الثلاثاء 17 أبريل 2007
إيف فيربانكس - واشنطن بوست
على غرار الوشاح الذي غطت به quot;نانسي بيلوسيquot; رأسها أثناء زيارتها إلى سوريا، وما أثارته تلك الزيارة من جدل لدى بعض الأوساط في واشنطن، تغطي الصورة الحالية لرئيسة مجلس النواب الأميركي على الكثير مما يضج به الحزب quot;الديمقراطيquot; من اتجاهات مختلفة. ولعل النائب quot;الديمقراطيquot; الجديد في الكونجرس quot;جون يارموثquot; أفضل من يمثل المخاوف التي تنتاب بعض النواب quot;الديمقراطيينquot; من أن يجنح الحزب إلى اليسار أكثر من المطلوب. فقد كان quot;جون يارموثquot; النائب الذي ضمن لـquot;الديمقراطيينquot; الأغلبية في مجلس النواب، لذا تكتسي المنطقة التي يمثلها في الكونجرس أهمية مهمة يتحسس من خلالها اتجاهات الناخبين الذين صوتوا لصالحه. وهكذا وخلال الزيارة التي قام بها إلى منطقته للتواصل مع الناخبين لم يسمع النائب quot;جون يارموثquot; غير العراق الذي استحوذ على أذهان الناخبين وراحوا يطالبون بشيء واحد هو سحب القوات الأميركية وإعادتها إلى أرض الوطن في أقرب فرصة ممكنة. وقد شعر النائب quot;الديمقراطيquot; بأن موقف الناخبين إزاء العراق كان أكثر حسماً من موقفه هو، أو موقف زملائه quot;الديمقراطيينquot; تحت قبة الكونجرس.
وأدرك quot;يارموثquot; أيضاً أن تجربته في واشنطن وما يتردد من أن quot;نانسي بيلوسيquot; تسعى إلى جر الحزب quot;الديمقراطيquot; لسلوك طريق متطرف وراديكالي يطالب بجدولة الانسحاب من العراق لا أساس له من الصحة، وبأن الناخبين في الواقع هم أكثر راديكالية. لكن ما يجري في الكونجرس من صراع على السلطة بين الحزبين الرئيسيين يعقد مواقف السياسيين على جانبي المشهد السياسي. فقد جاءت quot;نانسي بيلوسيquot; إلى واشنطن لأول مرة عام 1987 وهي تحمل أفكاراً ليبرالية جداً، تهتم بالموضة وجمع الأموال للحزب quot;الديمقراطيquot;. وكان واضحاً ميلها ناحية الأفكار اليسارية سواء تعلق الأمر بالقضايا الكبرى مثل معارضتها لحرب الخليج، أو بالقضايا الصغرى مثل دفاعها عن حقوق المثليين. بحيث نقل عنها قولها عام 1996 quot;إنني أفاخر بأن أنعت بالليبراليةquot;. وكما هي عادتهم حاول quot;الجمهوريونquot; استغلال هذا الجانب الليبرالي في توجهات quot;بيلوسيquot; لإخافة الناخبين من الرئيسة الجديدة للكونجرس، وتكررت العملية مجدداً مع الزيارة الأخيرة التي قامت بها إلى سوريا.
بيد أن الأسلوب الذي اتبعته quot;نانسي بيلوسيquot; إلى غاية اللحظة اتسم بالاعتدال الشديد والنأي بنفسها عن أفكارها السابقة في محاولة لتجنب انتقادات quot;الجمهوريينquot;. لكن بعيداً عن quot;الجمهوريينquot; الذين سيستمرون في مساعيهم الرامية إلى تذكير الرأي العام بـquot;ليبرالياتها المتطرفةquot; مهما قامت به، يكتسي الحذر الذي تبديه quot;نانسي بيلوسيquot; أهمية أكبر بالنظر إلى التجاذبات التي يحفل بها الحزب quot;الديمقراطيquot; نفسه. وما علينا في هذا الإطار سوى إلقاء نظرة على الأجنحة التي تشعر بالارتياح وتلك التي تعلن تذمرها إزاء توجه quot;بيلوسيquot; داخل الحزب. فبالعكس مما يتوقع البعض يشعر ليبراليو الحزب quot;الديمقراطيquot; بتذمر إزاء quot;بيلوسيquot; أكثر من المعتدلين. وفي هذا السياق اشتكى عضو الكونجرس الليبرالي quot;راؤول جريخالفاquot; لإحدى المجلات اهتمام رئيسة الكونجرس بما يقوله الجناح الأقل عدداً وهم quot;المعتدلونquot; في حين تهمِّش آراء الليبراليين.
من جانبه عبَّر أحد quot;الديمقراطيين المعتدلينquot; عن سروره quot;لأن الليبراليين داخل الحزب قاموا بكل شيء طلبناه منهمquot;، حيث تمت الموافقة على مشروع الموازنة الذي اقترحه رئيس لجنة الموازنة في الكونجرس quot;جون سبراتquot;، بما تتضمنه من موافقة على طلب الرئيس لتمويل الحرب في العراق والحد من الإنفاق الموجه للاستحقاقات الاجتماعية التي ينادي به الليبراليون. وقد شعر التقدميون داخل الحزب quot;الديمقراطيquot; بأنهم أيضاً انهزموا في الصراع حول الحرب في العراق عندما تم إرفاق مطلب تحديد موعد معين للانسحاب الأميركي مع الموافقة على تمويل المجهود الحربي. وجاءت الوثيقة النهائية التي أقرها الكونجرس أقل من توقعات الليبراليين في الحزب quot;الديمقراطيquot;، إذ رفضت تحديد موعد ثابت واكتفت بالدعوة إلى جدولة الانسحاب، فضلاً عن موافقة الوثيقة الختامية على إرسال قوات إضافية على أن تخضع لتدريب كافٍ.
والأكثر من ذلك اضطرت رئيسة الكونجرس لكبت بعض أفكارها السابقة وقاومت مساعي الليبراليين داخل الحزب quot;الديمقراطيquot; لتحقيق أهدافهم. فقد رفضت مقترح النائب quot;تشارلز رانجلquot; الداعي إلى إعادة العمل بنظام التجنيد الإجباري، كما امتنعت عن مقاضاة بوش كما طالب بذلك النائب quot;جون كونييروquot;. لكن هل يعني ذلك أن quot;بيلوسيquot; التي تقود اليوم من الوسط ستستمر على نفس النهج في الفترة المقبلة؟ ألن يخفق قلبها مجدداً لإقرار عفو غير مشروط يستفيد منه المهاجرون غير الشرعيين، وتقنين الزواج المثلي؟ الأكيد أن quot;بيلوسيquot; سياسية براجماتية جداً، ومن غير المرجح أن تضحي بمصالح الحزب quot;الديمقراطيquot; من أجل أفكارها الخاصة. يضاف إلى ذلك أنها محكومة بعاملين اثنين يتمثل الأول في الحاجة إلى إبقاء الخيمة واسعة دون مشاكل يتعايش فيها quot;الليبراليونquot; وquot;المعتدلونquot;، ذلك أن العديد من النواب quot;الديمقراطيينquot; الذين وصلوا لأول مرة إلى الكونجرس نجحوا في مناطق محافظة، وقد يؤدي جنوحهم إلى الجانب الليبرالي إلى فقدانهم للناخبين في الولايات المحافظة واستعادة quot;الجمهوريينquot; لأغلبية الكونجرس في الانتخابات المقبلة. أما العامل الثاني فيتمثل في الجماعات الناشطة خارج الكونجرس التي تدفع في اتجاه اليسار وتضغط على quot;الديمقراطيينquot; لتطبق بعض من أجندتها.
ومع كل تلك الصعوبات التي تدفع quot;بيلوسيquot; إلى إبقاء قناعاتها الخاصة على الموقد الخلفي، استطاعت رئيسة الكونجرس فرض ملاحظاتها على وثيقة الموازنة العامة، فضلاً عن تشكيل هيئة للنظر في قضية الاحتباس الحراري.
التعليقات