سحر بعاصيري


لم تقرر السعودية استضافة القمة العربية على أراضيها لتغامر باحتمال فشلها. وما تفعله بديبلوماسيتها لا يترك مجالا للشك في أنها عازمة قبل انعقادها على quot;تحقيق انجازات اوليةquot; تضمن حدا ادنى من النجاح لا يقل عن الدور الذي قررت ان تفعله.

وهذا النجاح لا يعني بالضرورة توفير حلول جذرية للازمات بقدر ما يعني احتواءها في ظل عواقب خطرين محدقين بالمنطقة: تمدد الفتنة السنية الشيعية خارج العراق وامكان اتجاه الازمة الايرانية الاميركية نحو مواجهة عسكرية.

تحركت السعودية ناحية ايران فكان توافق على احتواء الفتنة وما يشبه مظلة للعراق، والارجح كان سعي سعودي لدى اميركا لسحب فتيل احتمال ضربة لايران امكن تنفيسه قليلا بمؤتمر بغداد لدول الجوار العراقي. ولعل هذا السعي ساهم في مرونة ايرانية ازاء دور تقوم به السعودية في الازمتين الفلسطينية واللبنانية.

وهكذا يقترب موعد القمة وقد نجحت السعودية في معالجة الموضوع الفلسطيني الداخلي. جاءت بالمتقاتلين الى مكة ورعت اتفاقهم على تأليف حكومة وحدة وطنية. توقف الاقتتال الداخلي وتألفت الحكومة. انجاز يمكن البناء عليه وإن ابقى موقف quot;حماسquot; من شروط اللجنة الرباعية ملتبسا، لكنه كان كفيلا بخلخلة المواقف الدولية من الحصار المفروض على الفلسطينيين.

ويقترب موعد القمة والسعودية تسعى الى وضع اطار حل للازمة اللبنانية، يفيد اقله في احتوائها. وكذلك الى اعادة مد جسور مع سوريا من اجل دورها في لبنان اولا ولكن ايضا في فلسطين والعراق.
كلها خطوات عنوانها الاحتواء، للفتنة السنية الشيعية وللعراق وللازمتين الفلسطينية واللبنانية وللدور السوري فيها ولتجنيب المنطقة مواجهة عسكرية جديدة، وقد اخذتها الديبلوماسية السعودية على عاتقها. وكلها تبدو خطوات ضرورية لوقف الانهيار والحد من الاضرار لكنها لا تكفي وحدها لاحراز تقدم في اتجاه حلول.

والتحدي لذلك يبقى في قدرة السعودية على اعطاء زخم جديد للمبادرة العربية لتستحق الدور القيادي الذي قررت ان تضطلع به، وليعود من خلالها العرب لاعبين، لا ان تبقى بلادهم محط صراع بين القوى الاقليمية الثلاث، ايران واسرائيل وتركيا، وبين هذه القوى واميركا من دون تقليل شأن محاولات روسيا العودة الى المنطقة.