التحرك الاميركي اخذ يخطو بسرعة مستحثاً الأيام قبل انعقاد قمة الرياض العربية.
وزيرة الخارجية الاميركية ستصل الى المنطقة قبل ايام قليلة من انعقاد القمة، بهدف التئام اجتماع يضمها مع ممثلين عن، وربما رؤساء مصر والاردن وفلسطين في مدينة العقبة، لاطلاع هذه الاطراف على ما يقال انها خطة سلام اميركية جديدة، ملامح هذه الخطة باتت معروفة بشكل عام، اذ انها تتعلق بتعديلات تطال quot;خارطة الطريقquot; التي كانت رؤية سياسية للرئيس الاميركي جورج بوش والتي تم تبنيها من قبل اللجنة الرباعية الدولية الخاصة بالشرق الاوسط، تعديلات تقترب من التحفظات الـ14 التي سبق وان ابداها رئيس الحكومة الاسرائيلية السابق ارئىل شارون على خارطة الطريق، وبعد اجراء هذه التعديلات، تعاد صياغة خارطة الطريق مع الصياغة الجديدة للمبادرة العربية، بعد اخذ التحفظات الاسرائيلية الثلاثة عليها، حول حق العودة للاجئين الفلسطينيين، والانسحاب الاسرائيلي الكامل من الاراضي العربية المحتلة حتى حدود الرابع من حزيران 1967، وبدء عملية التطبيع العربية مع اسرائيل قبل استئناف العملية التفاوضية.
وعندما تدمج هاتان الخطتان والمبادرتان خارطة الطريق والمبادرة العربية، بشكلهما الجديد، تصاغان في خطة واحدة، تأخذ بالاعتبار خطة الانطواء التي اعتمدتها حكومة اولمرت والتي تجعل من الجدار الحدودي الفاصل بين اسرائيل والضفة الفلسطينية المحتلة، حدوداً شبه نهائية لدولة الاحتلال.
هذه هي ملامح خطة السلام الاميركية الجديدة التي تحاول وزيرة الخارجية رايس تسويقها بل فرضها على مختلف الاطراف العربية في قمة الرياض في الثامن والعشرين من آذار الجاري حيث تشير مصادر اميركية إلى ان ادارة بوش لم تقم بالتحركات الحالية الا بعد ان تمكنت من اقناع العربية السعودية بضرورة تعديل واعادة صياغة المبادرة العربية، منذ زيارة رايس الى الرياض قبل اكثر من شهر على خلفية تشكيل حلف عربي في مواجهة ايران، هذه المصادر التي اشارت اليها عدة وسائل اعلام اسرائيلية واميركية، اكدت ان وجود مستشار الامن القومي السعودي الامير بندر في واشنطن لم يكن مصادفة مع وصول وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني الى العاصمة الاميركية والقائها كلمة امام المؤتمر السنوي للجنة الشؤون العامة الاميركية الاسرائيلية quot;ايباكquot; خاصة وان وكالة quot;اسوشيتدبرسquot; نقلت عن دبلوماسي رفيع المستوى quot;في الجامعة العربيةquot; ان السعوديين قد يعرضون افكاراً جديدة.
بينما اشارت صحيفة quot;يديعوت احرونوتquot; الى ان السعودية بذلت ولا تزال جهوداً حثيثة لاقناع لبنان وسورية بالموافقة على تعديل المبادرة العربية، اذ ان لبنان يؤيد المبادرة كونها تبحث في اعادة اللاجئين الى ديارهم في فلسطين، بخلاف مبادرات عديدة سعت الى توطينهم في البلدان التي لجأوا اليها، اما بالنسبة لسورية، فموقفها السياسي quot;القويquot; معروف جداً بهذا الصدد، مع ذلك، فهناك تطمينات لا تزال تخرج من هنا وهناك تشير الى انه ليس هناك اي جديد على صعيد المبادرة العربية. نائب الامين العام للجامعة العربية محمد صبيح اشار الى ان quot;وثائق القمة التي اعدتها الجامعة لا تشير الى اي تغيير في المبادرة، خاصة الى ما يشير اليه الاسرائيليونquot; لكن مثل هذا القول لا يكفي للتعبير عن قلق حقيقي ازاء ما يمكن ان تخرج به القمة، خاصة وان ما تقدمه الجامعة العربية، ليس بالضرورة ان يؤخذ بالاعتبار اثناء المداولات التي ستبحث في القمة، كما ان الجامعة، وربما العديد من الاطراف العربية، قد لا تكون في صورة ما يتم تداوله بين الولايات المتحدة ودول اخرى اكثر تأثيراً في القرار، وعلى تماس مباشر مع المسألة الفلسطينية، وما يجري اعداده الآن بين واشنطن وبعض العواصم العربية، والاحتمالات المتعاظمة لعقد قمة العقبة التي اشرنا اليها هي في المحصلة شكل من اشكال المقايضة التي تسبق القمة من اجل التهيئة للاستجابة لخطة السلام الاميركية الجديدة.
سورية بنظر العديد من المحللين في الولايات المتحدة واسرائيل، لن تكون عقبة امام مثل هذه الخطة اذا عرفت ادارة بوش كيف تتعامل مع المتطلبات التي تكررها دمشق، وبالفعل هناك جهود اميركية واضحة لجذب سورية الى داخل الحلبة، موافقة واشنطن على فتح حوار مع دمشق انطلاقا من مؤتمر بغداد الاخير، وما تم تسريبه من لقاءات سبقت هذا المؤتمر بين وسطاء سوريين والادارة الاميركية، اضافة الى الزيارة التي قامت بها مؤخراً مساعدة وزيرة الخارجية الاميركية ايلي سويري الى دمشق وقولها في العاصمة السورية quot;ان كل قضايا المنطقة مترابطة مع بعضها البعض لذلك من الضروري اجراء حوار شامل وتعاون جدي بين الجانبين السوري والاميركي من اجل التوصل الى تسويةquot; دون ان تنسى سويري ان تكيل المديح لدمشق كونها تقدم مساعدة بناءة للاجئين العراقيين، ودون ان تكرر اتهامات اميركية سابقة، بدور سورية في دعم quot;الارهابquot; في العراق، هذا بعض ما يمكن الاشارة اليه بصدد السعي الاميركي لاقناع دمشق بان قدرتها على لعب دور محوري في الشرق الاوسط الجديد، رهن باستجابتها لشروط المعادلة الجديدة التي تنطلق من الخطة الاميركية للسلام في الشرق الاوسط والتي هي مزيج من عدة مبادرات وخطط تنطلق اساساً من تحفظات ارئيل شارون على خارطة الطريق.
العقبة الاساسية امام الخطة الاميركية الجديدة، تتمحور في الموقف الفلسطيني الموحد خلف اتفاق مكة، والذي ينطلق من الالتزام بالمبادرة العربية واحترامها، وعلى هذا الاساس، سيذهب الوفد الفلسطيني موحداً الى قمة الرياض متسلحاً بهذا الموقف الذي تم التوافق بشأنه اثر تجربة دموية اجتاحت قطاع غزة والضفة الفلسطينية مع استمرار الحصار الدولي، هذا الموقف الفلسطيني الموحد، لا يزال هو العقبة الاساسية امام اية خطة تحاول الانقضاض على المبادرة العربية بكل تفاصيلها، وعلى الاخص ما يتعلق بحق الشعب الفلسطيني بالعودة الى دياره وفقاً لقرارات الامم المتحدة وضرورة الانسحاب الاسرائيلي من كافة المناطق المحتلة سواء في الجولان السوري او في الضفة الفلسطينية وتحديداً في العاصمة الفلسطينية القدس المحتلة.
ومتابعة المداولات والمباحثات التي ستقدم عليها الادارة الاميركية، في واشنطن وفي عواصم عربية، في الايام القليلة التي ستسبق قمة الرياض، ربما تفيد في استكشاف ما يمكن ان ستتمخض عنه هذه القمة، وهل بالامكان تحويل المبادرة العربية، من خلال خطة السلام الاميركية الجديدة الى التبني الخجول للاءات شارون وتحفظاته؟؟