فرحان بخاري - فايننشال تايمز

ربما تكون غرفة تجارة وهمية مشهداً مألوفاً للطلبة في بعض أهم كليات إدارة الأعمال وهم يتابعون برنامجاً لنيل درجة الماجستير في إدارة الأعمال. ومع ذلك، فان القليلين منهم تتاح لهم فرصة التعرف إلى طابق للتعاملات الملتزمة بتعاليم بالشريعة الاسلامية، حيث تجري التحويلات والتعاملات محكومة ومتوافقة مع المعطيات الإسلامية.

تأتي مثل هذه المرافق ضمن الخطط المعدة لإنشاء برنامج تنفيذي إسلامي لمنح درجة الماجستير في إدارة الأعمال، والذي سيصبح متاحاً في دبي التي تعتبر اسرع المراكز التجارية نمواً في دول الخليج العربي. ويأتي طرح هذا البرنامج مشتركاً من مركز دبي المالي الدولي بالتعاون مع كلية كاس للادارة في جامعة مدينة لندن. وسيعرض البرنامج التنفيذي لماجستير ادارة الاعمال ثلاثة تخصصات بديلة، هي التمويل الاسلامي، والطاقة والادارة العامة، والتمويل. ويعتقد الراعون للبرنامج المذكور بأن برنامجهم سيكون الاول من نوعه في العالم، والذي يطرح تخصصات التمويل الإسلامي والطاقة.

من المقرر أن تستغرق مدة الدراسة في البرنامج المذكور 24 شهراً، وسيتضمن نفس مساقات البرنامج التنفيذي لماجستير ادارة الاعمال في كلية كاس في لندن. وسيبدأ الفصل الأول الذي يضم 30 طالبا في شهر ايلول / سبتمبر المقبل. ويهدف المشروع الى الاستفادة قدر الامكان من النمو الاقتصادي في المنطقة الغنية بالنفط، في وقت تبدو فيه الرغبة في الاعمال المصرفية والتمويل الإسلامي آخذة في الازدياد.

في جزء منه، جاء تنامي فرص الاعمال على يد المستثمرين المسلمين الذين يكتشفون وجود فرص أعمال غير مسبوقة في منطقة الخليج. وكان العديد من هؤلاء المستثمرين قد عادوا الى الوطن في أعقاب الغضبة ضد المسلمين خلال الأشهر التي أعقبت الهجمات الإرهابية ضد الأهداف الأميركية في أيلول / سبتمبر 2001، والذين ظلوا متوجسين من العودة الى الغرب، وخاصة الولايات المتحدة.

بينما يشرع التمويل الإسلامية بفرد عضلاته على المسرح الكوني، يكتشف الممارسون ان التحديات لا تقل في كثرتها عن الفرص نفسها. ذلك أن إبرام صفقات متوافقة مع المبادئ الإسلامية هو أمر قائم بشكل كبير على حظر الخطايا الواضحة، مثل وضع قيود على الاستثمار في قطاعات أعمال لها علاقة بالقمار والكحول ولحم الخنزير. وبالإضافة إلى ما تقدم، فان ثمة قيودا على التعامل مع التحويلات القائمة على أسعار الفائدة الثابتة على النحو الذي تمارسه البنوك التقليدية.

يجد المصرفيون الاسلاميون أنفسهم أيضاً وهم يناقشون أدق التفاصيل في العقود، وهو ما ينطوي على الكثير من العمل الورقي. وهدفهم الرئيس هو بناء تعاملات تنصاع للقواعد الإسلامية، وتحظى بموافقة العلماء الإسلاميين، وتعمل في الوقت نفسه على تسهيل ما يمكن أن يتبين في النهاية أنه صفقات مربحة بشكل كبير.

في الأثناء، تواجه المؤسسات المالية مثل البنوك الاسلامية نقصا في الكوادر المتدربة على هذه الأنظمة. وبينما يجري العمل على حل مشكلة التوظيف والتدريب على المدى الطويل، فإن من المرجح على المدى القصير أن ينتهز الأفراد المتواجدون على رأس أعمالهم فرصة المبادرة المذكورة ويسجلوا في البرنامج التنفيذي لماجستير ادارة الاعمال.

وتهدف الدورة الجديدة الى تخريج طلبة واعدين من بلدان في المنطقة.

تقول فاتن هاني رئيسة مركز التعليم في مركز دبي المالي الدولي: quot;باستطاعتنا ان نكون من يكرس هذا الاتجاهquot;. وهي تأمل انه مع تزايد الرغبة في توظيف مديرين مؤهلين للبنوك الإسلامية، فان برنامج كاس ومركز دبي المالي لن يحفزا الجامعات والمعاهد الإدارية المجاورة فقط، وإنما مدارس الإدارة البعيدة التي تتطلع الى إقامة صلات في المنطقة لتقديم برنامج تنفيذية مماثلة في ماجستير ادارة الاعمال مع التمويل الإسلامي في محور تركيزها.

يهدف مبنى مؤلف من ستة طوابق في موقع مركز دبي المالي الدولي، بما في ذلك قاعة اتجار وهمية للمنتجات الاسلامية مثل الصكوك التي تنمو بسرعة، يهدف الى تعريض الطلبة الى اختبارات عملية رئيسية. وسيأتي اعضاء التدريس للبرنامج بشكل رئيسي من quot;كاسquot; حيث سيسافرون الى دبي للتعليم فيها. وسيعاونهم مجلس استشاري يتشكل بشكل رئيسي من النظام المصرفي الاسلامي والقطاع المالي.

يقول حسن حكيم، العميد المشارك في البرنامج خارج الحرم الجامعي في كاس: quot;إن التحدي الماثل امام كل شخص في هذه المنطقة يكمن في التوفيق بين معرفة التخصص الاسلامي والمالية الحديثة. وعلى ضوء السرعة التي يتنامى فيها التمويل الاسلامي، فان نقص المهارة هو شيء يحفزنا على الاستجابة لاحتياجات السوقquot;. وهو يعتقد بان البرنامج يمكن ان يروق للمنطقة الاوسع وراء دبي. ويضيف ان الاستجابة الاولية من جانب الطلبة الواعدين مشجعة، وان استفسارات قد وردت من المملكة العربية السعودية وايران ومنطقة الخليج والبلدان في جنوب اسيا وسنغافورة عن البرنامج. وستكون المحاضرات لعدة ايام بين الأحد والخميس بحيث لا يجبر الطلبة على الدراسة في يوم الجمعة، وهو يوم العطلة الاسبوعية الاسلامية.

في الوقت الحاضر، ثمة حماس كبير في العالم الاسلامي لهذا البرنامج. ومن المقرر ان يبدأ تخريج اول فوج من الفصل الدراسي لكاس ومركز دبي في عام 2009، حيث يرجح ان تواجه المؤسسات نقصا حادا في كوادر المتخصصين في التمويل الاسلامي. أما بالنسبة لتلك البنوك والمؤسسات التي تواجه افتقارا الى مهنيين مدربين بشكل مناسب، فإن البرنامج الجديد سيقدم شيئاً للإيفاء بحاجاتها الآنية للتوظيف. وتتركز كل الانظار الآن على المنطقة لرؤية ما اذا كان البرنامج الجديد سيكون بمثابة عامل مساعد على إنشاء برامج تعليمية اسلامية مستقبلية.