محمد حنفي

العراقية، الرافدين، أشور، السومرية، الشرقية، البغدادية، الديار، عشتار، المسار، السلام، آفاق، الزوراء، صلاح الدين، الرافدين، هذه بعض ـ وليس كل ـ القنوات الفضائية العراقية وهي غيض من فيض فضائي عراقي يملأ الفضاء العربي، حيث يوجد أكثر من 30 فضائية عراقية على قمر نيل سات، وهو عدد كبير ومبالغ فيه ولا تجد له مثيلا في دولة عربية أخرى.
ان النكتة المتداولة هذه الأيام تعليقا على هذا الكم من الفضائيات العراقية انه اصبح هناك فضائية لكل مواطن عراقي، والمتابع لهذه الفضائيات العراقية يتعجب من هذا الكوكتيل الفضائي العراقي العجيب، ما بين قنوات منوعة تبث اغنيات الفيديو كليب على غرار البرتقالة والرمانة، التي تحتوي على الكثير من العري والاثارة التي ربما تفوق جرعتها ما يوجد في أغنيات روبي وبوسي سمير.
لكن ربما كان الصوت الأعلى لهذه القنوات الفضائية العراقية هو الخطاب السياسي الموجه بفعل الجهة والتمويل اللذين يقفان وراء كل فضائية، ابحث عن التمويل تعرف ما لون هذه الفضائية أو تلك، وللعلم فان الايجار الشهري لكل فضائية من هذه الفضائيات يتكلف ما يقرب من 40 ألف دولار شهريا أي أكثر من أربعة ملايين سنويا، أليس الشعب العراقي أولى بهذه الملايين التي يجري تبديدها في الفضاء.
تكاد جميع هذه الفضائيات العراقية تشترك في العديد من العناصر فهي تقدم مادة فقيرة اعلاميا حيث لا تجد فيها جديدا الا ما يتعلق بأخبار من يقف وراءها ويطغى الخطاب السياسي الموجه الى كل قناة على أي مادة اعلامية اخرى من أفلام أو برامج ثقافية ورياضية وحتى فنية فلا صوت يعلو هنا على صوت الحزب الذي تكون الفضائية لسان حاله.
والاتهام الشائع هذه الأيام للكثير من هذه الفضائيات هو رائحة الطائفية السياسية والمذهبية التي تفوح منها.
ان الأسئلة التي تطرح نفسها هنا كثيرة والاجابات تبدو أكثر مرارة من الواقع الفضائي العراقي: هل يحتاج العراقيون الى كل هذا الكم الهائل من الفضائيات؟ هل فوضى القنوات العراقية مجرد صورة لما يحدث على أرض الواقع؟ هل هذه القنوات تقدم فعلا خدمة اعلامية تهم المشاهد العراقي ام انها مجرد بنزين يجري صبه يوميا على نار الطائفية؟
يبدو ان الحال الفضائي العراقي لن تكون بعافية الا بعد ان تنصلح الحال السياسية على الأرض، وحتى ذلك الوقت الذي لا يبدو قريبا ستختفي فضائية عراقية وتظهر اخرى حسب قوة التمويل، والخاسر الوحيد من هذه الفوضى الإعلامية العراقية بالطبع هو المشاهد العراقي.