سعد محيو


التقارير الغربية تشير إلى أن الجيش ldquo;الإسرائيليrdquo; ldquo;يعد العدة لحرب كبيرة جديدة ستكون تقليدية هذه المرة، وأن عشرات آلاف الجنود ومجندي الاحتياط يتدربون الآن على تكتيكات هذا النوع من الحروبrdquo;.

لماذا حرب تقليدية؟ لأن القيادة العسكرية ldquo;الإسرائيليةrdquo; اكتشفت، على الأرجح، خلال الحرب على لبنان العام ،2006 أن الدولة العبرية، وبرغم امتلاكها لأعتى آلة عسكرية في الشرق الأوسط، غير قادرة على كسب الحروب غير التقليدية، أي حروب العصابات.

ولذا، فهي قررت العودة إلى المفاهيم العسكرية القديمة التي تبنتها منذ العام ،1948 والقائمة على شن الحروب الخاطفة التي لا تستنزف قواها البشرية والمادية المحدودة، والتي قد تحميها من الضربات الصاروخية في عمقها.

قال الكولونيل ldquo;الإسرائيليrdquo; نسيم هوري في هذا الصدد: ldquo;ما حدث في لبنان (حرب 2006)، وما يمكن أن يحدث ضد سوريا، أشبه بحرب جادة يدفع فيها كل طرف بقوات مسلحة مركبة ضد الآخر. ويعني ذلك تحولاً بمقدار 180 درجة في استعداداتناrdquo;.

وهذا بالتحديد ما تفعله ldquo;إسرائيلrdquo; الآن. فهي قامت بمناورات عسكرية ضخمة استمرت أحياناً أسابيع عدة في مرتفعات الجولان المحتلة، وفي صحراء النقب، تدربت خلالها وحدات من الجيش يصل حجم كل منها إلى فرقة، على اجتياح مواقع وقرى العدو، اعتماداَ على أسلوب المناورات الخاطفة الذي استخدمته ldquo;إسرائيلrdquo; لتحقيق النصر في حروب سابقة ضد الجيوش العربية أعوام 1956 و1967 و1973.

والسؤال الآن هو: إذا ما كانت ldquo;إسرائيلrdquo; قررت العودة إلى استراتيجتها القديمة القائمة على الحرب الخاطفة، فهل يجاريها العرب ليضمنوا لها بذلك النصر المحقق بسبب تفوقها التكنولوجي والعلمي التخطيطي الكاسح، أم يعمدون هم إلى فرض طبيعة الحرب وأساليبها؟

سوريا ربما تكون بالفعل في صدد إعادة تشكيل استراتيجيتها العسكرية بحيث تعتمد على شكل الحروب غير الكلاسيكية التي أثبتت نجاحها ضد القوات ldquo;الإسرائيليةrdquo; في جنوب لبنان، والتي تضمنت المزاوجة بين قوات الكوماندوس وبين استخدام الصواريخ ضد دبابات الميركافا والسفن الحربية ldquo;الإسرائيليةrdquo;. وإذا ما كان هذا صحيحاً، فستكون ثمة مفاجآت كبيرة بالفعل للمغامرات ldquo;الإسرائيليةrdquo; العسكرية المحتملة الجديدة.

بيد أن هذا التطور في حاجة إلى تدقيق وتوثيق، لأنه لن يكون من السهل على سوريا تحويل نفسها بين ليلة وضحاها من دولة بقوات نظامية ضخمة (زهاء 400 ألف جندي) تمتلك أساطيل جوية وبحرية، إلى دولة بقوات حرب العصابات.

فيتنام الشمالية استطاعت ان تفعل ذلك خلال الحرب ضد الأمريكيين في حقبة السبعينات من القرن الماضي لسببين: الأول، أنها كانت دولة ثورية ايديولوجية تضع في أولوية اهتماماتها مسألة التحرر الوطني لا البناء الاقتصادي. والثاني أن جيشها قام في الأساس على مبدأ حرب العصابات.

أما سوريا، فإنها تسعى سعياً حثيثاً الآن للانفتاح الاقتصادي والسياحي وجذب الاستثمارات من كل مكان. كما أن جيشها، وإضافة إلى كونه نظامياً تقليدياً، لا يستطيع التحول إلى ldquo;جيش ثوريrdquo; تابع لدولة ldquo;غير ثوريةrdquo;.

قد تستطيع سوريا تحويل بعض قوات النخبة إلى قوات حرب عصابات. لكن هذا لن يكون كافياً لمنع ldquo;إسرائيلrdquo; من تحقيق النصر العام في حرب تقليدية خاطفة، برغم الخسائر التي ستكبدها إياها قوات النخبة هذه. المطلوب سيكون أعمق بكثير: تغيير بنية، وأولويات، وعقائد ليس فقط القوات المسلحة السورية، بل أيضاً الدولة السورية نفسها.

وهذا أمر يبدو صعباً أو مستبعداً، حتى الآن على الأقل.