د. سليم الحسني

إنتقادات شديدة توجه بها الكثيرون ومنهم بعض كتاب فريق الملف، لمستشاري رئيس الوزراء السيد نوري المالكي.

كانت بعضها هادئة أرادت ان تلتزم التقييم الموضوعي، وتوجه النقد الى نقاط الخلل، ملاحظات صادقة تهدف الى التسديد ولفت النظر الى نقاط حساسة غفل عنها المستشارون بحكم الزحام الميداني والتعقيد الكبير الذي يغرق العملية السياسية في العراق.

وكان بعضها نقداً لاذعاً وصل درجة السخرية والشتيمة المباشرة.

لا يمكن أن نصف طاقم المستشارين بأنه سيئ، أو جيد، فالتجربة لم تصل بعد الى مستوى العمل المؤسساتي، كما أنها لم تخرج عن نطاق الدوائر المحدودة المتداخلة والمتقاطعة.

وهذا ما يفسر لنا الشكوى ذات النبرة الحادة التي أعلنها الإعلاميون في العراق ضد المستشار الإعلامي، وكتبوا مقالاتهم في مواقع الانترنت، يروون حكايات كثيرة عن المضايقات التي يتعرض لها الاعلاميون، وعن العزلة المضروبة على رئيس الوزراء.

وفي اجواء يحكمها الاستياء والتوتر والتحرق، تتسع الصورة لتبسط مساحتها على فريق المستشارين كلهم، وليس على واحد أو على عدد محدود.

بل ان الصورة تتسع لتدخل رئيس الوزراء فيها، وتضعه في دائرة اللوم، مع أن المعروف ان المالكي ترك المجال لحزب الدعوة لأن يختار مستشاريه وطاقمه العملي. وكان ترشيح الأخ ياسين مجيد لمنصب المستشار الإعلامي بإقتراح ملح من وزير التربية الدكتور خضير الخزاعي عضو قيادة الجناح المنشق عن حزب الدعوة (تنظيم العراق)

ويرتبط الخزاعي بعلاقة تاريخية ومناطقية مع ياسين مجيد نظراً لإنحدارهما من مدينة العمارة، وكثيراً ما يولي الوزير الخزاعي أهمية لهذا الجانب ويسعى باصرار كبير على تقريب سكان مدينته، وتبنيهم منذ كان يتولى مسؤولياته في حزب الدعوة، وسأتحدث عن ذلك عند الحديث عنه في سلسلة (رجال عرفتهم).

نجح الوزير الخزاعي في إقناع المالكي بأن يتولى ياسين مجيد منصب المستشار الإعلامي، وأستقدمه من طهران ليمارس مهامه الجديدة.

وكان المتوقع من ياسين مجيد بحكم صداقاته مع الكثير من الصحفيين العراقيين، أن يفتح امامهم الأبواب، لأنه كان كثير الشكوى من اجواء حزب الدعوة لأنها لا تستقطب الطاقات حسبما كان يكرر، حتى لجأ الى ترك الحزب والإنغماس في عمله المهني في مجلة صوت الوحدة بعقد مع وزارة الارشاد الايرانية.

لقد اصيب الكثير من اصدقاء ياسين مجيد ومن زملائه الاعلاميين حين وجدوه يضع الحواجز امامهم، ويحاول أن يضرب طوقاً عاليا من العزلة حول رئيس الوزراء، بل أن الشكاوى وصلت الى درجة تدخله في المؤسسات الاعلامية وفي الاسئلة التي يوجهها المراسلون للسيد رئيس الورزاء.

من حق الاعلاميين ان يعترضوا وان يشتكوا، وعلى بقية المستشارين أن يتقبلوا النقد والملاحظات وحتى القسوة في الكلام التي تطالهم، لأنهم جزء من فريق عمل.

السيد ياسين مجيد صحفي ناجح، ومراسل اثبت جدارته عبر عمله الصحفي، فقد بدأ محرراً مبتدئاً في جريدة الجهاد التي تأسست أواخر عام 1981، وترأس تحريرها الاستاذ محمد عبد الجبار الشبوط، وكانت اول صحيفة معارضة في الوسط الاسلامي العراقي.

وحسب معلوماتي فان الدكتور فخري مشكور الذي كان له فضل تأسيس الصحيفة اقترح على الشبوط توظيف احد المحررين الناشئين، وتدريبه للعمل، وهذا ما حدث.

وقد اولى الشبوط اهمية خاصة لياسين مجيد واهتم به، حتى اصبح محرراً ناجحاً، وظل ياسين مجيد لسنوات طويلة يعترف بفضل الشبوط عليه، ويشير الى استاذيته في مجال الصحافة. لكن مكانة الشبوط بهذا الفضل والمنزلة في نفسه، إختفت حين عبر ياسين مجيد الحدود الى العراق، فقد نسي استاذه الأول في مجال الصحافة، بل أن الشبوط ظل يعاني من مضايقات كثيرة في جريدة الصباح، مع انه يكتب عموداً فيها لا أكثر، ورضي بقدره محرراً على هامش صحيفة الوطن الكويتية، يواجه هاجس ايقاف عموده اليومي في الصباح كل يوم.

لم يقدم الشبوط شكوى ضد ياسين مجيد، لم يطلب منه وظيفة، لكن الاخرين يتحدثون عن هذه الظاهرة التي تسربت الى فريق عمل المالكي، كيف يمكن لهذا الفريق الذي يفترض ان يستقطب الطاقات والخبرات، يصعب عليه ان يتعاون مع استاذ قديم.

لا أظن ان مستشاري المالكي سينزعجون عندما يقرأون هذا الكلام، لقد أردت أن أدافع عن بعض الذين يبدون ملاحظاتهم، ثم انها مجرد سرد للتاريخ.

مركز العراق الجديد للإعلام والدراسات في بريطانيا