حسين حافظ
كثرُ الحديث عن الاستراتيجية الشرق اوسطية الجديدة للرئيس بوش، وكأن العالم امام افق جديد او تحول خطير في الاستراتيجية الامريكية.
لكن وكما هو الحال في المرات السابقة لم يفاجأ أحد بأن هذا الحديث لم يتجاوز حدود المحاولات الرامية لتعديل التكتيكات المستخدمة في الحرب ضد العراق، وفي الموقف من ايران، وحتى في المحاولات غير الجادة لحل الصراع العربي - الصهيوني.
حسناً فعل بول وول وود في كتابه ldquo;حالة انكارrdquo; حين بينَ ان الرئيس الامريكي حاول انكار ما لا يمكن انكاره في الكثير من المواقف والسياسات الخاطئة التي اعتمدها سواء في العراق أو بالنسبة للموقف من ايران ناهيك عن الموقف المتعلق بتصحيح السياسة الامريكية في التعامل مع مسألة الصراع العربي الصهيوني، وضرورة ان تكون الولايات المتحدة فاعلاً ايجابياً متوازناً بين جميع اطراف النزاع .
ومن المؤسف حقاً ان رئيس الدولة العظمى الوحيدة في العالم لازال يعتقد ان القوة وحدها قادرة على تحقيق كل شيء، متناسياً المأثرة العظيمة التي تركها نابوليون لكل الساسة الذين تراودهم احلام النصر من خلال القوة بقوله ldquo;لقد ادهشني كثيراً عجز القوة عن الاتيان بنصر حاسمrdquo;.
وذلك يقودنا الى معاودة قراءة خطاب الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك حين نصح الرئيس الامريكي بوش عشية غزوه العراق بعدم الخوض في مغامرة كهذه، متوسلاً إياه بمعاودة قراءة الحقائق التاريخية لكل أشكال الصراع في العالم، وداعياً كذلك الى تبني لغة الحوار والاعتدال لحل المشكلات الدولية العالقة، وخاصة المشكلة الفلسطينية، ومحذراً من مغبة استنهاض العنف في الكثير من بقاع العالم لأن ذلك مدعاة لتصاعد الإرهاب، وكافٍ لفتح أبواب جهنم على العالم الغربي بحسب وصف الرئيس الفرنسي.
اليوم يعاود الرئيس بوش محاولته خداع المجتمع الدولي والعالم العربي بخصوص مسألتين:
الاولى العزف على وتر الخطر الايراني على منطقة الخليج العربي وهو العزف المتكرر الذي مارسه الرئيس الاسبق بوش الأب وانتهى الى كذبة امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل وبالتالي ضياع العراق الامة والدولة .
اما المسالة الأخرى فهي العودة الى تاكيد ما كرره في مناسبات متعددة من ضرورة اقامة دولة فلسطينية الى جانب دولة ldquo;إسرائيلrdquo; في الوقت الذي يؤكد فيه انحيازه الفاضح للكيان الصهيوني سواء على مستوى المواقف الحكومية الرسمية أو المواقف الشخصية، ولعلنا نتذكر جيدا خلال مؤتمر انابولس كيف انه اصر على تسمية ldquo;إسرائيلrdquo; الدولة اليهودية وهو اصرار ينم عن عنصرية مقيتة عرف بها منذ اللحظات الاولى لتسلمه دفة الحكم في الولايات المتحدة وادعائه بأنه ينفذ إرادة الله في الارض، وأنه تحاشى الحديث عن القدس وعن حق العودة للاجئين،مكتفياً بالاشارة الى المنظمات الفلسطينية الجهادية كحماس والجهاد الاسلامي على انها منظمات ارهابية ينبغي التخلص منها ضمانا لأمن ldquo;إسرائيلrdquo;، وذلك يقودنا الى الاعتقاد باللاجديد في استراتيجية بوش الجديدة في حل القضية الفلسطينية.
جولته الشرق أوسطية لا تعدو ان تكون محاولة بائسة لمعاودة خداع المجتمع الدولي وخاصة الدول العربية بامكانية نجاح استراتيجيته في العراق، وكذلك في امكانية توجيه ضربة عسكرية لايران على غرار ما كان يفعله هو واسلافه ضد العراق، علماً بأن الدلائل الواقعية تشير إلى عكس ذلك في الكثير من المحاور الاساسية لمستلزمات نجاح الحروب في العالم، أو في محاولة خلق حشد اقليمي ودولي لمواجهة إيران.
اليوم لا يبدو على الدول العربية انها راغبة في ان تكون طرفا في أية مواجهة مقبلة للولايات المتحدة سواء مع إيران أو مع سواها من الدول الأخرى، خاصة بعد ضياع العراق ومن قبله فلسطين على يد صناع الاستراتيجيات الكونية الامريكية، وذلك ما يؤكد فشل بوش في تسويق استراتيجية اللاجديد للدول العربية مهما بذل من جهود.
التعليقات