال لصحيفة laquo;الأهرامraquo; عن ضعف قبضة البابا شنودة علي الكنيسة.. قال قداسته: أنا لا أدعي أن لي قبضة، لكن القبضة هي قبضة الحق، وأنا أمثل الحق في الكنيسة، بحيث أعطي لكل واحد حقه.. إلي أن قال: إذا لم يلجأ الناس إلي البابا في شؤون الكنيسة فلمن يلجأون؟!

القبضة التي تسود هي قبضة الحق وليست قبضة إنسان.. وأنا أمثل الدفاع عن الحق، سواء في النواحي الدينية والعقائدية ومحاربة البدع أو الأخطاء التي يقع فيها الكهنة أو غيرهم.


لا يا قداسة البابا.. أنت بشر.. ولست الحق.. ولا تمثل الحق.. لأن الحق الذي هو الله لا يخطئ.. بينما أنت تخطئ وتصيب.


كيف تقول يا قداسة البابا ويطاوعك عقلك قبل لسانك علي القول بأن القبضة التي تسود في الكنيسة هي قبضة الحق، وليست قبضة إنسان؟
أستغفر الله العظيم.. أقولها وأنا المسلم.. فما الذي سيقوله أخي القبطي؟! أنت إنسان يا قداسة البابا.. وقبضتك تتكون من خمسة أصابع، مثل أي إنسان آخر، وما يفضلها عن أصابع أي إنسان هو ما تقدمه من خير لشعبك.. لكنها في النهاية قبضة إنسان، والإنسان ليس معصوماً من الخطأ، وقداستك لست معصوماً أيضاً.


المعصوم هو الله.. سواء في الدين الإسلامي أو في الدين المسيحي أو الدين اليهودي، والحق في كل الرسالات السماوية هو الله.. وليس من حق أحد أن يصوّر نفسه أنه يحكم باسم الإله.. مهما بلغ شأنه وارتفع قدره، أو أن قراراته وأقواله وأفعاله وتصرفاته، لا يأتيها الباطل من بين يديه ولا من خلفه.


وإذا لم يلجأ الناس إلي البابا، فيمكنهم اللجوء إلي القانون للحصول علي حقوقهم.. وهذا هو الأساس في المواطنة التي نتحدث عنها ليل نهار.. ثم يأتي قداسة البابا لينسف مبدأ المواطنة، ويجعل نفسه فوق القانون وفوق الدولة.. إنه الحق كما قال.. والحق لا يحاسب.. ولا يحاسبه أحد.. لأنه لا يخطئ كما قال قداسة البابا.


ما أنت إلا بشر.. وإذا أخطأت قداستك، فمن حق شعبك أن يقاضيك وأن يذهب بخلافه معك إلي المحاكم، وأن يحتكم إلي القانون.. حتي في المسائل الدينية والعقائدية.


إذا قال البابا شنودة إنه الحق.. وقال معه شيخ الأزهر إنه الحق.. وقال رئيس الجمهورية إنه الحق.. وقال وزير الداخلية إنه الحق.. وقال أمين السياسات في الحزب الوطني إنه الحق.. وقلت عن نفسي إنني الحق.. فمن المؤكد أننا نعيش في دولة غاب الحق فيها، بل نعيش في دولة الظلم والقهر والجبروت والتجبر، فهل كل هذه المعاني غابت عن قداسة البابا شنودة؟

وهل يراجع كلامه الذي صرح به إلي laquo;الأهرامraquo; في عدد أمس الأول، أم أنه لايزال يعتقد أنه الحق الذي لا يخطئ.. وأن القبضة التي يحكم بها ليست قبضة إنسان.. بل قبضة الحق؟!
أستغفر الله العظيم من كل إثم عظيم.