نهى حوا
بدا أن الديمقراطيين في الانتخابات الأميركية لعام 2006 قد احتلوا مقاعد الكونغرس بسبب حرب العراق. كان التدهور الكارثي الذي عرفه احتلال العراق مطلع عام 2006 سببا كبيرا في ذلك، إلى جانب الاستياء القوي لدى الناخب الأميركي من جملة الأكاذيب التي مارستها الإدارة الأميركية في ظل حكم الجمهوريين.
لكن لم يمض وقت طويل على ذلك حتى بدأت تظهر أصوات منددة بمواقف الديمقراطيين الانتهازية الانتخابية، وكان أبرز المنتقدين لهم المناهضة للحرب سيدني شيهان التي عبرت عن خيبة أملها واستيائها من فشل الديمقراطيين لإنهاء الحرب وهي القضية التي جرى انتخابهم من أجلها.
والواقع أن مواقف الديمقراطيين ما زالت إلى اليوم تتسم بالغموض والارتباك بالنسبة للبعض في ما يخص الحرب على العراق التي يقال إن موقعها كقضية تراجع في الانتخابات الأميركية الخاصة بالحزبين لعام 2008.
وهذا يخلق برأي المحللين ضعفا في حملتهم الانتخابية يبعد عنهم المصداقية والثقة، وواقعا يراهن عليه الجمهوريون في الانتخابات المقبلة. وتشكل هذه الجولة من الانتخابات في الولايات المتحدة مقياسا هاما لتبيان ما يحدث على مستوى الرأي العام الأميركي، ولذا يعطيها السياسيون الأميركيون أهمية خاصة .
يقول المرشح الجمهوري جون ماكاين في إحدى المناظرة حول الحرب وهو من المؤيدين لبقاء القوات الأميركية في العراق لأكثر من خمسين سنة إذا أمكن ذلكlaquo;نحن لم نخسر معركة واحدة في فيتنام، لكن الرأي العام الأميركي هو الذي أجبرنا على خسارة الصراع مع الفيتناميينraquo;، مضيفا بأن الفيتناميين لم يكونوا يريدون اللحاق بنا إلى ديارنا، بل يريدون بناء جنتهم.
وهناك تساؤل جدي حول مدى صحية تراجع الموضوع العراقي في الانتخابات كما يجري الترويج له في الإعلام. فاستطلاعات الرأي المنشورة في الولايات المتحدة خلال الانتخابات الحالية تشير إلى أن الجمهور الديمقراطي في مقاطعات ايوا ونيو هامشير وجنوب كارولينا ما زالوا يرون العراق الهم الرئيسي في الانتخابات الرئاسية،
وهم laquo;عموما يدعمون انسحاب القوات الأميركية في العراق بأسرع وقت ممكنraquo;، مع الإشارة إلى كون المرشحين الديمقراطيين ركزوا خطاباتهم في الأشهر الأخيرة بعيدا عن العراق. ويذكر في هذا الصدد ان المرشحين الأربعة الديمقراطيين للرئاسة لم يحضروا جلسة التصويت بتاريخ 18 ديسمبر 2007 على موضوع تمويل الحرب ب70 مليار دولار إضافية،
الأمر الذي يشير إلى أهمية حرب العراق في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وهم ما زالوا يضعون ضمن أجندتهم إنهاء الحرب في العراق على أساس عودة الجنود أو إعادة جدولة الانسحاب التدريجي. وهناك من ينتقد مواقف الديمقراطيين لعدم تضمينها خطة واضحة لكيفية سحب الجنود مما يعتبره البعض انه يفتقد إلى الوضوح لناحية إنهاء المهمات القتالية في العراق.
ويرى البعض أن عدم إثارة المرشحين الديمقراطيين في خطاباتهم وبرامجهم مؤخرا على الرغم من إبقائها في برامجهم لا يعود لكون العراق لم يعد موضوعا جذابا يشد أصوات الناخبين بقدر ما يعود إلى كون المرشحين الديمقراطيين ليس لديهم إمكانية فعلية للخروج عن السياسة الأميركية المتبعة والتي تحددها في نهاية المطاف المصالح الحيوية للولايات المتحدة في المنطقة.
فالانسحاب من العراق يشكل انتكاسة كبيرة لهم وللمخططين للسياسة الأميركية على المستوى العالمي. الأميركيون يخططون لوجود طويل الأمد في العراق، على الرغم من رفض أكثر من نصف أعضاء النواب استمرار الاحتلال في العراق في تاريخ سابق من سنة 2007.
وقد وقعت وثيقة إعلان نوايا غير ملزمة بشأن العلاقات الأميركية العراقية المستقبلية بين بوش والمالكي في 27 نوفمبر 2007 تتناول من بينها وجود طويل الأمد للقوات الأميركية، حيث إن عام 2008 سيكون آخر عام للتفويض الممنوح من الأمم المتحدة للقوات التي تقودها الولايات المتحدة في العراق. كتبت الاسوشييتد برس حينها أن الحكومة العراقية حصلت مقابل ذلك ضمان أميركي للأمن العراقي بما في ذلك الانقلابات العسكرية.
من الواضح أن هذا العام سيشكل مرحلة هامة في تاريخ العراق، علما أن الأوضاع صعبة للغاية في ظل الانقسام القائم وزيادة قوة قادة محليين وفي ظل سياسة أميركية تقليدية تستند إلى منطق laquo;فرق تسدraquo;،
فهل سيستطيع العراق الخروج من هذا المستنقع وهل سيكون قادته على مستوى الوعي المطلوب منهم، وهل ستستطيع بنيته التحتية التي ارسيت من مؤسسات ودستور وبرلمان وانتخابات ان تقف سدا منيعا لما يخطط له من مختلف الاتجاهات.
- آخر تحديث :
التعليقات