أحمد صلاح زكي - بي بي سي



شكل الانهيار السريع للقوات التابعة لحركة فتح أمام القوات التابعة لحركة حماس في غزة صدمة لكل حلفاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس في المنطقة.

فسقوط غزة في قبضة حماس بهذه السرعة لم يكن متوقعا، خاصة وأن الأجهزة الأمنية التي كانت تسيطر عليها فتح تضم أكثر من ثلاثين ألف رجل دربوا في مصر وبعض الدول الأوروبية تحت إشراف أمريكي ومسلحين بمعدات وسيارات أمريكية وبريطانية.

إذن ما هو سبب الانهيار السريع لفتح في غزة؟

مصدر أمني مصري رفيع المستوى، طلب عدم الكشف عن اسمه، قال لبي بي سي العربية إن سبب الانهيار هو أن quot;العقيدة القتاليةquot; لأعضاء القوات الأمنية التابعة لحركة فتح كانت غير مهيأة لتقبل فكرة أن الخطر قادم من مقاتلي القوات التابعة لحماس وليس من قبل القوات الإسرائيلية.

أما المحللين السياسيين الإسرائيليين، مثل روني شاكيد في هاآرتس، فأرجعوا سبب سقوط غزة إلى تردد الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الاستعانة بقوات الأمن الوطني (التي تبلغ 30 ألف رجل) في المعارك التي خاضها مقاتلو فتح مع حماس.

كما ينحي المحللون باللائمة على الولايات المتحدة وإسرائيل بسبب الحصار المالي المفروض على السلطة الوطنية الفلسطينية والذي أدى إلى عدم استطاعة عباس أن يصرف ماليا على قواته ويجدد من مخزونها في المعدات والذخائر، وهو ما كان متاحا لحماس بفعل صلاتها المالية القوية بالخارج، وذلك في إشارة إلى إيران.

ويقول شاكيد في مقال منشور له في هاآرتس إن أبو مازن (محمود عباس) اتصل برئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، المقيم في دمشق، صباح يوم الأربعاء 13/6/2007 من أجل أن يطلب منه إيقاف إطلاق النار من جانب قوات حماس في غزة، إلا أن مشعل ماطل في البداية ثم رفض بعد أن علم أن قوات حماس باتت قاب قوسين أو أدنى من السيطرة على غزة واحتلال جميع المقار الأمنية التابعة لفتح.

ويضيف شاكيد أن نفس المكالمة تكررت مع رئيس الوزراء المقال إسماعيل هنية وأن نفس المماطلة تكررت.

ويعرج شاكيد على محاولات رئيس الوفد الأمني المصري اللواء برهان حامد التوسط بين الحركتين والتوصل إلى اتفاق لإيقاف إطلاق النار، ويقول إن هذه المحاولات باءات بالفشل بسبب مماطلة قادة حماس الميدانيين الذين كانوا يعلمون أنهم على وشك السيطرة على القطاع.

المصدر الأمني المصري تمسك في حديثه إلى بي بي سي العربية بما قاله وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط من أن quot;أياد خفيةquot; هي وراء فشل محاولات التقريب بين حماس وفتح والوصول إلى إيقاف لإطلاق النار بينهما.

لكنه رفض التلميح أو الإشارة إلى هوية هذه quot;الأيادي الخفيةquot;.

من جانبها تحاول واشنطن إنقاذ ما يمكن إنقاذه الآن وذلك بدعم عباس ماليا من أجل أن يستعيد سيطرته على الأمور في غزة.

ومن أجل هذا الهدف أبلغ القنصل الأمريكي العام جاكوب والز الرئيس الفلسطيني إن الولايات المتحدة سترفع حظرا على المساعدات المباشرة عن حكومة الطوارئ التي يعكف على تشكيلها وزير المالية سلام فياض.

لكن محللين قالوا إن الخطوة الأمريكية التالية ربما تكون دعم فتح في الضفة الغربية وعزل حماس في غزة حتى يسهل حصارها ماليا واقتصاديا واستهدافها عسكريا، وهو ما سيؤدي وفق الرؤية الأمريكية إلى انهيارها السريع، لكن الخوف أن يؤدي ذلك إلى زيادة تشددها وزيادة قاعدتها الشعبية.

وأيا كانت نتيجة سقوط غزة في يد حماس، فإنه من المؤكد أن فكرة صنع سلام بين دولتين، إسرائيلية وفلسطينية، قد ذهبت أدراج الرياح، وذلك لأن الدولة الثانية لم تعد قائمة.