الأربعاء 28 مارس 2007

سعد محيو


الصورة باتت واضحة: كوندوليزا رايس تريد إحياء مبادرات السلام العربي ldquo;الإسرائيليrdquo;، لكن ليس من أجل هذا السلام بحد ذاته بل لاستكمال الحرب ضد ldquo;الإرهابrdquo; وإيران؟

حسناً، لمَ لا؟ هذا هدف سياسي مشروع. فالسلام في النهاية كان في كل التاريخ البشري، ولا يزال، وسيلة وليس غاية. تكتيكاً وليس استراتيجية. وهو يبرم إما لإنهاء الحروب أو بسبب التعب والإنهاك منها، أو لمهادنة طرف لمحاربة أطراف اخرى.

لكن رايس قد تجابه هنا مشكلة ldquo;بسيطةrdquo; لها رأسان معقدان: الاول، عدم استعداد ldquo;إسرائيلrdquo; نفسها لفكرة السلام النهائي مع العرب، والثاني، وجود تيارات إرهابية يهودية أخطر بما لا يقاس من الأصوليات المتطرفة الإسلامية.

قليلون خارج ldquo;إسرائيلrdquo; يدركون مدى عمق الحركة الأصولية أو الأصول اللاهوتية التي ترتكز إليها الدولة العبرية. بيد أن كتاب ldquo;الأصولية اليهودية في ldquo;اسرائيلrdquo; (*) لإسرائيل شاحاك ونورتون مزفينسكي يقدم لنا توصيفاً وتقييماً دقيقاً لهذه الظاهرة في ldquo;إسرائيلrdquo; الحديثة.

يقول الكاتبان: ldquo;إن معتنقي الأصولية اليهودية في ldquo;إسرائيلrdquo; يعارضون المساواة لكل المواطنين، وخاصة غير اليهود منهمrdquo;. ويقول عالم الاجتماع ldquo;الإسرائيليrdquo; المعروف باروخ كيمرلينغ، في معرض الإدلاء بشواهد عن دراسة أجراها باحثون أكاديميون آخرون: ldquo;ان قيمة الدين (اليهودي)، في شكله الأرثوذكسي والقومي على الأقل وهو الشكل المسيطر في ldquo;إسرائيلrdquo;، لا يمكن مواءمتها مع القيم الديمقراطية. فليس هناك من عامل - لا الوطنية ولا المواقف إزاء الأمن ولا القيم الاجتماعية والاقتصادية ولا الجذور الاثنية أو التربية يؤثر في مواقف اليهود ldquo;الإسرائيليينrdquo; ضد الديمقراطية بقدر ما يؤثر فيها التدَينrdquo;. وأكثر ما يقلق صاحبي الكتاب هو الاحتقار الكامل الذي يبديه اليهود الأصوليون لغير اليهود. وينسبان إلى الحاخام كوك الأكبر، مؤسس النزعة الرسولية في الأصولية اليهودية قوله: ldquo;إن الفرق بين الروح اليهودية وبين أرواح غير اليهود جميعهم وعلى جميع المستويات هو اكبر وأعمق من الفرق بين الروح البشرية وبين ارواح البقرrdquo;.

وترتكز تعاليم الحاخام كوك بكاملها، وقد اعتنقها بحرارة هؤلاء الذين قادوا حركة الاستيطان في الضفة الغربية، على مدرسة الروحانية اليهودية التي سيطرت على اليهودية منذ القرن السادس عشر وحتى القرن التاسع عشر. على أحد المبادئ التأسيسية لهذه المدرسة، كما يقول الكاتبان، هي ldquo;التفوق المطلق للروح والجسد اليهوديين على روح وجسد غير اليهود. (...) فالعالم خلق فقط من أجل اليهود؛ ووجود غير اليهود فيه كان جانبياً. أما إذا أكد رجل دين مسيحي أو مسلم أن الفرق بين أرواح غير اليهود المتفوقة وبين أرواح اليهود المنحطة أكبر من الفرق بين أرواح البشر وبين ارواح البقر، فإنه سيخضع لتنديد الجميع وسيعتبر معادياً للسامية من جانب مختلف العلماء اليهود، مهما تضمن كلامه من تصريحات ايجابية ولكن أقل مغزىrdquo;.

وفي التلمود كما في الحالاشا، يميز القانون الديني الأرثوذكسي اليهودي بين اليهود وغير اليهود. وقد شرح الحاخام مناحيم مندل شنيرسون، والذي رأس حركة ldquo;شبابrdquo; وحظي قبل وفاته بتأثير كبير في ldquo;إسرائيلrdquo; كما في الولايات المتحدة، هذه النقطة بقوله ldquo;إن جسم الشخص اليهودي من نوعية مختلفة تماماً عن جسم أفراد كل أمم هذا العالم، كما أن الواقع الكلي لغير اليهودي محض هباء. وأن المخلوقات غير اليهودية بأجمعها موجودة فقط من أجل اليهود...rdquo;.

ويتحدث الحاخام غينسبورغ بحرية عن ldquo;التفوق اليهودي الروحي والوراثي على غير اليهودrdquo; ويقول: ldquo;إذا ما رأيتم شخصين يغرقان، أحدهما يهودي والآخر غير يهودي، تقول التوراة إن عليكم انقاذ اليهودي أولاً. فإذا كانت كل خلية في جسم اليهودي تحتوي الألوهة، وهي جزء من الله، فإن كل حزمة DNA هي جزء من الله. وهكذا هناك شيء خاص يتعلق ب DNA اليهودي. وإذا ما احتاج يهودي كبدا، هل باستطاعتك أن تأخذ كبد غير يهودي بريء متوفى لإنقاذه. إن التوراة ستسمح بذلك على الارجح. فللحياة اليهودية قيمة لا نهاية لهاrdquo;.

***

الآن، إذا ما كانت هذه هي إطلالة الأيديولوجيا الأصولية اليهودية، المسيطرة ليس فقط على العديد من التيارات السياسية ldquo;الإسرائيليةrdquo;، بل أيضاً على جوهر مناهج التعليم، على جنس البشر برمته، فهل ستكون في وارد إبرام سلام مع ldquo;روث البقرrdquo; وrdquo;قوائم الشيطانrdquo; كما تطلق على العرب؟

Israel shahak and norton mezvinsky :

jewish fundamentalism

(*) in israel . london : pluto press.