أنور صالح الخطيب

بعد عشرة أيام تقريبا سيختفي من الصورة الرئيس جاك شيراك الذي شغل قصر الاليزيه لمدة 12 سنة متوالية لصالح شاغل قصر الإليزيه الجديد نيكولا ساركوزي الرئيس الفرنسي الذي حاز في انتخابات تاريخية علي ثقة أكثر من نصف الشعب الفرنسي ليكون الرئيس السادس للجمهورية الفرنسية الخامسة.

مشهد الاحتجاجات في باريس وبعض المدن الفرنسية الأخري علي انتخاب ساركوزي ربما يتكرر كثيرا ويصبح لازمة للمشهد الفرنسي الداخلي اذا اصر الرئيس الجديد علي مواقفه تجاه قضية الهجرة والمهاجرين وتجاه قضايا مثل الحجاب ومثل ساعات العمل والضرائب وغيرها من القضايا المثيرة للجدل في الشارع الفرنسي.

التهاني التي انهالت علي ساركوزي لحظة اعلان انتصاره الذي لم يكن مفاجئا والتي كان من أبرزها التهنئة السريعة من الرئيس الأمريكي جورج بوش توضح إتجاه السياسة الفرنسية الخارجية في عهد ساركوزي والتي ستشهد إنعطافا غير مسبوق باتجاه مشاريع المحافظين الجدد الذين يحكمون البيت الابيض الآن.

ساركوزي كان مبادرا وواضحا في هذه المسألة حين خص الولايات المتحدة الأمريكية بالذكر في خطاب النصر قائلا ان أمريكا تستطيع ان تعتمد علي صداقة فرنسا.

التهنئة الأخري اللافتة للانتباه كانت تهنئة زعيم المعارضة في quot;إسرائيلquot; نتنياهو الذي ترشحه استطلاعات الرأي كي يكون رئيس الحكومة المقبل هناك والذي عبر عن سروره وسعادته لفوز ساركوزي الذي سبق وأن أكد خلال لقائه مع الجالية العربية والاسلامية في فرنسا ان دعمه لإسرائيل غير مشروط

لا نريد تحميل الامور أكثر ما تحتمل ففرنسا شيراك لم تكن الحليف الذي يناصر العرب وقضاياهم بدون شروط ولكن يمكن وصف السياسة الفرنسية الخارجية في عهد شيراك انها كانت اكثر توازنا وتفهما للقضايا العربية دون أن يؤثر ذلك في ترجيح كفة العرب أو تحقيق شيء ما علي هذا الصعيد لكن الموقف الذي لن ينساه العالم العربي لفرنسا شيراك رفضها القاطع للغزو الامريكي للعراق وإحباطها اصدار قرار من مجلس الامن الدولي يؤيد هذا الغزو ويباركه مما تسبب في وقوع ازمة سياسية بين واشنطن وباريس

وجه السياسة الفرنسية الخارجية في عهد ساركوزي سيتغير وسيجد بعض الزعماء العرب الذين اعتادوا أن يستقبلهم شيراك علي عتبات الإليزيه بدفء قد يوصف بالمبالغ فيه أن ساكن الأليزيه الجديد قد أحال جنبات القصر وأروقته الي جليد.