عبدالله خلف


كانت كردستان أمة واحدة تضمها وحدة جغرافية شاسعة، تم تقسيمها في القرن السادس عشر ليس تقسيما فيدراليا، ولا الى دويلات مستقلة، بل فتتت الى جزيئات مسلوبة الحقوق القانونية والتاريخية والسياسية ووزعت لتكون أجزاء ومستقلة من دول غريبة عنها، إلى خمسة أجزاء في دول قائمة ومستقبلة.. وعلى الأكراد ان يقبلوا ليس بالتقسيم فقط بل بالذوبان بعد التجزؤ.
وكردستان التي أضاعوها ليست من الدول الناشئة حديثا بل هي من أعرق الدول في التاريخ، عرفت ككيان منذ سنة 4000 قبل الميلاد، تحدث المؤرخ الاغريقي كزينوفون عن شعب يقطن منطقة كردستان، ويدعى (الكدروخيين) وهم أجداد الاكراد وخضعت كردستان الى امبراطوريات عديدة وغزاة وفاتحين.
خضعت الجهة الجنوبية الشرقية لكردستان الى السلالة المالكة الأرمينية، في (هيكان). ثم خضعت الى الاسكندر ذي القرنين. ثم الى الارساسيين الخاضعين تارة للفرس وطورا للرومان.
وكانت فارس وروما تقتسمان العالم القديم في سجال بينهما،
وزعم مؤرخون انهم من الجنس الآري وقال عنهم مؤرخون انهم من الكلدان.
واثبت علماء اللغة انتماء لغة الكرد الى الفارسية الحديثة، والزندية لغة فارس القديمة، وهذه من أدلة انتماء الكرد الى الجنس الآري ويشتركون مع الاصل الفارسي في سلالة raquo;هندي أوروبيlaquo;.
وكلمة كردستان اطلقها اخر ملوك السلاجقة و يدعى سنجار على احدى مقاطعات مملكته في القرن الثاني عشر للميلاد، والجديد هنا اضافة raquo;ستانlaquo; الى كرد حسب التسميات السائدة في المقاطعات والمدن الاسلامية مثل باكستان وافغانستان وبلوشستان، اما لفظة كرد فهي عريقة ومتجذرة في التاريخ الى 4000 سنة قبل الميلاد كما اكد المؤرخ الاغريقي كزينوفون وستان في اللغة الفارسية بمعنى الارض مثل عربستان ارض العرب وبلوشستان ارض البلوش وهكذا.. كان الاكراد يخضعون للفرس ان سادت دولة الفرس واكتسحت الشرق الاوسط وسواحل افريقيا الشمالية وجنوب اوروبا، وان ساد الرومان فكردستان مع بلاد الروم.
في القرن السادس عشر خضعت كردستان الى التقسيم، لا تقسيم الى دويلات مثل الدول العربية بعد اتفاقية سايكس بيكو. بل تفرقت كاجزاء منثورة بين دول خمس بعد الحرب العالمية الاولى، جزء قد أُعطي للعراق الانجليزي، وبموجب اتفاق سايكس بيكو، حيث صارت العراق ثلاث ولايات البصرة وبغداد والموصل التي انضمت حديثا بعد نزاع انجليزي وفرنسي وكان الاتفاق السابق ان تكون ضمن الاستعمار الفرنسي في نطاق لبنان وسورية.
عاش الاكراد في مجتمع مشترك مع العرب تحت مظلة الاسلام وقدموا خدمات عظمى. وكانوا اصلب الدروع وأمضى السيوف في حروب المسلمين ضد الصليبيين، وهزموا جيوش الصليبيين وحرروا القدس بقيادة بطلهم صلاح الدين الأيوبي.
أخذ الاكراد يبحثون عن هوية لهم بعد أن جرى تقسيم الحدود مع اتفاقية سايكس بيكو في أعقاب الحرب العالمية الأولى وظهور القوميات وانبثاق الثورة العربية التي تزعمها الشريف حسين عام 1915 ثم رفع لواءها الرئيس جمال عبدالناصر بعد ثورة الجيش، هنا شعر الاكراد أنهم قد اعتزلوا ولم تعد لهم مظلة مشتركة كمظلة الاسلام.
أرادت كردستان ان تجمع شتات قوميتها وأوطانها التي سلبت منها، ووزعت على روسيا وايران والعراق وتركيا وسورية فهم %16 من الشعب التركي، وraquo;%12.5laquo; من الشعب الايراني، و%20 من الشعب العراقي احصاء ما بعد الحرب العالمية الأولى ومطالب الاكراد مطالب سليمة كانت لهم خريطة على شكل الهلال المقلوب يبدأ طرفه الأيسر في سورية ومنتصفه في العراق وتركيا وبقية شكله في ايران وروسيا.. روسيا رأت في مطالب كردستان خيانة وعنصرية، وايران رأته خيانة والعراق في حالة عداء وكان تأسيس الجيش العراقي لأجل ضرب الاكراد فضربوا في العهد الملكي الانجليزي وفي عهد الثورة الى ان ضربهم الجيش في عهد صدام حسين بالصواريخ والقنابل وبالكيماوي المحرم دوليا، وتركيا تراهم أعداءً تسحب عليهم الجيوش والطائرات الحربية وتلاحقهم الى داخل العراق بتأييد رسمي عراقي، في سنة 1922 أصدرت الحكومة البريطانية التي كانت تحتل العراق وتحكمه تصريحاً جاء فيه: تعترف حكومة صاحب الجلالة جورج الخامس بحق الاكراد القاطنين ضمن الحدود العراقية في ان يؤسسوا حكومة كردية مستقلة ضمن هذه الحدود المرسومة لها. هذه محنة الاكراد الذين سلبت حرياتهم وقوميتهم وأرضهم الشاسعة الموزعة بين سورية والعراق وتركيا وإيران وروسيا.