أحمد الربعي

شعوب ودول الشرق الأوسط مرت بأزمات وحروب طاحنة، من الحروب العربية الإسرائيلية إلى الحروب بين هذه الدول، إلى الإرهاب الأسود الذي قتل المدنيين الأبرياء في عواصم عربية كثيرة، إلى أزمات لا تنتهي..!

كل ذلك مر على هذه المنطقة المنكوبة، ودفعت الشعوب ثمنا باهظا من غياب الاستقرار، وعاش الناس ضنك العيش والبطالة وتضخمت ميزانيات التسلح، وفقد الكثير من الشباب الأمل في مستقبل آمن ومستقر..!

هل هناك أخطر مما مرت به المنطقة من أزمات؟ نقول نعم وبصوت عال، فأخطر ما يمكن أن يواجه المنطقة في المستقبل المنظور، هو الحرب الطائفية والتمترس وراء الطوائف، فهذا النوع من الحرب هو انتحار جماعي لن ينجو منه أحد، ولن ينتصر فيه أحد، وإذا كان من السهل أن تبدأ الحرب الطائفية فإن من الصعب، بل ومن المستحيل وقفها، وسيجد أبناء الوطن الواحد، وأبناء العمومة أنفسهم وجها لوجه في حرب طاحنة لن تبقي ولن تذر.

لقد جربنا ذلك في الحرب الأهلية اللبنانية، خاصة في جانبها الطائفي، ونعانيه اليوم في العراق من قتل على الهوية إلى مهاجمة دور العبادة، إلى سيارات مفخخة تقتل الأبرياء في الشوارع والأسواق.

من هنا تأتي القمة السعودية الإيرانية كبارقة أمل بلغة جديدة تترفع فوق الطروحات الطائفية، التي لو نجحت فلن تبقي ولن تذر، والمطلوب من الجميع أن يؤمن ويمارس فكرة أن هناك خطا احمر لا يمكن السماح به، وهو خط التحريض، والتمويل والتسليح الطائفي، وممارسة اللغة الطائفية الانتحارية التي لا تخدم أحدا.

مطلوب من إيران أكثر من غيرها أن تمارس انضباطا في الطرح الطائفي، ونحن لا نتحدث عن الحكومة الإيرانية فقط ، فهناك طروحات طائفية تغذيها أطراف ومرجعيات في إيران وتنتقل عبر الحدود إلى دول عديدة، خاصة في العالم العربي وباكستان وجمهوريات آسيا الوسطى، وستخطئ إيران الدولة كما ستخطئ بعض هذه المرجعيات إذا اعتقدت أن هناك إمكانية لنجاح تنظيم أو جماعة تحركها نزعات طائفية، بل لا نغالي إذا قلنا إن مثل هذه التحركات سترتد على أصحابها وستحرق بنارها الجميع.

اللغة التي خرجت بها القمة السعودية الإيرانية، هي اللغة التي يجب أن تسود، لغة التسامح والإيمان بأن هناك إلهاً واحداً ونبياً واحداً وقبلة واحدة، وان كل بقية التفاصيل يمكن استيعابها والتعايش معها.

نعود للقول إن الطائفية هي الانتحار بعينه، إنها الحرب الخاسرة، والموت الجماعي والمرض الذي لا يمكن علاجه.