عبد الرحمن الراشد

بعد طول انتظار هاجم رئيس الوزراء، نوري المالكي، السيد مقتدى الصدر، احد ابرز مشاغبي السياسة العراقية المعاصرة، وبلغ في هجومه أن اتهم تياره بانه laquo;يضم عصابات صدامية وبعثية وعصابات سلب ونهبraquo;. وطالبه في خطبة علنية بأن يتخذ موقفا واضحا وعمليا ضدهم او ضد النظام بمجمله. وبعدها تناهى الى الأسماع سفر الزعيم الصدري الى ايران، البلد الذي يتهم بأنه المحرك للفوضى في العراق.

وليس جديدا موقف الصدر المعادي للاميركيين، او المتنافس طائفيا مع قوى سنية، بل الجديد في نفاد صبر المالكي الذي صار يرى بأم عينيه الضرر الهائل الذي ألحقه الصدر بالنظام العراقي على مدى سنوات. الصدر، ربما بدون أن يقصد، هو أكبر من ضرب النظام العراقي الجديد. فقد دعمت الفوضى، التي سببتها ميلشياته، الجماعات السنية المتطرفة، والمجاميع البعثية والقاعدية، حيث حارب معهم ضد النظام السياسي الذي عطله عن العمل. تسببت جماعاته في جعل بغداد، وعددا من المدن العراقية الاخرى، ساحة حرب يومية. سهلت ميلشيات laquo;جيش المهديraquo; على المعارضة المسلحة تعطيل النظام السياسي والامني والاقتصادي في البلاد من دون ان يملك الصدريون مشروعا سياسيا بديلا للنظام القائم. بل في ممارسات جماعة الصدر تناقض عجيب من خلال الانخراط في العملية الانتخابية، ترشحا وانتخابا وتمثيلا في البرلمان والحكومة، ثم نراهم يفسدون على الحكومة وجودها حيث تجاوزت عملياتهم العسكرية من خطف وقتل وتشريد واستهداف للمؤسسات الرسمية والخاصة اكثر من افعال أي عدو آخر للنظام. وبلغ تخريب الصدريين للنظام مرحلة اوصلت مسؤولين مثل رئيس الوزراء الى ان اتهم التيار بانه مليء بالمندسين، وصار حصان طروادة للبعثيين والطائفيين والعصابات، بل وحتى للقاعدة، وان قائد التيار، اي الصدر، صار مجرد يافطة استغلتها القوى المعادية للنظام.

وقد سبقت خطبة المالكي حملة عسكرية نفذتها القوات العراقية والامريكية ضد ميلشيات للصدر يعتقد انها وراء عمليات ارهابية ضد السنة وشيعة يختلفون معهم. موقف المالكي والهجوم على مواقع قواته احدثا ارتباكا في كل المشهد العراقي السابق حيث باتت السياسة الجديدة ملاحقة متطرفي الشيعة لا السنة وحدهم. وصارت هناك قناعة بان الجانبين، متطرفي السنة والشيعة، رغم خلافهم الديني واحيانا تصادمهم الميداني، فإن مصدرهم التمويلي واحد، هو ايران التي تحارب مع سورية الوجود الاميركي في العراقي منذ ثلاث سنوات. التحليل السياسي المبني على وقائع الاحداث يؤكد ان ايران تمول معظم العمليات الكبيرة، سنية وشيعية، بعثية وطائفية، وخلق مستنقع موحل لعدوهم الاميركي بالتعاون مع سورية التي فتحت اراضيها للمجاميع العربية من المتطرفين الراغبين في الشهادة الدينية على حساب القوات الاميركية.

ان موقف المالكي بملاحقة الصدريين صعب، لكنه يظل خطوة ضرورية، ولو أنه فعلها مبكرا لربما استطاع السيطرة على كل العراق بتركيز المعركة ضد الاطراف الأخرى. وقد ثبت للجميع ان الصدريين ألحقوا ضررا بالغا بالنظام العراقي الجديد اكثر من القاعدة او البعثيين، وما لم يستطع المالكي الامساك بكل الفرق المرتبطة بالنظام وإلحاقها بمؤسساته فإن مآل النظام السقوط، وهو أمل أعداء العراق الذين يعرفون ان البعثيين مجرد ظاهرة صوتية وواجهة لاطراف أخرى.

[email protected]