علي حماده
لانه يستحيل فصل ما يجري في لبنان عما يجري في المنطقة من اختراقات، فإن الشرعية العربية مدعوة الى تحمل مسؤولياتها للدفاع عن لبنان بالافعال لا بالاقوال. كذلك هي مدعوة الى اتخاذ اكثر من موقف لفظي وابلاغه الى الطرف السوري.
واذا كان الهدف السوري محاولة استدراج صفقة عربية - دولية تحت تهديد النار من اجل ابعاد شبح المحكمة الدولية، والعودة في شكل او في آخر الى لبنان، فإن الشرعية العربية المتفقة مع الشرعية الدولية تدرك تماما ان ما كان ينطبق ايام الرئيس الراحل حافظ الاسد من قبول لمشاريع هيمنة دول عربية على جوارها لم يعد ينطبق في مرحلة الاسد الابن الذي يصارع منطق التاريخ. فلعب دور حصان طروادة في قلب العالم العربي لإدخال المشروع الامبراطوري الايراني اليه ينطوي على خطورة مماثلة للخطورة التي مثلها المشروع الصهيوني في ثلاثينات القرن الماضي. وهذه ليست مبالغة ولا تحاملا على مشروع quot;ولاية الفقيهquot; الذي يصادر شعارات قومجية واسلاموية من اجل إضفاء quot;شرعيةquot; ما على تمدده بالنار والدماء من العراق، الى لبنان، ففلسطين.
والحق ان الشرعية العربية الداعمة للشرعية اللبنانية، ولدولة الاستقلال لا تزال تكتفي بالاحتجاج على سلوك النظام السوري، من دون ان تقرن الموقف بما يردع هذا النظام، ليس من اجل الشرعية اللبنانية التي تقاتل نيابة عن الشرعية العربية بأسرها، انما من اجل الشرعية العربية نفسها، حيث يؤدي تهديد الامن القومي العربي المصري بإعتراف وزير خارجية مصر نفسه، وحيث تثمير الانقلاب في غزة، الى توسع حلقة الانقلابات الى لبنان ومنه الى سائر الشرعيات العربية.
هذا على مستوى العرب، ولكن ماذا عن المجتمع الدولي؟
من يراقب قوة المواقف الدولية التي تمخضت عنها لقاءات رئيس الحكومة في فرنسا، من الرئيس نيكولا ساركوزي، الى وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس، يجد ان جوهر الدعم لم يتغيّر.
ومن يتابع استمرار مجلس الامن في نسج شبكة قرارات ومواقف حول الاستقلال اللبناني في مواجهة تدخل النظام السوري وسلوكه في لبنان، يفهم ان العالم يرفض تكرار تجربة تفويض النظام السوري أدواراً تتعدى نطاق حدوده الرسمية.
لكن الحق يقال انه ليس بالبيانات والقرارات الدولية وحدها يتم ردع الانظمة المارقة، انما ذلك بخطوات ملموسة: من عقوبات جدية، الى حصار اقتصادي، فحصار يستخدم جيران سوريا لينقلب السحر على الساحر.
ان الشرعيتين العربية والدولية لن تحصدا ايجابية واحدة من لعبة التعامل المرن مع السلوك السوري. وحده نموذج quot;التجربة التركية للعام 1996quot; يمكن ان يحدث فرقاً.
التعليقات