محمود محمد


أكد د. أحمد أبوبركة نائب الإخوان المسلمين بمجلس الشعب ومسؤول الملف الدستوري والتشريعي بالكتلة أن الحزب الحاكم احتكر بمؤسساته وهيئاته إجراء التعديلات الدستورية وانعزل عن الوطن كله، مما سيمهد لانتشار laquo;الفوضي الخلاقةraquo;

وناشد الرئيس مبارك تجنيب مصر المخاطر التي سيترتب عليها هذه التعديلات، وأعلن أبوبركة في حواره مع laquo;المصري اليومraquo; انتهاء برنامج الحزب الجديد للإخوان وأنهم سيتقدمون به للجنة شؤون الأحزاب خلال أيام وبعد رفضه سيناضلون في القضاء..

.. قدمتم رؤيتكم في التعديلات الدستورية، ثم رفضتم التعديلات من حيث المبدأ مع أن البعض يري أن بها إيجابيات، فلماذا رفضتم؟

ـ التعديلات لا تسير في اتجاه واحد وتهدف إلي تعميق الطبيعة الشمولية الاستبدادية الرئاسية في نظام الحكم، وذلك من خلال الاقتراحات بالتعديلات عن المادة ٨٨، ٦٢، ٧٦، ١٧٩ تطرقها للمواد ٤١، ٤٤، ٤٥ والمواد ١٩٤، ١٩٥، ٢٠٥ من الدستور، هذه الحزمة من التعديلات من وجهة نظرنا تمثل الفقرة العملية في التعديلات وما عداها فقرات تسويقية ترويجية فارغة من كل محتوي ومضمون وعليه رفضنا التعديلات من حيث المبدأ، لأن المطروح علينا ليس مبدأ التعديل المطلق في الدستور وإنما مبدأ تعديل نصوص محددة وله أسباب ودواع معينة.

.. ولكن البعض يفسر رفضكم بسبب تعديل المادتين الخاصتين بالمواطنة وعدم إنشاء أحزاب علي أساس ديني؟

ـ المادة الأولي والمواد المصاحبة لها عشر مواد هي تحصيل حاصل وإقرار واقع موجود في الدستور، بالنسبة لمسألة الاشتراكية الواقع العملي يقول إن المجتمع المصري تحول تحولاً كاملاً إلي النظام الرأسمالي الحر وأنه قذف بالاشتراكية خلف ظهره ووضعها تحت قدمه وتجاوز كل أحكام الدستور في هذا والمحكمة الدستورية العليا قدمت رؤية أنه لا تعارض بين التحول الاقتصادي ونصوص الدسور فنصوص الدستور تسعي للمستقبل وتكيف كل الأوضاع وكان حكم الدستورية كافياً تماماً، وفي جوهرها لها وجهان وجه قانوني ووجه سياسي الوجه القانوني: أن ما تعرضه رابطة الجنسية بين الفرد والوطن من حقوق وواجبات، الحقوق العامة مثل حق الانتخابات والمشاركة وحق الجنسية، وغيرها،

وبالتالي يصبح وضعها laquo;المواطنةraquo; في صدر المادة الأولي لا جديد في ذلك والشق السياسي هو الرابطة المعنوية التي تجمع أبناء الوطن الواحد وتجسد طموحاتهم وآمالهم في حدود غاية الوطن مثل laquo;حمايته، تنميته، استقراره، وتقدمهraquo; ولا خلاف علي قيام هذه الرابطة والإسلام كشريعة حب الأوطان.

.. وماذا عن رفضكم لتعديل المادة الخامسة؟

ـ هذه التعديلات احتكرها الحزب الحاكم بمؤسساته وهيئاته وانعزل عن الوطن كله، ورغم أن النواب قد أبدوا رؤيتهم العام الماضي في التعديلات الدستورية، لكن لم تراع أن الأحزاب والمجتمع المدني وغيرهم لم يستطلع آراؤهم ولم يمكنوا من أن تكون المناقشات في صورة مؤتمر وطني عام يشارك فيه الجميع لما فيه مصالح الوطن وأبنائه، بحيث لا نستطيع أن نقول إن ما يحدث نتيجة إجماع وطني علي هذه التعديلات أبداً لم يحدث ذلك مطلقاً، ولذلك هو طرح أحادي مصطنع مخنوق ومعلوم ذلك للجميع،

وهذا غير جائز دستورياً وليس له مشروعية وبالنسبة للمادة الخامسة كان هناك إجماع وطني لدي الأحزاب والقوي السياسية والخبراء والمتخصصين وحتي لبعض أفراد الحزب الحاكم أنفسهم أن أزمة الحياة السياسية والحزبية لا تكمن في نص دستوري بل في قانون الأحزاب القانون ٤٠ لسنة ٧٧ هو أزمة الحياة الحزبية حيث حولها من لجنة إدارية عقد بناصيتها الإذن أو عدم الإذن للأحزاب بالوجود ثم بعد ذلك عقد ناصيتها الهيمنة علي الأحزاب ولا تسمح إلا بما تريده وتعيق الاتصال الجماهيري ولا تمكن الأحزاب من التواصل وتكوين رأي عام وهذه الأزمة الحقيقية لإصلاح الحياة الحزبية، وأي مدخل آخر غير صحيح

.. ما هذه القيود؟

- عندما أضع ألفاظاً ومعاني تختلف مع أصول التنظيم السياسي في العالم كله وتختلف مع أهداف وغايات الأحزاب، إذن الهدف من التعديلات مزيد من التشوه والإعاقة فحينما أضع ألفاظاً غير محددة المعالم أو المفاهيم وأوكل بلجنة إدارية أصول تطبيقها مثل قانون الأحزاب، فهذه اللجنة ستمنح ما تريد وستحظر ما تريد بحكم القانون.

والأحزاب كما قلنا هي الوحدة الأولية في الحياة السياسية مثل الإنسان الذي يعتبر الوحدة الأولية في الحياة الاجتماعية فمثلاً إذا أصاب الإنسان شيء في عقله هل يستطيع أن يتفاعل مع الحياة الاجتماعية أو يغير واقعاً، بالقطع لا، وعقول الأحزاب هي مرجعيتها وفكرها ولذلك كانت حرية الأحزاب كاملة في اختيار مرجعيتها وتختارها كما تشاء ليبرالية أو اشتراكية أو رأسمالية أو حتي أكثر من ٤٥ دولة في العالم أحزاباً تستمد من المرجعية الدينية سواء في أوروبا أوأمريكا أوآسيا..

أعلنتم تأسيس حزب واشترطتم عدم التقدم للجنة الأحزاب ألا تري أن ذلك يعتبر فرقعة إعلامية؟

- الفكرة الدينية في الفكر السياسي الغربي تختلف اختلافاً كاملاً عن المفهوم الإسلامي أو غير الإسلامي في النظام الشرقي عن مسألة الحكم، والمفهوم الثيوقراطي الذي يكون فيه الحاكم منزهاً ويحتكر الحقيقة وحده هذا كلام لا وجود له في الإسلام مطلقاً.

.. لكنه مطبق في إيران؟

- في إيران نظام سياسي كامل وإذا أردت عليك أن ترجع وتحلل كل مفرداته، ولكن هي رؤية اجتهادية فقهية قد تصيب أو تخطئ وليست قرآناً والتجربة الإيرانية ليست نموذجاً يجب محاكاته، وهي نموذج قدم تجربة تطبيقية في ١٤ انتخاباً برلمانياً بشهادة كل الأعداء والمؤيدين لها ما لها وعليها ما عليها وبهذه المناسبة النص علي عدم نشأة الأحزاب، علي أساس ديني تدعو إلي إقامة دول ثيوقراطية بالمفهوم الغربي،

كما أن مجلس الشعب يبدأ جلساته بعبارة laquo;بسم الله، باسم الشعب، وقل اعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنونraquo; ورئيس الجمهورية يذهب في ليلة القدر ويكرم العلماء فهل هذه أنشطة سياسية.

المسألة في غاية الخطورة وتزيد الحياة السياسية تكبيلاً فوق تكبيلها وتعقيداً وهو ليس موجهاً للإخوان المسلمين بل للمجتمع المصري عموماً ولا يبشر بخير، وبالنسبة لمسألة الحزب، لقد أعلنا في التأسيس وقلنا إننا نجهز برنامجه وقيل علي لسان البعض إنه لن يعرض علي لجنة الأحزاب وقيل البعض إنه سوف يعرض لكن في النهاية المسألة سوف يحكمها القانون

ونحن نلتزم بالقانون، لجنة الأحزاب لا نرضي عنها ونقول إنها عوار في عوار وأنها حالة استثنائية شاذة ولا توجد مثلها في أي مكان بالعالم ومع ذلك نحن ملزمون بحكم القانون وعليه سنتقدم بهذا الحزب إلي لجنة الأحزاب وسترفضه لجنة الأحزاب وسنذهب لمحكمة الأحزاب في نضال لن ندخر فيه وسعاً ومع ذلك سنستخدم كل الوسائل القانونية.

.. هل حزبكم مبني علي مرجعية دينية؟

- هي ليست مرجعية دينية بالمفهوم الغربي، لكن مرجعيته الأساسية هي المقومات الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور من المواد ١: ٢٢ ومرجعيته كذلك مبادئ الشريعة الإسلامية.

.. هل انتهيتم من برنامج الحزب لتقديمه إلي لجنة شؤون الأحزاب؟

- انتهينا منه وسيطرح علي الحوار العام ويشارك فيه كل المتخصصين والأحزاب وكل أطياف الشعب المصري ويمكن أن نعدل أو نضيف أو نحذف بحيث يخرج كنموذج لما يجب أن تكون عليه الأحزاب في الحياة السياسية المصرية.

.. لو قدر لكم انشاء حزب هل ستنفصلون عن التنظيم الدولي للإخوان المسلمين؟

- الحزب شيء والجماعة شيء آخر فالحزب لمصر، يعمل من خلال مبدأ المواطنة في المجتمع المصري ويرعي مصالح المجتمع وآمال المصريين وطموحاتهم ولا يفكر في شيء علي الأطلاق سوي مصلحة مصر كوطن وبالتالي لا علاقة له بالتنظيم الدولي إطلاقًا إنما هو حينما يتحدث في العلاقات الخارجية، يعني علاقات الدولة المصرية بالعالم كله من خلال رؤية الحزب للعلاقات الخارجية لكن ليس له صلة بالتنظيم الدولي أو غيره كما أن الإخوان المسلمين بمصر ليست لهم علاقة بالتنظيم الدولي علي الإطلاق وليس الأمر إلا مسألة تنظيمية فحسب

.. هل كما تتمنون إنشاء حزب علي أساس ديني يمكن أن يحول الدولة إلي دولة دينية؟

- بالقطع والجزم واليقين أقول وأؤكد لك laquo;لأraquo; لأننا لا نفكر في إنشاء دولة دينية أصلاً ونحن ضد الدولة الدينية بالمفهوم الثيوقراطي الغربي علي طول الخط ونحن نقول أن النظام المصري الحالي هو نظام دولة دينية وفي عصر السادات نظام دولة دينية وفي عصر عبد الناصر نظام دولة دينية وفي ظل مبارك هو نظام دولة دينية كما هو في مفهوم الثيوقراطي الغربي، لأنه شمولي ومسيطر ومتحكم

ونحن لا نرغب في ذلك وإنما نطلب تحولاً ديمقراطيا حقيقيًا يكون الشعب فيه مصدرًا حقيقيا للسلطات ويكون فيه فصل حقيقي للسلطات وتكون فيه محاسبة ومساءلة عن أي سلطة ويكون تلازمًا بين السلطة والمسؤولية وهذا مبدأ إسلامي أصيل وبالتالي هناك تعارض كامل وتناقض كلي بين مفهوم الدولة في النظام الإسلامي وبين مفهوم الدولة الدينية التي عرفها العرب.

.. هل سينضم أقباط للحزب الجديد؟

- بكل تأكيد الحزب مفتوح أمام جميع المصريين مسلمين وأقباطًا ونساء ورجالاً وشبابًا وأطفالاً.. مفتوح وحق مكفول للجميع.

.. هل بدأتم الاتفاق مع بعض الأقباط للانضمام إلي الحزب؟

- بعض الأقباط تقدموا إلينا للانضمام ونحن نرحب بهم ونقدرهم وخلال الأيام المقبلة عندما يتم الطرح العام نتوقع انضمام اقباط كثيرين إلي الحزب.

.. هل هناك من بعض هؤلاء الأقباط شخصيات مشهورة؟

- بكل تأكيد، لكن غير مسموح بذكر الأسماء الآن.

.. أنت ملتزم بالسرية، كعادة الإخوان المسلمين فهل ذلك سيكون نهج الحزب أيضًا؟

- أنا لست ملتزمًا بالسرية ولا توجد عندنا أسرار ولكن هذه القواعد الموضوعة هي الحاكمة والمسائل في طور التكوين تحتاج شيئًا إلي جودة الإعداد وليست سرية وتفرضها طبيعة المرحلة التي نمر بها.

.. هل سترفعون شعار الإسلام هو الحل في حزبكم؟

- هذه مسألة سابقة لأوانها لأن شعارات الانتخابات ترتبط بالحالة الراهنة ساعة الانتخابات، أنا هنا أفكر في الواقع وكنت في ملتقي عن صناعة البرامج بالأهرام، وحضره رئيس لجنة صناعة البرنامج الانتخابي للرئيس بوش في الانتخابات الماضية وكنت حاضراً وطرحت كيفية صناعة البرنامج، وإذا بي أجد إعجاباً شديداً من السيناتور الأمريكي وقال إن هذه الآليات هي آخر ما توصلت إليه صناعة البرامج وأنا استقرأ الواقع من خلال الناس وأخرج بالبرنامج.

.. بعد إقرار التعديلات الدستورية سيمنع القانون استخدام هذا الشعار، ماذا سيكون عندكم؟

- بمناسبة التعديلات التي أدخلت قبل ذلك علي قانون انتخابات مجلسي الشعب والشوري أثير هذا الكلام، وهل كلمة الله أكبر ولله الحمد، شعار مقصود حظره أم لا؟ قيل لا، وهل شعار الإسلام هو الحل شعار ديني يجب حظره؟.. قيل لا، وهذا موجود في المضابط وهذا حديث خبراء قانونيين وحديث الكل من نواب الشعب إبان مناقشة هذه النصوص،

ولن يختلف الوضع إطلاقاً بعد التعديلات الدستورية التي غايتها مزيد من التكبيل والضغط علي الحياة الحزبية والحياة السياسية والنصوص لكي تصاغ لابد أن تصاغ في منظومة سياسية كاملة والدستور لا يعمل منفرداً.

.. بالنسبة للحزب هل أعددتم الجدول الزمني؟

- بالفعل انتهينا من إعداد الدراسات والرموز وغير ذلك أي انتهينا من الجانب الأكبر والمسألة أيام وسيعلن عن تقديمه للجنة الأحزاب.

.. ما رأيك في تعديل النظام الانتخابي؟

- النص الدستوري الحالي نموذجي والعبث به سيصادر حق المصريين في الانتخاب والترشح وسيجعل هذه المصادرة بيد النظام الحاكم بحيث تقصي من تشاء، خاصة أن ٩٨% من المصريين غير منتمين للأحزاب وهنا أقصر التمتع بحق الانتخاب والترشح إذا اتجهت النية إلي هذا فسيعني مزيدًا من احتكار السلطة وتركيزها وتمهيدًا لما سمته كوندوليزا رايس الفوضي الخلاقة.

.. تستشهد بكلام وزيرة الخارجية الأمريكية، وأثير كلام حول تطلعاتكم الخارجية؟

- أنا لا أستشهد بكلام وزيرة الخارجية الأمريكية استحسانًا له أو دليلاً علي مصداقية الكلام ولكن أقول إن التعديلات تسير في اتجاه ما أعلنته هي وأنا أنتقد التعديلات وارفضها لهذا الباب ومسألة من الذي قال إن لنا تطلعات خارجية، نحن ليست لنا أي تطلعات خارجية مع أي جهة إطلاقاً إلا لمصلحة مصر.

.. laquo;الفوضي الخلاقةraquo; هل ستكون ردكم علي التعديلات في حالة إقرارها؟

- التعديلات بالشكل الذي قدمت به في دهاليز الحكم وبمعرفة الحزب الحاكم تمثل خطراً علي الحياة السياسية والحزبية في مصر وعلي المواطن المصري البسيط في أمنه وحرمة حياته الخاصة وأكل عيشه كلها أخطار تحاصر الشعب المصري وهذه التعديلات ستغرق المصريين شيعًا وطوائف وستقصي قطاعات كبيرة وستقدم بعض المزايا المحدودة والضيقة لبعض الفئات علي حساب فئات أخري وهي حالة غير وطنية وغير صحية وهي تؤسس ما قالته كوندوليزا رايس الفوضي الخلاقة ولست أدعو إلي هذا ولكن أقرأ ما وراء أثار ذلك وأنادي بأعلي صوتي للمخلصين والمصلحين وأولهم الرئيس مبارك ذاته لانه يجنب مصر المخاطر التي تترتب عليها التعديلات الدستورية.