يوسي الفر - الديلي ستار
يظل أمر بحث إسرائيلي-فلسطيني للخطوط العريضة حول الأراضي والقضايا السياسية والقانونية، والخاصة بالدولة الفلسطينية فكرة جيدة، طفت على السطح مجددا بسبب الكثير من الأسباب الخاطئة. ولم تكن وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ولا نظيرتها الاسرائيلية تسيفي ليفيني، المنافحتان راهناً عن هذا النهج القائم على قلب ترتيب quot;خريطة الطريقquot; التي وضعتها الرباعية الدولية هما اللتان اخترعتا هذه الفكرة، فقبل ستة أشهر، كان المعسكر العربي المعتدل هو الذي طرح فكرة ان تقرر اللجنة الرباعية وضع الحدود بين اسرائيل وفلسطين وتعرضها كأمر ملزم على الجانبين. وكان هناك بديل مختلف، وهو خطة شارون-أولميرت التي ماتت الآن، والتي كانت تدعو إلى انسحاب اسرائيلي من جانب واحد وسيلة لفرض حدود نهائية.
تعكس كل هذه المناهج اولا وفوق كل شيء روح اليأس. حيث اثبتت الحكومة الفلسطينية انها غير قادرة على كبح جماح الارهاب. بينما كانت إسرائيل ضعيفة ولا تستطيع حتى تفكيك بضع نقاط امامية، فكيف يكون الحال إزاء وضع حد لتوسع الاستيطان؟ والكثير من ذلك يتصل بالطور الأول من خريطة الطريق. ويقف الاقتراح الجديد ليذكر بتصميم رئيس الوزراء الراحل اسحق رابين على التفاوض من اجل السلام كما لو لم يكن هناك ارهاب، وعلى محاربة الارهاب كما لو لم تكن هناك مفاوضات. وفي نهاية المطاف كسب المتطرفون الجولة.
في الغضون تعمل رايس بشكل يائس من أجل إحراز تقدم في عملية السلام العربية-الاسرائيلية لفائدة الاوروبيين والمعسكر العربي السني المعتدل بقيادة المملكة العربية السعودية، بحيث يستطيع هؤلاء التعاون مع السياسات الاميركية في العراق وفيما يتعلق بايران. ونظرا لان الاميركيين والعرب المعتدلين لن يرحبوا، كما يبدو، بعملية سلام إسرائيلية-سورية، فإنه لا يتبقى هناك سوى المسار الإسرائيلي-الفلسطيني للعمل عليه.
يعكس منهج رايس، كما يبدو جهلا بواقع الحال، حيث أعلنت ان الجانبين يعيان تماما كافة العناصر الخاصة بعملية سلام ناجحة. وهكذا، فإنهما إذا ما شرعا فقط في الحديث، فإنه سيمكن لهما التوصل إلى اتفاق. والاتفاق بدوره ربما يعزز موقع قيادة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في مقابل تحدي حماس.
أما في الواقع، فإن الجانبين قد أصبحا أكثر تباعداً مما كانا عليه قبل سبع سنوات فيما يتعلق بكامب ديفيد وصيغة كلينتون آنذاك. فعلى سبيل المثال، كانت إسرائيل قد وافقت في ذلك الوقت على بحث فكرة عودة محدودة للاجئين الفلسطينيين، بينما هي تصر الان على ان اي quot;عودةquot; فلسطينية يجب ان تتوجه فقط الى دولة فلسطينية. كما أن التطورات اللاحقة في العراق وفي ايران، إلى جانب اخفاق كل من الفلسطينيين والمصريين في منع استغلال الحدود واسع النطاق بين غزة وسيناء في عمليات تهريب quot;تتصل بالإرهابquot;، كلها أمور تتطلب من اسرائيل اعادة النظر في فكرة تسليم وادي الاردن الى دولة فلسطينية في اي وقت من الاوقات في المستقبل القريب.
إن من شأن أي فشل اخر في مفاوضات الوضع النهائي أن يضعف موقف عباس اكثر مما سيعضده، والذي يبدو على أي حال أضعف من إنجاز اتفاق ناجح يضع حدا للنزاع، حتى لو حصل على هكذا اتفاق. ويبدو منهج quot;الأفق الدبلوماسيquot; في عكس مسار خريطة الطريق وكأنه مبدأ حل النزاعات والذي يقول quot;إنك إذا لم تستطع حل مشكلة صغيرة، فإن عليك أن تكبرهاquot;. وفي بعض الحيان ينفع ذلك، إلا أنه غالباً ما يفشل.
ومع ذلك، واذا ما كنا سنفعّل ذلك المبدأ، فلماذا لا نقطع كامل الشوط ونضع قضايا الوضع النهائي في إطار خطة السلام العربية؟ فعلى نحو يمكن فهمه، وكما استطاعت القيادة السعودية أن تجمع حماس وفتح معاً في حكومة وحدة، فان بوسع ضغط سعودي وعربي وحوافز معينة تمارس على الفلسطينيين أن تحملهم على تقديم التنازلات الضرورية لتفعيل الأفق الدبلوماسي.
صحيح أن إسرائيل تخاف، تقليدياً، من مفهوم الحل الشامل، لكنّ بوسع العالم العربي وجزءا من الرباعية ان يتكتلوا للضغط على الاسرائيليين من اجل ان يقدموا بدورهم تنازلات. لكن اسرائيل ستجد إدارة بوش، وللسنتين التاليتين، وهي تقف خلفها بقوة. ولديها سبب لاستنتاج أن السعوديين والمصريين والاردنيين والاماراتيين يخشون من حماس وحزب الله وايران وعراق مسيطر عليه شيعيا بقدر خوفها هي نفسها. وعليه، فإنها تستطيع بشكل مشروع المطالبة بتعاون امني بديل وثيق مع الكثير من دول العالم العربي لمواجهة المخاطر من ايران وعراق ما بعد الاحتلال حيث تسود الفوضى.
هنا إذن طريق يفضي الى افق دبلوماسي حري بالاستكشاف. وهو يتطلب قرارا سعوديا بقيادة العالم العربي الى إجراء حوار مباشر ووجهاً لوجه مع إسرائيل على مضمار لعب مستو. وربما يمكن لهذا المنهج أن يحظى بفرصة افضل للنجاح من تخبط ادارة بوش المستمر في المنطقة.
التعليقات