استمرار ارتفاع الأسعار يفاجئ الخبراء


ترجمة -وائل اللبابيدي

أعدت ldquo;ميدrdquo; دراسة عن تأثير ارتفاع اسعار النفط الذي شهدته المنطقة والعالم خلال الأعوام الثلاثة السابقة على اقتصادات الدول المنتجة للنفط في الشرق الأوسط وتقول ان هذه الدول استفادت من دروس الماضي وتركز في هذه الآونة جهودها على رسم سياسات اقتصادية لا تركز بشكل كامل على ارتفاع اسعار النفط في احدى اكثر الفترات الاقتصادية ازدهارا التي تعيشها المنطقة.

تريليون دولار حجم الاحتياطيات وصناديق الاستثمار الحكومية الخليجية في 2008

ذكرت ميد ان استمرار الارتفاع في اسعار النفط جاء مفاجأة بالنسبة لأغلبية المحللين الاقتصاديين الذين توقعوا في السابق أن تبدأ اسعار النفط في الانخفاض بدءا من منتصف عام ،2005 ولكن الذي حدث فعلا هو العكس، حيث واصل سعر برميل نفط برنت الخام ارتفاعه من 29 دولارا للبرميل في 2003 الى 55 دولارا في 2005 الى 65 دولارا في 2006 ليصل الى 78 دولارا للبرميل في يوليو/ تموز 2006.

وبالنظر الى الناتج المحلي الاجمالي لدول الاوبك في المنطقة (ما عدا ايران والعراق) نجد ان هذا الناتج نما بنسبة 7 في المائة في ،2006 مقارنة ب 3،6 في المائة خلال اعوام التسعينات، كما تجاوز احتياطي العملات الصعبة في هذه الدول 200 مليار دولار، ولكن ارتفاع اسعار النفط لا يعد ضمانا للازدهار الاقتصادي، ففي عام 1973 أدت طفرة ارتفاع اسعار النفط الى حدوث نمو في الاقتصاد، ولكنه على المدى القصير ولم يستمر، وفي عام 1980 حين تجاوز سعر برميل النفط 95 دولارا، أعقب ذلك حدوث انهيار اقتصادي أدى الى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي في السعودية في الأعوام ما بين 1982 و1985.

ويتفق المحللون على أنه سيكتب الاستمرار هذه المرة لارتفاع اسعار النفط على الأقل على المدى المتوسط، ولكنه سيكون من الخطأ ان تقوم حكومات المنطقة بربط مستقبلها الاقتصادي بعوائد النفط بشكل كامل.

ومن أكثر المواضيع الحاحاً في الشرق الأوسط في هذه الآونة هي توفير فرص للعمل، فعلى الرغم من أن نسبة العاطلين عن العمل انخفضت في السنوات الأخيرة، لا تزال نسبة البطالة في القوى العاملة تبلغ 12 في المائة. ويقول محسن خان الخبير الاقتصادي في صندوق النقد الدولي: ldquo;المشكلة الكبرى التي تواجهها المنطقة هي البطالة، ويجب المحافظة على نسبة نمو من 6 الى 7 في المائة، لاستيعاب الأعداد المتنامية للباحثين عن عمل وللقطاع الخاص دور كبير في ذلك.

وحسب البيانات الصادرة عن البنك الدولي فإن على المنطقة توفير ما يقارب من 100 مليون فرصة عمل جديدة خلال الاعوام العشرين المقبلة، ولتحقيق ذلك عليها الاستفادة من العوائد الضخمة في تدعيم البنى التحتية الاقتصادية وهو ما لم تفعله في السبعينات.

واليوم هنالك أدلة على أن حكومات الدول المنتجة للنفط في المنطقة عازمة على تجاوز الأخطاء السابقة، حيث تقول جينيفر كيلر الخبير الاقتصادي في البنك الدولي ldquo;في السبعينات خططت الدول للانفاق على أساس استمرار أسعار النفط في الارتفاع واليوم لدى هذه الحكومات اسلوب آخر للتعامل فهم ينفقون بسخاء ولكنهم في الوقت نفسه يحافظون على فوائض كبيرة في حساباتهم الجارية واحتياطاتهم الخارجية وهذا سيشكل الداعم الرئيسي في حال انخفاض اسعار النفطrdquo;.

ويقول خان ldquo;العديد من واصفي السياسات اليوم شهدوا اخطاء الثمانينات والتسعينات وهم عازمون اليوم على عدم تكرار أخطاء الماضيrdquo;.

فعلى الرغم من أن سعر النفط اليوم يصل الى 60 دولارا للبرميل فإن الحكومات في دول الخليج تقوم بحساب توقعاتها على أساس أن سعر برميل النفط يتراوح من 30 الى 33 دولارا فقط. وفي الجزائر مثلا يتم حساب الموازنة على أساس 19 دولارا فقط للبرميل.

ويضيف خان ldquo;بين أعوام 2003 و2006 تمكنت المنطقة من توفير نحو 650 الى 700 مليار دولار في احتياطات وصناديق الاستثمار الحكومية، وإذا استمر النفط على سعره اليوم فبحلول عام 2008 سيصل حجم تلك الاحتياطات الى ما يقارب تريليون دولارrdquo;.

وبالفعل أعلنت قطر والسعودية والجزائر عن نيتها في تنفيذ برامج ضخمة في تطوير بناهم التحتية يصل حجمها الى نحو تريليون دولار، والإمارات من جانبها ضمنت مليارات الدولارات في الاستثمارات العقارية.

ويقول خان: ldquo;بدأت دول الشرق الأوسط أيضا في إدراك اهمية اسواق السندات والدخول فيها بقوة، ولتعزيز ذلك يجب أن تتوافر لدى الراغبين في الاستثمار في المنطقة خيارات أكثر لتمويل مشاريعهم لأنه في الوقت الراهن يتم تمويل أغلب الاستثمارات الجديدة من قبل الحكومات او البنوكrdquo;.

وتضيف المجلة ان الشرق الأوسط يشهد احدى اكثر الفترات الاقتصادية ازدهارا في تاريخه، ويقول جون سفاكيان الخبير الاقتصادي في البنك السعودي البريطاني: ldquo;تبذل حكومات الدول المنتجة للنفط في الشرق الأوسط جهودا لتنويع اقتصادها وعدم الاعتماد بشكل كامل على النفطrdquo;.