وصلت الممثلة الفرنسية كاترين دونوف الى بيروت مساء أمس في زيارة غير عادية وغير رسمية. إنها زيارة سينمائية، إذا صح التعبير، تنطلق فصولها اليوم مع البدء بتصوير المشروع السينمائي الجديد للمخرجين اللبنانيين جوانا حاجي توما وخليل جريج.
quot;بدي شوفquot; هو عنوان الشريط الوثائقي الذي يقدم دونوف في مشاركة سينمائية عربية غير مسبوقة، تلعب فيها دورها الحقيقي بوصفها quot;أيقونةquot; سينمائية كما قالت المخرجة حاجي توما لـquot;المستقبلquot; عشية انطلاق التصوير، التي أشارت الى quot;اننا اخترنا كاترين دونوف لأنها ايقونة وليس لأنها نجمة.. إنها تمثل فكرة السينما وتختزلهاquot;.
كتب المخرجان مشروعهما الوثائقي الثاني بعد quot;خيامquot; في أيلول (سبتمبر) الفائت بعيد حرب تموز (يوليو) وللفكرة صلة وثيقة بالحرب. وتقول حاجي توما quot;إنها فكرة السينما بعد الحربquot;، مشيرة الى أن المشروع انطلق من quot;تساؤلاتنا حول كيف سنصنع أفلامنا بعد الحرب وأي أفلام سننجزquot;.
ولا يستند التصوير الى سيناريو جاهز ومنجز كما توضح المخرجة، فهو quot;وثائقي ولكنه يتضمن مشاهد مفبركة كما يروي مسيرة المشروع منذ البدء به أما الباقي فيعتمد على الارتجالquot;. ومن ذلك أن دونوف لم تقرأ أي سيناريو قبل التصوير. والارتجال في عرف المخرجين هو ما بدآه في فيلمهما الروائي الطويل السابق quot;يوم آخرquot;، حيث تركا للواقع أن يقود المشاهد الى تخوم غير محددة سلفاً.
في المشروع الحالي، يعتمد المخرجان على لقاء الشخصيتين الأساسيتين أمام الكاميرا: كاترين دونوف وربيع مروة الذي شارك في فيلمهما الأول quot;البيت الزهرquot; في العام 1998، ولاحقاً في الشريط القصير quot;رمادquot;. كذلك يعتمد الارتجال على تفاعلهما مع المحيط. ويصوغ المخرجان كل ذلك حول خط روائي ثابت هو قيام الاثنين برحلة يمران خلالها على الضاحية الجنوبية ووسط المدينة ويسلكان الطريق الساحلية المؤدية الى الجنوب اللبناني. إنها فكرة quot;الشاهدquot; التي يشتغل المخرجان عليها بدءاً من العنوان quot;بدي شوفquot;، مستعيدين ما قام به جان جينيه قبل ربع قرن عندما كان شاهداً على خراب مجزرة صبرا وشاتيلا العام 1982، في حين دوّن الأخير مشاهداته في نصه الشهير quot;أربع ساعات في شاتيلاquot; وأفلم يسري نصر الله جزءاً منه في عمله الأخير quot;باب الشمسquot; مع ممثلة فرنسية أخرى هي بياتريس دال، وسوف يؤفلم المخرجان مشاهدات دونوف أو فعل مشاهدتها.
اختيار دونوف بإرثها السينمائي العتيد هو من قبيل جعل السينما نفسها هي الشاهد. فالممثلة الفرنسية صنعت اسمها على مدى أكثر من أربعة عقود من خلال مشاركاتها في أعمال لأمثال لويس بونويل الذي أطلق شهرتها العام 1967 في quot;جميلة النهارquot; ورومان بولانسكي وفرونسوا تروفو ومانويل دي اوليفيرا وجاك ديمي وروجه فاديم واندريه تيشيني وأخيراً لارس فون ترير في فيلمه quot;راقصة في الظلامquot;. وهي بمشاركتها الحالية في quot;بدي شوفquot; لا تفعل سوى التأكيد على اقتران السينما بالمغامرة والتجريب مع الإشارة الى أنها لعبت شخصيتها الحقيقية كممثلة في عدد من الأفلام معظمها وثائقية من بينها quot;عالم جاك ديميquot; وquot;هلموت نيوتنquot; وquot;تروفوquot; وسواها.
يستغرق التصوير ثمانية أيام بمشاركة فريق تقني لبناني ـ فرنسي يقوده مدير التصوير جوليان هيرش الذي ترك بصمته على عدد من أفلام السينمائي الفرنسي جان لوك غودار، والمنتج التونسي فارس لادجيمي الذي سبق له العمل مع جريج وحاجي توما على quot;يوم آخرquot;.

ريما المسمار