زهير محمد جميل كتبي

كنت في القاهرة وأهداني صديق لي شريطاً اسمه raquo;هز يا وزlaquo; وسمعته وهو لأحد المطربين الشباب الجدد, من جماعة سلق البيض, فوجدت فيه اغان كثيرة ومن ضمنها اغنية يقول فيها هذا المطرب العظيم أحبك يا حمار وكل مفردات الأغنية تدور حول حب الحمار والحمير.
حقيقة أن مثل هذه الأغاني خير دليل على الانحطاط العربي, والذي وصل اليه الفن العربي, الغريب ان وزارة الاعلام ليس لها مهمة شاقة الا مراقبة الكتب ومنعها واشرطة تحمل كلماتها كل كلمات الانحطاط والاستخفاف بالذوق العام تجيزها وترخص لتسويقها.
هذا الجيل من الشباب يجب حمايته من نفسه, ثم حمايته من تحديات المرحلة, ثم حمايته من الانجراف وراء هذا الانحطاط.
ماذا تعني كلمات هذه الاغنية القبيحة?!
أليست هي دليلا ماديا على مزيد من الانحطاط العربي الذي تعيشه امتنا العربية اليست.. هي دليلا على السوقية التي تعيشها الأمة?
أليست هي دليلاً على التراجع الفني الذي يعيشه الشارع العربي حين يقبل شراء مثل هذه الاشرطة? فهذا يعني قبوله لهذا النوع من الانحطاط? ماذا جرى للفن في مصر حتى يقبل الشارع المصري مثل هذا النوع من الاغاني وغيرها من الاغاني السوقية? أين عقلاء وكبار رجال ونساء الفن المصري حتى يصمتوا عن هذا الانحطاط?.
ماذا يقول عنكم العالم حين يسمعون احدى روائع سيدة الغناء العربي السيدة أم كلثوم, ويسمعون هذا الشريط? طبعا من الصعب جداً , ايجاد حالة مقارنة بين القمة والسفح .
أرجو الا يفهمني أحد من القراء بأنني اقلل من قيمة هذا البهيم الحمار والذي له مكانة ومكان مميزان في حياتي, وكتبت عنه أجمل المقالات بل انني من حبي فيه سميت أحد مؤلفاتي بعنوان: أنا وحماري, بيد أنني ازعم لو أن الحمير لو سمعت هذا الشريط لتقدمت بشكاوى او دعوى قضائية ضد المطرب والكاتب والملحن والموزع لهذا الشريط لان الجميع استغلوا اسم الحمار في عمل غير مشروع, بل انه عمل يسيئ اليه واذا أراد ان يفتخر صديقي بالحمار فعليه ان يفتخر تاريخيا بأن أحد الخلفاء العباسيين قرن المؤرخون اسمه بالحمار, كما ان الحمار شعار أحد الاحزاب السياسية الاميركية التي تقلدت الحكم .
وبعد ان سمعت شريط هذا الاغنية raquo;بحبك يا حمارlaquo; ترضيت وترحمت على زمن اغاني عدوية وكمن ننه, والسح اندح بل ان اغاني شعبان عبدالرحيم تعتبر رحمة ومتقدمة عنها وعلى أبنائنا ان يفتخروا في المستقبل البعيد بهذا النوع من الاغاني, فربما في المستقبل تظهر علينا أغان أسوأ من هذا الانحطاط, والذي يجسد تدهور أوضاع امتنا العربية ويا أمان الخائفين !.

لقد سئمت من سماع كلمات التنديد والنذالة, وهي الاستنكار والإدانة والى متى سوف تظل الأمة العربية والاسلامية تستخدم هذه المصطلحات في سلوكياتها السياسية العامة والصمت العربي تجاه هذه الازمات الساحقة بالشارع العربي , وتخدير الشارع العربي بكلمات .. الاستنكار .. و .. الإدانة? كان الحكام العرب يستنكرون أي إهانة للمواطن العربي بالفعل وليس بالقول , مثلما فعل المعتصم بالله حين غزا عموريه عندما استجارت امرأة به وصرخت صرخة دوت وظلت تدوي في التاريخ العربي حتى الآن فمتى نلغي مثل هذه الكلمات من القاموس السياسي العربي لنصبح أمة فعل لاقولا وكذبا وخوفا?

لا أعرف لماذا حتى الان لم أجد أي توضيح من علماء وفقهاء الأمة نحو العقال والذي يضعه فوق الرأس, كل شعوب الخليج العربي وربما غيرنا هل هو حرام, وانه لا يجوز لبسه ووضعه فوق رؤوسنا? فاذا كان ليس في لبسه حرمة فلماذا لا يلبسه علماؤنا ورجال الدين? أريد جوابا شافيا , وغيري يريد ذلك ايضاً ?.

نستخدم مصطلح الغزو الفكري في معظم خطاباتنا كعرب فهو يستخدم في الخطاب السياسي الرسمي , وخطابنا الديني الرسمي والشعبي, وايضا يستخدمه الكثير والكثير من المثقفين والكتاب والادباء والمفكرين, وفي ظني ان الغزو كلمة تعني ضعفنا وتمزقنا, ومعناه ان القوي واعني به عدونا وعدو قيمنا وديننا واخلاقنا قد فرض علينا كل ما يريده من قيم واخلاق . فلو كنا اقوياء لما استطاع الغازي ان يدفعنا لاستخدام هذا المصطلح البغيض فمتى نستطيع ان نلغي استخدام هذا المصطلح الضعيف?.

لماذا لم يخدم المال الخليجي الإنسان الخليجي? فعندما نمعن النظر في القيادات الادارية التي تدير كبرى المؤسسات والشركات الخليجية نجد انهم من الاجانب فلماذا يبعد المواطن الخليجي من قيادة تلك الشركات والمؤسسات?.
ثم لماذا لا يعين الكبار المستشارين الخاصين بهم من ابناء الخليج? فالمواطن الخليجي يجيد التفكير, ويحسن فعل الاستشارة . فالمواطن الخليجي يعرف ان الفكرة تنبع من فكرة او معلومة او من جلسة . فالخليجي يفعل .. العصف الفكري .. ثم يخضعه لخدمة مصالح وطنه , ومصالح مؤسسته ومصلحة مجتمعه.. اتمنى على رجال الاعمال والاقتصاديين ان يعتمدوا في ادارة مؤسساتهم على الفكر الخليجي .. فجحا أولى بلحم ثوره .
والله يسترنا فوق الأرض, وتحت الأرض, ويوم العرض وساعة العرض, وأثناء العرض .