يوسف أبولوز
ما من زلة لسان في اللغة الدبلوماسية التي تستخدمها النخبة السياسية إلا ولها رديف آخر يسمى ldquo;بالون اختبارrdquo; أو ldquo;جس النبضrdquo;، وبذلك لا تكون الزلة ldquo;زلةrdquo;، وإنما تحمل قصدية ومضموناً يرمي إليه السياسي عادة بشيء من المناورة. ومثل هذه الزلات يتبعها نفي هو أقرب الى التأكيد. والعملية كلها ldquo;تلاعبrdquo; بالكلمات. ولكثرة ما يخطىء اللسان السياسي ثم يعود عن الخطأ بتصويبات ركيكة. بات الأمر مكشوفاً خصوصاً لعرّابي ودهاقنة الاعلام. اولئك الذين يعرفون ldquo;الأكماتrdquo; وما وراءها، علاوة على معرفتهم بفن المناورة السياسية أكثر - ربما - من السياسيين أنفسهم.
وأحياناً، تكون زلات اللسان غير مقصودة بالمرة، بل هي أخطاء حقيقية تكشف عن ثقافة سياسية مضطربة. وقد تقود مثل هذه الأخطاء إلى ازمات دولية يتم ترقيعها سريعاً بما يسمى الدبلوماسية الهادئة أو تلك النشطة. ولكن الملاحظ في كل هذا المشهد أن زلات اللسان لا تكثر إلا في الفم السياسي العربي المعروف بقاموس النفي والإدانة والشجب. على أن هذا القاموس بات خاوياً اليوم، وهاجرت منه الكلمات الثلاث (نفي، إدانة شجب) إلى غير رجعة، فالإدانة، مثلاً، موقف قوي رغم ظلالها الانشائية، ولكن من أين لنا اليوم بتلك القوة التي تعطي لغتنا السياسية ثقلها وتأثيرها في المحافل الدولية؟
هذا عن زلات اللسان في السياسة.
أما في الثقافة، فهناك زلات أخرى، وهذه كثيرة جداً، وتكاد تكون مكرورة ويومية، ولكن لا أحد يدينها ولا يعطيها أية أهمية إلى درجة أن تشيع وتصبح مع التكرار حقائق أو مسلمات، وهي في الغالب مصطلحات كبيرة يمضغها كبار المثقفين مع تبغ البايب والسيجار وهم يبتسمون على شاشات التلفزيون في برامجهم الحوارية التي أصبحت أكثر من الهم على القلب.
والآن، سأقلب الصفحة بسرعة، وانتقل إلى أجمل ldquo;الزلاتrdquo;، وهي ldquo;زلات القلوب،rdquo; عندما تهوى وتحب وتعشق بتلك الخفة والنعومة التي لا تتوفر أبداً لا للسياسيين ولا للمثقفين.
إكثر، صديقي القارىء، من زلات القلب تلك؟ وجنّبك الله شر زلات اللسان، ldquo;فالمرء مخبوء تحت لسانهrdquo;.













التعليقات