روبرت فيسك - الاندبندنت


المحادثات الإيرانية - السورية - الأمريكية - العراقية في بغداد في الأسبوع الماضي قد - وهذه quot;قدquot; ضعيفة جداً - تكون بداية لانسحاب أمريكي من الغزو الكارثي واحتلال بلاد الرافدين.
مباراة الصراخ بين الموفد الأمريكي دايفيد ساترفيلد ونظيره الإيراني عباس عراقجي كان يجب أن تكون تحذيراً كافياً للأمريكيين بأن مفاوضاتهم لن تكون سهلة - وأنه سيكون هناك، بالطبع، ثمن يجب دفعه. هل سيكون ذلك نهاية quot;الأزمةquot; النووية مع إيران؟ التخلي عن المحكمة الخاصة بالنظر في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، والتي يلوم الكثيرون سوريا ويتهمونها به؟ ولكن ما الثمن الذي لن تدفعه أمريكا لتتمكن من الخروج من العراق؟

وكأنما لتأكيد الفوضى التي كانت الوفود تناقشها في بغداد، ضرب انتحاري بسيارته الملغومة منذ أيام شاحنة كانت تحمل بعض الشيعة العائدين من كربلاء وقتل 32 شخصاً منهم، بعد أن مروا بسلام خلال المناطق السنية الكبيرة حول الحلة جنوب بغداد، اعتقدوا أنهم بأمان عندما وصلوا إلى مركز العاصمة. ولكن هناك كان الانتحاري ينتظر بسيارته، حيث صدم سيارته بمؤخرة الشاحنة التي كان فيها حوالي 70 رجلاً وصبياً واحترق كثير منهم حتى الموت.

ومن المثير للاهتمام أن وزارة الخارجية الإيرانية - وليست وزارة الخارجية الأمريكية - هي التي امتدحت المحادثات في بغداد كخطوة أولى لاستعادة الأمن إلى العراق. وقال المتحدث باسم الوزارة محمد علي حسيني مؤخراً، إن quot;ترك الشؤون الأمنية للحكومة العراقية، وترتيب جدول زمني لرحيل القوات الأجنبية، واتباع أسلوب غير منحاز تجاه جميع الجماعات الإرهابية يمكن أن يؤدي إلى السلام والأمنquot;.

الجولة الثانية المقترحة للمحادثات - في بغداد أو إسطنبول - قد تشمل وزير الخارجية الإيراني.
لكن من الصعب جداً التخلي عن العادات القديمة خلال محادثات بغداد، أشار ساترفيلد إلى حقيبته وادعى أنها تحوي وثائق تثبت قيام إيران بتسليح ميليشيات شيعية في العراق، وهي ملاحظة استدعت توبيخاً لاذعاً من المبعوث الإيراني له. إذ رد عليه قائلاً: quot;اتهاماتكم هي مجرد غطاء لفشلكم في العراقquot;.

ويؤكد الأمريكيون منذ بضعة أسابيع أن التكنولوجيا الإيرانية تستخدم في القنابل التي تسببت بمقتل حوالي 170 أمريكياً وجندياً أجنبياً آخر في العراق. ومع ذلك فإن quot;أدلةquot; الأمريكيين لا يبدو أنها تثبت أي شيء من هذا النوع: فالعراق مليء بالأسلحة والمتفجرات ومواد صنع القنابل الأخرى، ويبدو أن من غير المحتمل أن المسلحين الشيعة يحتاجون لأي تدريب من الإيرانيين، لكن كل الموقف الأمريكي المعادي لإيران حول العراق لا يبدو أنه منطقي أبداً. فأمريكا تتهم إيران بالتدخل في عمل الحكومة العراقية - مع أن أكبر الأحزاب العراقية داخل الحكومة ولدت وترعرعت في إيران. وبعبارة أخرى، فإن إيران هي بالفعل quot;داخلquot; بغداد ووكلاؤها يديرون المشهد من quot;المنطقة الخضراءquot; قرب وزارة الخارجية، حيث عقدت محادثات بغداد الأخيرة.

قول السفير الأمريكي في بغداد زلماي خليل زاده أنّ quot;مستقبل العراق والشرق الأوسط هو القضية الأساسية لوقتنا الحاضرquot;، مجرد تكرار لما هو واضح، لكن دعوته لسوريا وإيران لمساعدة حكومة المالكي جلبت مطالب إيرانية أخرى للانسحاب الأمريكي، جميع دول جوار العراق كانت ممثلة - إيران، سوريا، الأردن، السعودية، تركيا، والكويت، بالإضافة إلى الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين والبحرين ومصر.

قال المبعوث الإيراني: quot;إن العنف في العراق ليس جيداً لأي بلد في المنطقة. أمن العراق هو أمننا واستقرار العراق ضرورة للسلام والأمن في المنطقة... بالنسبة للأمن، لدينا أقنية نستطيع أن نستخدمهاquot;. لكن المبعوث الإيراني لم يقل ما هذه quot;الأقنيةquot;.

في الوقت الذي ستكون فيه إيران سعيدة لرؤية الأمريكيين يتراجعون بذل من العراق، فإن لديها أيضاً مصلحة استراتيجية واضحة في الانسحاب الأمريكي. بوجود القوات الأمريكية في أفغانستان - وكذلك عملها سراً داخل باكستان - بالإضافة إلى العراق وجمهوريات الاتحاد السوفيتي المسلمة السابقة، فإن إيران عملياً محاصرة بالقوات الأمريكية. أضف إلى ذلك، الأسطول الأمريكي في مياه الخليج، وليس من الصعب فهم كيفية رؤية إيران لنفسها على أنها معرضة للخطر كما يشعر الأمريكيون الآن داخل العراق.