بغداد ـ علي البغدادي
تلقي حوادث السرقة والسطو المسلح المتواصل على المصارف العراقية او على السيارات المصفحة لنقل النقود بظلال ثقيلة على قدرة القطاع المصرفي في النهوض بمتطلباته، لما لهذه الاعمال من تداعيات تخلفها على محاولات اقناع المصرفيين العرب بالدخول الى السوق العراقية وفتح فروع لمصارفهم فيها.
وكان العراق قد شهد الاربعاء الماضي واحدة من اضخم السرقات في تاريخه، وذلك عندما اقدم حراس مصرف quot;دار السلامquot; الخاص في شارع السعدون التجاري (وسط بغداد) على سرقة مبلغ 282 مليون دولار في وضح نهار والفرار الى جهة مجهولة.
وسجل العام الماضي حوادث عدة ابرزها قيام مسلحين يرتدون بزات رسمية بسرقة ما يقارب 800 الف دولار من سيارات مصفحة تابعة لمصرف اهلي في منطقة المنصور (غرب بغداد) في وضح النهار، وسرقة نحو 7 ملايين دينار عراقي في حادث سطو مسلح على مصرف في الاعظمية (شمال بغداد) ومقتل عدد من الموظفين.
كما تمكن مسلحون من السطو على مصرف في منطقة العامرية (غرب بغداد) وسرقة مئات الملايين من الدنانير، بينما فشلت عمليات استهدفت مصارف اخرى في مختلف انحاء بغداد، الامر الذي يلقي اعباء اضافية على المصارف لتغطية التأمين على النقود في حالة الخسارة.
هذه الحوادث جعلت خبراء وتجاراً يبدون مخاوفهم من استمرار مثل هذه العمليات على المصارف الحكومية والاهلية، وارغم الكثيرين من المصرفيين والتجار على اختيار المنفى والاستثمار في الدول المجاورة وتداول اموالهم في البورصة وخصوصا في دول الخليج وبورصة عمان والقاهرة التي تشهد نشاطا.
المصرف المركزي العراقي اكد أن هناك محاولات يجريها المسؤولون لديه لاقناع المصرفيين العرب بالدخول الى السوق العراقية وفتح فروع لمصارفهم فيها.
وقال مصدر في المصرف لـquot;المستقبلquot; ان quot;الوضع الامني يشكل تهديدا يقف حجر عثرة امام رغبة العرب والاجانب بفتح مصارف في العراق، وهي خطوة يسعى المصرف المركزي لتحقيقها بهدف احداث تغيير جذري في السياسة المصرفية في البلادquot;.
واضاف المصدر quot;ان محاولات سابقة جرت مع الاردن ومصر بهذا الخصوص بعد ارسال وفود من المصرف المركزي العراقي اليهما، الا انها لم تفلح بشيء بسبب الوضع الامني غير المستقر، حيث ابلغ المسؤولون في هاتين الدولتين الوفود العراقية، بـquot;أن التوترات الامنية في العراق تمنع المصارف من العمل فيهquot;، مشيرا الى quot;ان عمليات السطو الاخيرة على بعض المصارف العراقية في بغداد كانت احد الاسباب المعرقلةquot;، مؤكدا في الوقت نفسه quot;ان المصرف المركزي منح تراخيص لعدد من المصارف الاجنبية والخليجية لفتح فروع لها في العراق خلال الاعوام التي تلت احداث نيسان (ابريل) 2003quot;.
واعتبر خبير مصرفي رفض الكشف عن اسمه quot;ان ما يجري من عمليات سطو على المصارف هي ظاهرة مفتعلة، وذات اهداف مقصودة لخلق ازمة مالية وارباك الوضع الاقتصادي وزعزعة الثقة بالقطاع المصرفي المعروف بعراقتهquot;.
واضاف في حديث لـquot;المستقبلquot; ان quot;الكثير من الموظفين يعيشون برعب كبير مخافة ان يتم اقتحام مصارفهم من قبل اللصوص في ظل الظروف الامنية الصعبة وقلة الحماية المتوفرة لعدد غير قليل من المصارفquot;، مشيرا الى ان استمرار مثل هذه الاعمال ارغم عددا كبيرا من المستثمرين على سحب اموالهم من المصارف المحلية وايداعها في مصارف دول الجوار، فضلا عن تراجع الاقبال على الايداع نتيجة قلة الفوائد الممنوحة وعدم وجود مشاريع استثمارية لتشغيل اموالهمquot;.
والقى باللائمة على من وصفهم بـquot;مافيات متمرسة ومتعاونة مع جهات داخلية وأقليمية لسرقة هذه المصارف وتخريب الاقتصاد العراقي وزعزعة الثقة فيه بالتزامن مع حالات الارهاب والعنف التي تقف وراءها جهات خارجيةquot;.
وكانت المصارف العراقية شهدت عقب سقوط النظام في نيسان (ابريل) 2003 عمليات سرقة منظمة واعمال نهب لمئات الملايين من الدولارات، اما التجار فقد اثروا الرحيل نتيجة الوضع الامني المضطرب.
التعليقات