عبدالعزيز السويد
من طريق البريد الالكتروني يتناقل السعوديون مشهداً مصوراً لرجل مرور يجلس على دراجته النارية وبين يديه دفتر، يطالع الرجل في السيارات المارة ثم يكتب، ينهي الورقة الأولى ليفتح صفحة أخرى، ثم يدون في ورقة جديدة، وهكذا إلى أن ينتهي المشهد.
لست اعلم في أي مدينة كان، فالعدسة ركزت عليه وهو يكتب على دراجته النارية، فلم تظهر لوحة laquo;الدراجةraquo;، وللأمانة فقد كان يرفع رأسه مفكراً أو متذكراً قبل طي صفحة قديمة ومباشرة صفحة جديدة.
ولأنني أحسن الظن، قلت: ربما هو رجل مكافح يواصل تعليمه ليلياً ويقوم بحل الواجب بالنهار لذا فهو يستحق مكأفاة! إلا أن أكثر المعلقين على المشهد اللطيف جزموا بأن ما بين يديه ليس سوى دفتر مخالفات مرورية، ولمّا دققت النظر بدأت اشك في ظني.
ومخالفات المرور في السعودية لها حكاية. الضباط المسؤولون قالوا، في مناسبات أخرى، إنها دقيقة، ولا حقيقة لما يشاع من أن هناك تحريراً جزافياً أو مزاجياً يقوم به رجل المرور للمخالفات، والناس أو بعضهم لا يصـــدقون. والمشاهد المصورة على الانتـــرنت والبــــلـــوتوثات التي تلاحق الأخطاء العامة مفيـــدة لأي جهاز يريد إصلاح أدائه وتطويـــره، ولو كنت معنياً في أي جهة لوظفت شباباً للرصد والتأكد والتدقيق، فهذا مراقب مجاني هطل علينا من الانترنت، وتيسر التصوير بأجهزة الجوال والكاميرات الصغيرة جعل لهما فاعلية رقابية.
وعن المرور والسلامة أيضاً أرسل لي الأخ تركي صوراً لشاحنات تسير في شوارع الرياض، خصوصاً الدائري، وهي محملة بأغراض شتى، حديد تسليح، اسمنت، خردة، وهي خطرة على السلامة خطورة شديدة، خصوصاً ان نسبة مهمة منها لا تتبع تعليمات شحن هذه البضائع بما يكفل عدم سقوطها على الطريق. ويظهر أن المرور السري الذي يلاحق المسرعين من السائقين اخذ التركيز والجهد، فلم نعد نرى اهتماماً يذكر بهذه المخالفات، والدليل شيوعها، وقبل صور القارئ العزيز وبعدها أرى ذلك يومياً، بل في يوم كتابة هذا المقال، شاحنة تحمل لفات أسلاك ضخمة أسقطت حمولتها في منحنى خطر في الدائري الجنوبي.
وتصبح القيادة في الرياض مقامرة أكثر خطورة، ومن العبارات التي يحرص المرور عليها، laquo;القيادة فن وذوق وأخلاقraquo;، قلت غير مرة، ان الإشارة إلى laquo;الفنraquo; توحي خصوصاً لصغار السن بأنها شطارة، والفنان هو من يكسب السباق، والأفضل أن تعاد صياغتها إلى laquo;القيادة صبر وذوق وأخلاقraquo;، واقترح أن تغير تلك اللوحة التي تعتلي مقر إيقاف المخالفين في مرور الرياض، فكم نحن بحاجة لأن نعلم أنفسنا فضيلة الصبر والتصبر، خصوصاً ونحن وراء مقود السيارة مشغولون بالثرثرة.
التعليقات