عودة الهجوم على النظام المصري في الإعلام الأميركي
الصحف الأميركية تعاود انتقاد نظام مبارك

تقرير واشنطن: بعد فترة من الصمت والتوقف عن انتقاد تعامل النظام المصري مع ملف حقوق الإنسان وتراجع عملية الإصلاح السياسي سواء في التصريحات الرسمية للمسئولين الأميركيين أو في وسائل الإعلام، عادت اكبر صحيفتين في الولايات المتحدة هذا الأسبوع لانتقاد نظام مبارك. فقد أفردت صحيفة واشنطن بوست افتتاحيتها يوم الأربعاء لتناول قضية الحكم بسجن مدون مصري اتهم بازدراء الدين واهانة الرئيس مبارك.

فقد ذكرت الصحيفة أن دارة بوش قد تهاونت إزاء قمع المعارضة الداخلية، كما تهاونت إزاء التراجع بشكل كبير عن المنجزات الديمقراطية التي تحققت في ربيع 2005 الديمقراطي، جزئيا لأن الرئيس مبارك يدعى أن المعارضين له متطرفون إسلاميون يمثلون مصدر للخطر، صحيح أن أكبر حركة معارضة في مصر هي جماعة الإخوان المسلمين، فإن الحكم بخطورتها يظل موضعا للنقاش. لكن ما لم ينتبه إليه الكثيرون هو أن السيد مبارك يحتفظ بقمعه الأكثر قسوة ليس للإسلاميين الذين يسيطرون على خمس مقاعد البرلمان. لكن للديمقراطيين العلمانيين الذين يدافعون عن الانتخابات الحرة والإعلام الحر وحقوق المرأة والتسامح الديني.

وأضافت الصحيفة إن آخر قضية تؤكد على هذا التوجه، هي قضية المدون عبد الكريم سليمان الذي حكم عليه بالسجن لمدة أربع سنوات الأسبوع الماضي، على خلفية اتهامه بالتحريض ضد الديني وتهديد السلم الاجتماعي وإهانة quot;الرئيسquot;. وكان الطالب الشجاع والمشاغب الذي لا يزيد عمره عن 22 عاما، قد لفت الانتباه إليه للمرة الأولى عندما نشر مقالات في مدونته ترفض المظاهرات التي استهدفت الأقلية المصرية القبطية في الإسكندرية. وقال آنذاك إن الوحشية التي كان شاهدا عليها كانت نابعة من مناهج التدريس المتطرفة، والتي وصفها بأنها الوجه الآخر لتنظيم القاعدة.

واستطردت الصحيفة قائلة إنه وبغض النظر عن هذه المبالغات، فإن هناك حقيقة هامة في كثير من اتهامات هذا المدون، وإذا كانت صحيحة أو خاطئة، فيبدو بدون شك أنه يستحق نفس الدرجة من حرية التعبير التي تتمتع بها الجرائد المصرية الحكومية التي تنشر يوميا خطبا قذرة معادية للسامية. وكان سليمان واحدا من العديد من المدونين المصريين الذين سجنوا خلال السنة الماضية. وعلى الرغم من أن بعضهم قد أفرج عنه بعد الضرب المبرح وفي أحد الحالات بعد الاغتصاب من قبل رجال الشرطة. فإن سليمان قد تعرض للمحاكمة، فيما يبدو أنه محاولة واضحة لتجميد منبر متنامي من منابر حرية التعبير.

وأضافت الجريدة أنه هذا المدون بوصفه سجينا سياسيا فقد انضم إلى السياسي أيمن نور الذي أرسل إلى السجن من سنة بتهم ملفقة، في أعقاب خوضه انتخابات الرئاسة ضد السيد مبارك ببرنامج ديمقراطي ليبرالي، كما أن عدد سجناء الإخوان المسلمين قد وصل إلى 800 سجين خلال السنة الماضية. كل هذا قامت به حكومة تظل واحدة من أكبر متلقي المعونات الأمريكية في العالم، حيث تحصل حكومة مبارك على ما يزيد عن 2 مليار دولار سنويا.

أما صحيفة نيويورك تايمز فقد نشرت تحقيقا مرفقا بتقرير مصور نشر على موقع الصحيفة الإلكتروني أعده مراسلها في القاهرة مايكل سلكمان حول فساد الحكومة المصرية وعدم ثقة الفقراء في مصر في الحكومة التي لا يعتقدون أنها موجودة من أجلهم. وركز التحقيق على ثقافة العشوائيات واعتبر أن فئات الشعب المهمشة في الأحياء الفقيرة في القاهرة تتجنب التعامل مع دولة تجاهلت فقرائها لمواجهة مصيرهم بدونها.

المحادثات المباشرة مع إيران وسوريا

اهتمت وسائل الإعلام الأميركية بتصريحات وزيرة الخارجية كوندوليسا رايس التي أعلنت فيها أنه بناء على توصيات تقرير بيكر- هاملتون، وبناء على مطالب أعضاء الكونغرس، فإن الإدارة الأمريكية تتفق الآن مع الحكومة العراقية على أهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه جيران العراق في تحقيق الاستقرار. وأعلنت رايس مشاركة بلادها في مؤتمر بغداد المزمع عقده في النصف الأول من شهر مارس بمشاركة دول الجوار بما فيهم إيران وسوريا.

وفي تناولها لهذا التطور استضافت شبكة أخبارMSNBC يوم صباح الجمعة محلل الشئون الإيرانية هزير تيموريان الذي شجع في بداية حديثه هذا التحول في الدبلوماسية الأمريكية، كما أكد على أهمية المؤتمر قائلا إنني استطيع إحصاء 17 وفدا يمثلون 17 دولة ومنظمة سوف يحضرون المؤتمر. ولم يستبعد تيموريان أن يجري الأميركيون محادثات مباشرة مع كل من إيران وسوريا قائلا إن لقاء مسئولين أميركيين بإيرانيين أو سوريين قد حدث بالفعل رغم وجود الخلافات، فقد جلس كولن باول وزير الخارجية السابق في حفل عشاء في القاهرة عام 2004 بجوار وزير خارجية إيران.

وأعرب المحلل السياسي عن اعتقاده أن وزيرة الخارجية رايس قد حققت انتصارا بهذه الخطوة في معركتها مع قيادات وزارة الدفاع الذين يرفضون إبداء أي نوع من المرونة مع إيران. وأضاف إن الموقف بالنسبة لرايس الآن هو نوع من المراهنة على رد الفعل الإيراني، فإذا أبدت إيران مرونة إزاء مطالب الولايات المتحدة لها بوقف برنامج تخصيب اليورانيوم، وتوقفت عن التدخل في الشؤون العراقية واستهداف قوات التحالف، فإننا يمكن تهنئة كوندي على نجاح دبلوماسيتها الجديدة.

وفي صحيفة واشنطن بوست كتب غلن كاسلر يوم الأربعاء الماضي أن رايس التي قسمت دول منطقة الشرق الأوسط إلى معتدلين (مصر والسعودية) ومتطرفين (سوريا وإيران) في العام الماضي، ودعت ليس فقط إلى عدم التعامل مع الدولتين المتطرفتين، بل إلى زيادة عزلهما عن محيطهما الإقليمي، تعلن الآن مشاركة الولايات المتحدة في مؤتمر بغداد بحضور وفدي سوريا وإيران.

وأضاف غلن إن شون مكروماك المتحدث باسم وزارة الخارجية قد ألمح إلى إمكانية عقد محادثات ثنائية بين وفد الولايات المتحدة ووفدي كل من سوريا وإيران، معتبرا أن هذا النوع من المحادثات سيركز على مستقبل العراق، ولن يتطرق إلى ملف إيران النووي، الذي ترفض إدارة بوش التفاوض حوله إلا بعد أن تعلن إيران في البداية عن توقف برنامج تخصيب اليورانيوم.