فهد الفانك

يبدو للمستعجل أن السياسة الأميركية في الشرق الأوسط عشوائية، تعتمد الفوضى الخلاقة، وليس لها اتجاه مفهوم وأهداف محددة. والحقيقة أن تلك السياسة تنطلق من إستراتيجية مدروسة، تتغير حسب الظروف المتغيرة لتحقيق أهداف ثابتة.

تنطلق إستراتيجية أميركا اليوم من محاربة الإرهاب (الإسلامي)، وتحقيق استقرار نسبي في العراق يسمح لها بإدعاء الانتصار والانسحاب دون إراقة ماء الوجه والظهور بمظهر المهزوم.

في المجالين هناك نقاط التقاء بين المصالح العربية والأميركية، فأميركا لا تستطيع تحقيق شيء في المنطقة بدون حلفاء من داخل المنطقة، لكن هؤلاء الحلفاء العرب يجب أن تكون لديهم شروطهم للتعاون، بحيث يعينون أميركا مقابل أن تعينهم أميركا، أما التحالف مع إسرائيل فنتائجه عكسية.

عند احتلال العراق بدأت أميركا بالتحالف الرسمي أو الضمني مع الشيعة السياسية، مما فتح الباب لتوسع النفوذ الإيراني في العراق لدرجة أخذت تهدد استقرار وهوية العراق وأمن قوات الاحتلال، فتحولت إسـتراتيجيتها إلى احتواء إيران، وانتقلت من دعم المنظمات الشيعية الموالية لإيران، إلى دعم السنّة ممثلة بالعشائر وبرامج الصحوة التي تقوم على حافز مادي وتسليحي تقدمه أميركا، وقناعة بأن الاحتلال الأميركي إلى زوال والاحتلال الإيراني إلى بقاء، وبالتالي فإنه الأشد خطورة والأولى بالمقاومة. بعض الدول العربية تؤيد احتواء إيران ولو لم تصرح بذلك علناً، وتتخوف من تحولها إلى دولة ذرية تبسط نفوذها على المنطقة، أو تقتسم النفوذ مع الدولة الذرية الأخرى -إسرائيل.

ومحاربة الإرهاب نقطة التقاء أخرى، لأن الإرهاب يهدد الأنظمة العربية أكثر مما يهدد أميركا، التي لم تتعرض لعملية إرهابية منذ سبع سنوات، لكن التعاون العربي الأميركي يجب أن يكون مشروطاً : فهناك إرهاب إسرائيلي يتمثل في الاحتلال الذي يمارس الحصار والاغتيالات السياسية ومصادرة الأراضي بما يصل إلى مستوى جرائم الحرب، أو إرهاب الدولة.

احتواء إيران ومحاربة الإرهاب أهداف يمكن لدول الاعتـدال العربية أن تلعب دوراً هاماً فيها إذا لعبت أميركا دوراً في تحقيق الأهداف العربية: عودة العراق إلى الحظيرة العربية، وقيام دولة فلسطينية مستقلة في حدود 1967، والتمييز بين الإرهاب ومقاومة الاحتلال، وإعلان الشرق الأوسط منطقة خالية من السلاح الذري.