عباس الطرابيلي



ليس حباً لإيران.. وخوفاً من إسرائيل.. ولكن لأن كليهما خطر علي العرب.. ولا يمكن أن ننسي المطامع الإيرانية في الخليج العربي، الذي تصر حتي الآن علي تسميته بالخليج الفارسي.. ولا ننسي أيضاً احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث ولا أطماعها في مملكة البحرين.. ولكنها وبكل المقاييس تنشئ لنفسها قوة تحاول أن تجعلها أقوي قوة في الشرق الأوسط.. نفس الهدف الذي كان يخطط له شاه إيران السابق محمد رضا بهلوي، حتي قيل وقتها إن جيش إيران هو أقوي جيش، بعد أمريكا والاتحاد السوفييتي!!.

فلماذا تنشئ إيران الآن هذه القوة، هل للانتقام من العراق.. أم الانتقام من هزيمتها في معركة القادسية علي يد سعد بن أبي وقاص؟!

** وإسرائيل أيضاً تحاول أن تعيد لجيشها مقولتها بأنه الجيش الذي لا يقهر بعد أن قطعنا ذراعه في حرب ،1973 وتحاول أن تمتد هذه الذراع إلي لبنان في الشمال وسوريا في الشمال الشرقي والأردن في الشرق.. ومصر في الجنوب.. ولا مانع أيضاً من أن تتحول إسرائيل إلي قوة أولي في المنطقة، علي الأقل لتنفذ ما تطلبه واشنطن منها.. ولا يمكن أن ننسي ضربها للمفاعل النووي العراقي عام 1980 أيام مناحم بيجين..

** ولكننا نتعجب مما يجري في ثورة عارمة علي إيران وعلي مشروعها النووي.. في الوقت الذي نري فيه هذا الصمت المريب علي إسرائيل وعلي امتلاكها الفعلي للأسلحة النووية التي قيل إنها أكثر من 200 سلاح.. وهل ننسي اعتراف أولمرت رئيس وزرائها بحقيقة امتلاك إسرائيل للأسلحة النووية في الشهور الأخيرة!!

والصمت المريب يأتي من واشنطن.. وكل توابعها.. تماماً كما نراه في موقف الوكالة الدولية للطاقة النووية.. يقابل ذلك تهديدات بالحرب ضد إيران، أو علي الأقل عملية عسكرية ضد مشروعها النووي لإجهاض محاولة طهران إنشاء قوة إقليمية لها.

** حقيقة نحن نعترض علي قيام قوة، أو قوي، نووية في المنطقة.. ولكننا نتعجب من هذه المعايير المزدوجة في السياسة الدولية.. وما يقال من أن وجود الأسلحة النووية في يد إيران خطر، فإن وجودها في أيدي إسرائيل أكثر خطورة.. لأننا نعلم حقيقة نظرة إسرائيل إلي المنطقة العربية.. وأن بينها وبين كل جيرانها هذا العداء التقليدي والحقيقي.

ولا ننسي أيضاً فلسفة القوة اليهودية.. ونظرية شمشون الذي لم يتورع عن هدم المعبد عليه، وعلي أعدائه أيضاً عندما رأي الخطر يحدق بنفسه وأقدم علي تدمير نفسه ليموت هو والأعداء..

** هذه النظرية الشمشونية تجعلنا نخشي أنه في لحظة الخطر ستلجأ إسرائيل إلي استخدام الأسلحة النووية لتدمير كل من حولها..

ونقول إن مصر هي المتضرر الأكبر سواء من امتلاك إيران أو امتلاك إسرائيل للأسلحة النووية.. ذلك لأننا الشعب الأكبر عدداً في المنطقة.. وبالتالي سنكون الأكثر دماراً وإصابة.. ولذلك فإننا نري عدم قيام أي قوة نووية في المنطقة، سواء لتأمين إسرائيل كما تدعي، أو لقيام قوة إقليمية كبيرة، كما تحلم إيران..

** الحل هو ما تراه مصر.. من ضرورة إخلاء المنطقة من أي أسلحة نووية، وأن الأفضل هو اتجاه شعوب المنطقة إلي التنمية والي توفير الرخاء لشعوبها.. نقول ذلك لأن مصر علمياً وحضارياً يمكنها أن تمتلك هذه القوة النووية.. ولكننا نفضل توجيه كل الطاقات لإسعاد الشعب المصري وتوفير سبل الحياة الرغدة له.

إننا نري ضرورة الدعوة إلي مؤتمر إقليمي عالمي يعقد في أي عاصمة لبحث إمكانية إخلاء المنطقة من أي أسلحة نووية.. مقابل تقديم ضمانات دولية لحماية المنطقة من أي اعتداء علي شعوبها..

** وإلي أن يتحقق ذلك فإننا لن نتخلي عن مبدأ المساواة بين الكل.. في ان تتملك من القوة ما يحميها.. ولكن العاقبة ستكون سباقاً رهيباً نحو تملك الأسلحة.. مهما كانت هذه الأسلحة.