السبت 7 أبريل 2007

مكرم محمد أحمد


من جديدrlm;,rlm; يعود البعض الي الحديث عن تهميش دور مصر في قمة الرياضrlm;,rlm; وكأن هناك مؤامرة علي المستويين العربي والدولي تستهدف تغييب الدور المصريrlm;,rlm; في الوقت الذي تقول فيه وقائع المؤتمر ويومياته كما تقول أوراقهrlm;,rlm; إن مصر لعبت دورا رئيسيا في تشكيل وصياغة معظم قرارات القمة ومقترحاتهاrlm;,rlm; كما مارست الدبلوماسية المصرية دورا نشيطا الي جوار الدبلوماسية السعودية قبل المؤتمر وخلاله في الدفع بأهم القضايا التي تم عرضها علي القمةrlm;,rlm; خصوصا قضايا الأمن القومي العربيrlm;,rlm; وتفعيل مبادرة السلام العربيةrlm;,rlm; ومساندة حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينيةrlm;,rlm; والمساعدة علي قيام أجهزة الدولة الفلسطينيةrlm;

rlm; وإمكان عقد قمم تشاورية في الظروف التي تستدعي ذلك التشاور حول موضوع معين له طبيعته الخاصةrlm;,rlm; شريطة ألا تخل مثل هذه القمم بمبدأ الانعقاد الدوري السنوي للقمةrlm;,rlm; والدعوة الي عقد قمة اقتصادية عربية تعالج التهديدات التي تمس أوضاع العرب الاقتصادية والاجتماعيةrlm;,rlm; بهدف بلورة برامج وآليات عملية تعزيز وتفعيل الاستراتيجيات التنموية الشاملة للأمة العربيةrlm;,rlm; خصوصا المتعلقة بمفهوم الأمن العربي الشاملrlm;,rlm; لعبت مصر دورا مهما ورئيسيا في بلورة هذه القضايا التي كانت السبب في نجاح قمة الرياضrlm;,rlm; وكانت خير عون للدولة المضيفة في ضبط ايقاع المؤتمر بما جعله واحدا من أهم القمم العربية وأكثرها ايجابية في أصدائه لدي الرأي العام العربيrlm;.rlm; ولا أعرف ما هو الهدف من الإلحاح المستمر علي قضية غير حقيقيةrlm;

rlm; ربما لا توجد إلا في أذهان أصحابهاrlm;,rlm; إلا أن يكون المطلوب إحداث وقيعة بين مصر والسعوديةrlm;,rlm; واختلاق مشكلة مفتعلة حول سباق متوهم علي الدور بين الشقيقتين الكبيرتينrlm;,rlm; الذي يتوقف علي حسن تعاونهما وتفاهمهما المشترك ضبط ايقاع مسيرة العالم العربي واتزانهاrlm;,rlm; خصوصا أننا نتحدث عن عمل عربي مشترك يسهم فيه الجميع كل علي قدر طاقتهrlm;,rlm; تتسع مساحته لكل الدول العربية ويلتزم الجميع بنتائجه دون استثناءrlm;,rlm; وربما تتمايز في بعض الحالات أدوار البعض عن البعض الآخر لأسباب موضوعية مختلفةrlm;,rlm; قد يكون من بينها المعرفة الأكثر بطبيعة المشكلة المثارة بحكم الجوار أو التاريخrlm;,rlm; وقد يكون من بينها توافر قدرات معينة لدي دولة عربية قد لا تتوافر لدولة أخريrlm;,rlm; وقد يكون من بينهما طبيعة الدور المنوط بالدولة التي ترأس القمةrlm;,rlm; وتتحمل مسئولية قيادة العمل العربي المشترك ومتابعة نتائجه علي مدي عام رئاستهاrlm;,rlm; وملاحقة ما يستجد من مت
غيرات بين انعقاد قمة وأخريrlm;

rlm; لكن الذي ينبغي أن يتفهمه الجميعrlm;,rlm; أن عصر الدولة القائدة صاحبة الدور الأوحدrlm;,rlm; التي تعتبر نفسها المسئولة عن المصير العربي بأكمله وتختزل ارادات الآخرين في ارادتها المنفردةrlm;,rlm; وتعطي نفسها صكا باحتكار الحكمة والمعرفة والقيادة لم يعد قائما بحكم مسيرة التطور العربيrlm;,rlm; التي أدت الي بزوغ مراكز متعددة ومتنوعة للقوة في العالم العربيrlm;,rlm; يتوقف مسيرة المستقبل العربي علي تعاونها المشترك ومدي ايمانها بوجود أمة عربية واحدة لا سبيل أمامها إلي أن تحافظ علي مصالحها ومكانتهاrlm;,rlm; في عالم متنافس متصارع لا مكان فيه لغير الأقوياءrlm;,rlm; يجعل التقدم حكرا علي الأمم التي تستطيع تنمية قدراتها البشرية والعلمية والاقتصادية والانتاجية في إطار خطط متكاملة تحسن استثمار كل طاقات الأمةrlm;.rlm;

وربما يكون من الشواهد المهمة في عالمنا العربي اليومrlm;,rlm; تزايد الاحساس بخطورة الأوضاع الراهنة في العالم العربي علي مصير الأمة العربية بأكملهاrlm;,rlm; ومصير كل دولة عربية في الوقت ذاته وتزايد الادراك العام باستحالة بقاء الأوضاع علي ما هي عليهrlm;,rlm; لان النتيجة المحتمة لذلك هي انهيار النظام العربي القائم لعجزه عن الوقوف علي قدميه لمواجهة التحديات الضارية التي تواجههrlm;,rlm; وادراك عدد متزايد من الدول العربية بأن القضايا المعقدة والمتشابكة التي تعيشها المنطقة العربية والشرق الأوسط باتت تستدعي ضرورة التحرك العربي الجماعي بشكل نشط وفعالrlm;,rlm; إن أراد العرب استعادة قدرتهم علي التأثير في مجريات أمورهمrlm;,rlm; وتفعيل دورهم في العالم ليصبح أكثر فاعلية وتأثيراrlm;,rlm; يتوازن مع حجمهم السكاني ودورهم الحضاريrlm;,rlm; ومكانتهم التاريخية وموقعهم الجغرافي وسط صرة العالمrlm;,rlm; ومخزونهم الضخم من الطاقة الذي يتكالب عليه الجميعrlm;,rlm; خصوصا أن الجهد القطري لكل دولة عربية علي حدة مهما ملكت من امكانات لا يكفي لدرء المخاطر التي تحدق بعالمنا العربيrlm;,rlm; لأن الأمن العربي مترابط شئنا أم أبينا بحكم الجغرافيا والمصالح المشتركةrlm;,rlm; وبحكم الأطماع الخارجية المتزايدة التي تسعي للابقاء علي حالة العجز المزمن للموقع العربي عن حماية مقدراته وثرواته ومصيرهrlm;.rlm;

وبالمثل لم يعد الجهد القطري كافيا لتمكين كل بلد عربي من مواجهة مشكلاته منفرداrlm;,rlm; لأن التنمية القطرية أثبتت فشلها في مواجهة تحديات داخلية عديدة تعيشها معظم الدول العربيةrlm;,rlm; تتعلق بتفاقم معدلات الفقر وزيادة نسب البطالة التي جاوزتrlm;15rlm; في المائة في معظم البلدان العربيةrlm;,rlm; وتدهور الأوضاع المعيشية للمواطن العربي بشكل عامrlm;,rlm; كما عجزت التنمية القطرية عن الوفاء بمتطلبات التحديث الشاملrlm;,rlm; الذي يفرض اعادة بناء المواطن العربي من خلال تعليم عصري يهتم بتنمية قدرات الإنسان العربي وجعله أكثر قدرة علي التميز والابتكار من خلال تعاون عربي واسع ينمي قدرة البحث العلمي العربي علي مواجهة مشكلات حياتية خطيرة يعيشها العالم العربيrlm;,rlm; تتعلق بالتصحر وقلة الاعتماد علي الذات في توفير الغذاء برغم الامكانات المهولة للعالم العربي والتخلف الخطير في استخدام التكنولوجيا النووية الجديدة لانتاج الطاقةrlm;,rlm; وتحلية مياه البحر برغم شدة الحاجة العربية الي ذلكrlm;,rlm; وضعف الاستفادة من الميزات النسبية التي تتمتع بها أقطار عربية عديدةrlm;.rlm;

ومن يقرأ تقرير التعليم الذي أعدته أمانة الجامعة العربية عن مجمل أوضاع التعليم في العالم العربيrlm;,rlm; يدرك حجم المشكلة التعليمية الضخمة في كل الأقطار العربيةrlm;,rlm; التي تتطلب تعاونا عربيا نشيطا من أجل تحديث التعليم بما يضمن تخريج أجيال جديدة أكثر قدرة علي تلبية مطالب سوق العمل العربي الذي يفتقر الي القدرات العربية المتخصصة في تكنولوجيا الانتاج الحديث ومن أجل مواجهة مشكلات الأميةrlm;,rlm; التي تصل الي حدود تتجاوزrlm;35rlm; في المائة بين الرجال وتصل الي حدودrlm;72rlm; في المائة من النساءrlm;,rlm; ومشكلات التسرب في مراحل التعليمrlm;,rlm; التي تهبط بمتوسط عدد السنوات الدراسية التي يقضيها المواطن العربي في التعليم الي حدودrlm;5rlm; سنوات علي الأكثرrlm;,rlm; علي حين تبلغ عشرة أعوام في عدد كبير من الدول الناميةrlm;,rlm; كما تهبط نسبة أعداد تلاميذ المدارس الثانوية في العالم العربي قياسا الي الشباب في سنهم العمرية الي المعدل الأدني في العالمrlm;,rlm; فإذا جئنا الي وضع التعليم الجامعي تصبح الصورة حالكة الظلمة سواء من حيث نسبة أعداد الجامعيين الي مجموع الشباب العربي في سنهم العمريةrlm;,rlm; أو من حيث مضمون العملية التعليمية ومستوياتها العلمية في كل الجامعات العربيةrlm;,rlm; والتي جاء أولها في الترتيب العلمي بعد أربعة آلاف جامعة في العالمrlm;,rlm; كانت الأفضل في مستوياتها التعليمية قبل افضل جامعة عربيةrlm;!rlm;

وأحسب أن الجديد في قمة الرياضrlm;,rlm; هو تزايد الادراك العربي لخطورة هذه المشكلات الي حد فرض التماثلrlm;,rlm; بل التطابق في عديد من الأوراق المهمة التي قدمتها بعض الدول العربية الي مؤتمر القمة دون سابق اتفاق وتشاورrlm;,rlm; وتكاد تكون الرؤية الشاملة لقضية الأمن العربي القومي في أبعادها المتعددة الثقافية والاجتماعية والأمنية والسياسية التي برزت في قمة الرياضrlm;,rlm; وتركت أصداء ايجابية واسعة في العالم العربي هي نتاج وحاصل جمع ورقتين مهمتين تناولتا قضية الأمن القومي العربيةrlm;,rlm; ورقة مصرية قدمتها مصر الي أمانة الجامعة العربيةrlm;,rlm; وورقة سعودية مماثلةrlm;,rlm; وتتماثل الورقتان الي حد التطابق في اللغة والمفردات والأفكار دون سابق تشاورrlm;,rlm; بما يؤكد ظهور وعي مشترك لدي الدولتين بخطورة القضيةrlm;,rlm; كما تفصح محاضر جلسات اجتماعات وزراء الخارجية العرب التي ناقشت الورقتين تمهيدا لعقد القمة عن توافق عربي عام علي صحة ما جاء بالورقتين أملي علي الجميع ضرورة ادماجمها في مشروع قرار واحدrlm;..rlm; وقد يكون من المفيد أن نستعيد بعض الفقرات المهمة في الورقتين قبل إدماجهما في قرار واحدrlm;.rlm;

وتعتبر الورقة السعودية أن الغرض الأساسي من إنشاء الجامعة العربية هو العمل في اطار جماعي مشترك للحفاظ علي سيادة واستقلال وأمن وسلامة الاقاليم العربيةrlm;,rlm; الأمر الذي يرتبط علي نحو وثيق بحماية الأمن القومي العربيrlm;,rlm; لكن هذا الجانب الأساسي والحيوي في منظومة العمل العربي المشترك أخذ يتناقص ويتآكل ويتقلص تدريجيا حتي أصبح العالم العربي بمثابة الساحة المفتوحة لتدخلات الآخرين ومخططاتهم وسياساتهمrlm;,rlm; كما أصبحت المنطقة العربية تحتل موقعا متقدما في استراتيجيات القوي الفاعلة في عالمناrlm;,rlm; علي حين ظل الجهد العربي الجماعي غير فاعل وغير مؤثر وغير مواكب لتحركات الآخرينrlm;,rlm; وكأن الدول العربية اختارت موقف الغياب عن قضاياها المصيريةrlm;,rlm; مكتفية بردود الأفعال المشتتة والمتفرقة ازاء تدخلات الآخرين في قضايا خطيرة تتعلق بأمن العرب القوميrlm;.rlm;

هذه هي الحيثيات التي قدمتها الورقة السعودية لضرورات تغيير الوضع الخطير غير المقبول وغير المبررrlm;,rlm; كما تقول الورقةrlm;,rlm; والذي يتطلب ضرورة تفعيل الدور الجماعي العربي الموحدrlm;,rlm; وإعادة ترتيب البيت العربيrlm;,rlm; ودراسة مفهوم الأمن القومي الجماعي العربي بما يناسب التطورات السريعة ويستجيب للتحديات والمخاطرrlm;,rlm; بحيث يستعيد العالم العربي موقعه الفاعل كجزء من معادلة القوة علي الساحتين الإقليمية والدوليةrlm;.rlm;

وعلي نفس المنوالrlm;,rlm; تنسج الورقة المصرية رؤيتها لتعدد مصادر التهديد التي تواجه العالم العربيrlm;,rlm; ابتداء من استمرار احتلال إسرائيل لأجزاء مهمة من الأرض العربية في فلسطين وسوريا ولبنانrlm;,rlm; الي مشكلات التركيب الطائفي والمذهبيrlm;,rlm; وتزايد أشكال التحدي الغربي لمكونات الحضارة الإسلاميةrlm;,rlm; وتحديات التنمية الاقتصادية بما في ذلك مشكلات الفقر وانخفاض مستويات الحياةrlm;,rlm; وهجرة رءوس الأموال والعقول العربيةrlm;,rlm; وتفاقم مشكلات البطالةrlm;,rlm; الأمر الذي يتطلب مراجعة شاملة لأبعاد الأمن العربي القومي واستحقاقاته بهدف اعتماد مفهوم شامل للأمن القومي العربي يقدر علي مواجهة تحدياته الخارجية والداخليةrlm;.rlm;

وقد تكون النتيجة الحتمية لهذه الرؤية المتكاملة أن يتوازن الجهد الجهوي الذي تبذله الدول الخليجية في اطار تعاونها الداخلي مع الجهد الأفقي علي امتداد ساحة العالم العربيrlm;,rlm; بما يقرب المسافات والمفاهيم بين منظومة الدول الخليجية وسائر المنظومة العربيةrlm;,rlm; لأن حقائق الجغرافيا ووقائع التاريخ تؤكد استحالة فصل أمن الخليج عن أمن الأمة العربيةrlm;,rlm; واستحالة انشاء أسوار عازلة بين المنطقتينrlm;,rlm; واستحالة اقامة منطقة في الخليج خالية من أسلحة الدمار الشامل ومعزولة أو منعزلة عن إخلاء أسلحة الدمار الشامل من كل منطقة الشرق الأوسطrlm;,rlm; وهذا ما تصر عليه استراتيجيات الغرب التي تسعي حثيثا للفصل بين المنظومتينrlm;..rlm; لكن ذلك قد يبدو للبعض مجرد موضوع آخرrlm;.rlm; وما حدث بين السعودية ومصر من تكامل في الرؤي تتعلق بقضية الأمن القوميrlm;,rlm; حدث مثله بين مصر والكويت في رؤيتهما المتكاملة لضرورة عقد قمة اقتصادية تخصص جهدها للشئون الاقتصادية والتنموية والاجتماعيةrlm;,rlm; وتواجه التحديات الداخلية التي تواجه معظم الدول العربيةrlm;,rlm; ابتداء من مشكلات البطالة وتدهور الأوضاع المعيشية وتواضع حجم التجارة البينية برغم ارتفاعها النسبي في السنوات الأخيرةrlm;,rlm; وهجرة رءوس الأموال العربيةrlm;,rlm; وضعف الاستثمارات العربية في البلاد العربيةrlm;,rlm; وتواضع البنية الأساسية التي تربط مصالح البلدان العربية وضعف مخرجات النظام التعليمي في العالم العربي وعجزه عن ملاحقة مطالب العصرrlm;.rlm;

لقد أردت من هذين المثالينrlm;,rlm; تأكيد روح جديدة تبزغ في الأفق العربيrlm;,rlm; تؤكد أهمية التنسيق المشترك والفهم المتبادلrlm;,rlm; ووحدة اللغة والفكرrlm;,rlm; وتكامل الأدوار لا تعارضها أو تنافسهاrlm;,rlm; لإيجاد تعاون عربي طوعيrlm;,rlm; يقوم علي الاقناع المشترك فأهمية العمل العربي الجماعيrlm;,rlm; وضرورته لتحقيق الصالح العربي العام وتحقيق مصلحة كل الأقطار العربية علي نحو متكافيء دون إملاء أو هيمنة أو ادعاء بالزعامة والريادةrlm;,rlm; أو افتعال لأزمات ومشكلات وهميةrlm;,rlm; واذا كانت الظروف تلزم مصر بقبول دور الشريك والأخ بين فرقاء متساوين في الحقوق والواجباتrlm;,rlm; فعلي الذين يبدون قلقا مصطنعا علي الدور المصري القائد والرائد أن يدركوا أن دور مصر كواسطة العقد العربي تحرس الوفاق العربيrlm;,rlm; وتصون توازنهrlm;,rlm; وتكون فيه بمثابة رمانة الميزانrlm;.rlm; وواسطة العقد أهم كثيرا الآن من دورها القائد والرائدrlm;..rlm;